“لن أتزوج حاليًا ولن أتخلى عن طموحاتي وأحلامي”، هذا الكلام ليس له معنى أنه لن يقدم ولن يؤخر بالنسبة لنصيبك وما كتبه الله لك، ولن يُفيدك القراء الذين يقرأون لك ما تكتبينه، خاصةً إن كنتِ في سن الزواج المناسب، من قال إن الزواج يعني أن تتخلى الفتاة عن أحلامها؟ من قال إن عقبة تحقيقها تكمن في زوج يقف في طريق امرأته؟ لا يوجد أجمل من حياة زوجة يدعمها زوجها بكل ما أوتي من قوة إيمانًا بأحلامها وأفكارها ودعوتها أن تتقدم إلى الصف الأول كلما أتيحت الفرصة لذلك، بل أحيانًا هو من يختلق لها الفرص والأفكار لتحقق زوجته ذاتها.
ربما أردتِ أن تقولي بمعنى آخر: لم يأتِ الشخص المناسب الذي يتبنى مشاريعي ويحترم خياراتي في الحياة، ربما أردتِ أن تقولي أن شبابنا بحاجة إلى نضج وفهم أكثر لمفاهيم الزواج والحياة التكاملية والأسرة المتماسكة الواعية لأهدافها وطموحاتها، قولي ذلك واكتبي عنه، إذ لا توجد فتاة لا تحلم بحبٍ عظيم يكون أحرص عليها من نفسها في تأمين مستقبلها وتحقيق رغباتها مهما عظمت أو صغرت، قولي ذلك وثرثري عنها بكل مكان، ارفعي سقف أمنيات الفتيات الطموحات اليوم بمستوى الشباب للزواج، وامحي فكرة الشروط المحصورة بالبيت والسيارة والشهادة الروتينية وشهر العسل في أرقى فنادق العالم.
وأما ما يتعلق بقرارات الأسرة والأطفال والمسؤولية عليهما فهذه مسألة يتفق عليها الطرفان، فأنا مثلًا لم يُمانعني زوجي في الالتحاق بركب الإعلام وحرصه على نجاحي، ووفاءه بوعوده لي لم تتغير منذ أن تقدم لخطبتي قبل أكثر من سنتين، والخيار كان لي، فـ(أجلّت) الكثير مقابل الاهتمام بطفلتي فأنا أؤمن أن التربية بمفهومها الشاسع وصناعة جيل عظيم بأخلاقه وأفكاره لا تقل أهمية عن تحقيق الأحلام على المستوى العملي إن لم تكن أعظم، وقد تتفاوت هذه الرؤية من شخص لآخر وقد تتفاوت الأولويات.
فترة الأمومة والتربية قد تكون فترة تحشيد وانطلاقة جديدة لكل أم، فترة بحث ودراسة لكل ما كان يثير شغفها واهتمامها، لكل ما أرادت إنجازه ولم يسعها وقت الدراسة والعمل، فترة اختبار لنفسها ان كانت حقًا هي أهلٌ لأحلامها أم لا، فترة اختبار لصبرها وهمتها وعزيمتها، قد تكون الزوجة العاملة أحيانًا أفضل وأجدع من كل فتاة، فاحرصي أن تختاري نِعم الزوج والرفيق.