تزامنًا مع ذكريات اندلاع الثورة السورية في مثل هذه الأيام منذ أربع سنوات، دشن المغردون العرب هاشتاج باسم #علمتني_الثورة_السورية، ليكتب كل منهم ذكراه مع هذه الثورة وليسجل كل منهم ما علمته إياه هذه الثورة على مدار أربع سنوات لم ينقطع فيها سيل دماء الشعب السوري ولم تنضب أرض العالم بمشرديه.
لقد فتحت هذه الثورة أذهان الكثير من العرب على ما غاب عنهم من أمور؛ فهي ثورة لشعب بكل أطيافه بمختلف فئاته الاجتماعية بمختلف الأعمار والذهنيات ومستويات التعليم والفهم والإدراك في الهم العام ضد نظام، فصار الإنسان العربي بعد هذه الثورة وغيرها من ثورات الربيع العربي يدخل نقاشات حول الحرية وكيفية ممارستها ومفهوم الحقوق والواجبات والاستقلالية الشخصية ومفهوم السلطة والانتخابات والديموقراطية والحرية الدينية والفكرية، حيث أدرك الإنسان العربي أنه أصبح فاعلًا وليس مفعولًا به كما يراد دائمًا.
هذه الثورة أيضًا مثلت للكثيرين رمز صمود شعب أمام آلة عسكرية لنظام قمعي مستبد قتلت نحو 250 ألف مواطن سوري ورغم ذلك فهي مستمرة مع استمرار آلة القتل والتدميرحتى هذه اللحظة، حيث تداول نشطاء سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر طائرات حربية للنظام تقوم بقصف أحياء سكنية في العاصمة دمشق وبالقرب منها، قالوا إنها طريقة احتفال النظام السوري في الذكرى الرابعة لـ “الثورة”.
10 ملايين بين نازح ولاجئ داخل وخارج الأراضي السورية، حيث كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي أنَّ أعداد اللاجئين السوريين تجاوزت 5 ملايين و835 ألف، يشكّل الأطفال أكثر من 50%، بينما تبلغ نسبة النساء 35%، و15% من الرجال، فيما ذكرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أنها تفتقد للرقم الحقيقي ولا تذكره في إحصاءاتها، وذلك بسبب أن الكثير من اللاجئين السوريين وصلوا إلى دول اللجوء عبر طرق وممرات حدودية بطرق غير شرعية، خوفًا من عدم استقبالهم، كل ذلك يعانون منه جراء المطالبة بإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من 44 عامًا ليتم تدوال سلمي للسلطة داخل البلاد، غير أن هذا النظام عمد إلى القوة لإخماد هذه الثورة والذي اضطرها إلى أن تنحى إلى الخيار المسلح للدفاع عن الشعب؛ فذاقت سوريا ويلات الدخول في صراع مسلح غير معلوم النتائج.
هذه الأرقام والإحصائيات المؤسفة لم تختلف عنها كثيرًا تفاعلات المشاركين على موقع التواصل الاجتماعي الذين عبّروا عن هذه المآسي التي تشهدها سوريا عبر كلمات في ذكرى انطلاقتها.
كما حاول البعض أن يعدد أسباب تألمهم من الموقف العربي من هذه الثورة، لكن لم يستطيع أحد أن يفرق بين تنويعات هذا الموقف، بل آثر الجميع أن ينظر إليه كحالة عامة مجمعة، وهو منطق يروق دومًا لكل مصدوم في الواقع.
في ظل اعتبار هذه الثورة هي الكاشفة للكثير من الأوهام التي ترددت على آذان الجمهور سنين عدة، غرد هذا المشارك في هاشتاج #علمتني الثورة السورية حيث أكد أن محور الممانعة والمقاومة ما هو إلا أكبر كذبة خدعت بها الشعوب:
#علمتني_الثورة_السورية
أنّ "محورالمقاومه والممانعه " أكبر
كذبة خُدع بها كثير من الشعوب
العربية والاسلامية!!— محمد عبدالله الوهيبي (@mohammadalwh) March 19, 2015
وهذا ما أكده مغرد آخر ولكن بالصورة التي تعبر عن أنه ليس كل من يزعق بضرب إسرائيل سيفعل بل بعضهم سيبدأ بضرب سوريا في إشارة لتدخل حزب الله لحماية النظام السوري من السقوط:
#علمتني_الثورة_السورية أن من كان يزعق من وراء حجاب: لأضربن بصواريخي حيفا وما وراء حيفا، وفّى، فضرب حمص ودمشق وحوران! pic.twitter.com/CNSIC99qXN
— أحمد بن راشد بن سعيّد (@LoveLiberty) March 18, 2015
فيما يؤكد آخرون أن هذه الحالة التي تمر بها الثورة السورية هي ضريبة الحرية وهي ضريبة الحق دائمًا التي قد تكون باهظة التكاليف لأبعد حد:
#علمتني_الثورة_السورية أن نضال هذه الأمة من أجل الحرية والحق والعدل قد يطول، وقد يكون باهظ التكاليف، ولكنه لن ينتهي إلا بالنصر.
— Basheer Nafiبشيرنافع (@BasheerNafi) March 19, 2015
هذا ويؤكد المغردون العرب أن العاقبة للثورة وأن هذه الثورة السورية علمتهم أنها ليست خاصة بسوريا فقط وإنما ستفتح طريق التحرر في هذه الأمة:
#علمتني_الثورة_السورية
أن الطريق إلى فلسطين لا يمكن أن ترصفه جماجم الأبرياء، ولا أن يرعاه السفاحون وأذنابهم، وأنه ينسرب من مسار تحرر الأمة— Lama Khater لمى خاطر (@lama_khater) March 19, 2015
أن للألم معنى آخر، ولكن العاقبة للمتقين
— جابر بن ناصر المري (@JnAlMarri) March 19, 2015
كما تناول المتابعون شأن الثورة السورية في ذكراها من جانب آخر حيث التأكيد أن الثورات لا يجب أن تعتمد على قوى خارجية لتدعمها، وأثاروا جميعهم قضية ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع هذه الثورة التي أباحت قتل السوريين بشتى أنواع الأسلحة المحرمة وغيرها بينما يقف العالم صامتًا حيال ذلك:
أن قتل المسلم السني بالصواريخ أوالقنابل أو البراميل أو الكيماوي أو الغاز
مباح وفق قوانين المجتمع الدولي المجرم ر— أحمد الكندري (@eng_alkandari) March 18, 2015
#علمتني_الثورة_السورية أن التوكل على غير الله مذلة، وأن طريق العزة يمر عبر البندقية والجهاد.
— أدهم أبو سلمية #غزة (@adham922) March 19, 2015
فتحت هذه الثورة القضية الطائفية في الشرق الأوسط حيث غرد البعض بأن إيران هي من تقود هذا المشروع وتدعمه بالسلاح والمال أمام العرب الذين يقفون ليشجبوا ويدينوا فقط:
#علمتني_الثورة_السورية أن طائفية إيران سلاح ومال وموقف صلب، وطائفية #الليكود_العربي قولٌ من غير فعل، وطعن في ظهور أهل السنّة مع ادعاء نصرتهم
— محمد مختار الشنقيطي (@mshinqiti) March 18, 2015
وهذا ما طرح التساؤل عن المشاريع العربية والإسلامية في ظل هذا الطغيان أمام المشاريع الغربية والإيرانية وغيرها، كما طرح التساؤال أيضًا عن جدوى مشاريع التغيير التي تصدرت المشهد في العديد من البلدان العربية الفترة الماضية:
#علمتني_الثورة_السورية أن كل الأمم تملك مشاريعا تمثل وجودها..رؤية واستراتيجية وآليات وأدوات..إلا أمتنا فهي ممزقة بين طموحات وأوهام الجماعات
— حسن أحمد الدقي (@hassan_aldiqqi) March 18, 2015
#علمتني_الثورة_السورية أن مشاريع #الجماعات_الإسلامية مشاريع قاصرة قزمة..أسهمت في تأخير النصر بل إنها تحمل فوق كاهلها آهات المعذبين في #سوريا
— حسن أحمد الدقي (@hassan_aldiqqi) March 18, 2015
هذه الأفكار والشجون دارت بخلد المغردين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر من العرب وغيرهم والتي بالتأكيد تدور بخلد أهل سوريا أضعاف أضعافها بعد دخول عامهم الخامس في وسط هذه الحرب والتي يعدهم العالم بمزيد منها بزعم محاربة الإرهاب فكأنما كُتِب الإرهاب فقط على الشعب السوري ولم يكتب على نظامه القمعي.