ترجمة وتحرير نون بوست
أوضح رئيس القيادة السيبرانية يوم الخميس الماضي أمام الكونجرس أن الجهود التي تبذلها الحكومة الأمريكية لصد الهجمات السيبرانية “الإلكترونية” ضد الدولة هي جهود غير مجدية، وشدد على ضرورة تعزيز القدرات السيبرانية الهجومية للجيش الأمريكي.
“نحن في مرحلة حرجة” هكذا قال الأميرال مايكل روجرز، مدير وكالة الأمن القومي، في جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، وأضاف “يجب علينا التفكير في الكيفية التي سنعزز بها قدراتنا على الجانب الهجومي للوصول إلى مرحلة الردع”.
حيث انتقد روجرز تركيز جهود القيادة السيبرانية -التي تم إطلاقها كقسم من وكالة الأمن القومي الأمريكي في عام 2010- على الناحية الدفاعية فقط، معتبراً من خلال خطابه أمام الكونغرس أن الإستراتيجية الدفاعية البحتة وانتهاج مبدأ رد الفعل فقط، سيعملان -في نهاية المطاف- على تراجع القدرات السيبرانية عن تلبية الحاجات.
ما جاء في خطاب روجرز يعتبر استكمالاً للنهج الذي كان يتبعه سلفه كيث ألكسندر، والذي تقاعد العام الماضي وافتتح شركة لخدمات الأمن السيبراني، حيث أيّد الأخير طوال فترة خدمته توجيه الموارد نحو تعزيز القدرات هجومية بشكل أكبر، ولكن المخاوف التي بزغت لدى البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية حول النتائج الضارة والغير مقصودة التي قد تنجم عن استخدام الأسلحة السيبرانية والتي قد تضر بالعلاقات الدبلوماسية مع الدول، أدت إلى ترك القدرات الهجومية السيبرانية الأمريكية في حدها الأدنى.
أفاد روجرز أن الرئيس أوباما لم يقرر بعد تفويضه بتطوير ونشر أدوات الهجوم السيبرانية، حيث أوضح أن صنّاع القرار لا يزالون غير مقتنعين بأن الوقت قد حان لانتهاج المبدأ الهجومي، وأضاف “علينا أن نعمل على وضع صنّاع القرار بصورة القدرات الموجودة لدينا وما يمكننا القيام به”، وعندما سُئل من قبل جون ماكين عمّا إذا كان يوافق على أن مستوى الردع ضد الهجمات السيبرانية غير مجدي، أجاب روجرز “هذا صحيح”.
أكد روجرز أن التهديد الإلكتروني آخذ بالازدياد، فالهجمات السيبرانية لا تسعى لتعطيل أو عرقلة القدرات السيبرانية الأمريكية فحسب، إنما تسعى لـ”تأسيس وجود دائم على شبكاتنا”، واتهم روجز حكومات إيران وروسيا والصين بتوجيه هجمات قراصنة الانترنت “الهاكرز” الفردية على الشبكات الأمريكية، حيث أوضح أنه يوجد رابط قوي ومباشر ما بين هذه الهجمات وتوجيهات هذه الدول بالهجوم أو بالتدخل، وأضاف أن القيادة السيبرانية الأمريكية تعمل على ملاحقة الأدلة التي توضح محاولة الحكومات الأجنبية إرباك محللي القيادة السيبرانية، من خلال استخدام “شركاء” غير حكوميين لتنفيذ هجمات سيبرانية لا يمكن نسبها إلى الدولة بشكل مباشر.
تم تأييد وجهات نظر روجرز حول الهجوم السيبراني من قبل العديد من أعضاء مجلس الشيوخ، وعلى الأخص ماكين، الذي استخدم هذه المنصة لانتقاد تعامل إدارة أوباما مع الحوادث السيبرانية الأخيرة، حيث قال ماكين في بداية جلسة الاستماع “إن الهجوم الإلكتروني الذي حصل في نوفمبر من كوريا الشمالية على شركة سوني، كشف عن عيوب خطيرة في إستراتيجية قيادة الأمن السيبراني” وتابع بقوله “إن الفشل في وضع إستراتيجية سيبرانية رادعة، زاد من إصرار خصومنا على مواصلة قيامهم بالهجمات بشكل يهدد أمننا القومي على نحو متزايد”.
سبق لروجرز الإشارة إلى إنه من الضروري تعيين حكومة كوريا الشمالية بوصفها مسؤولة عن هجوم سوني، بهدف ردع الدول الأخرى عن اتخاذ إجراءات مماثلة، علماً أن تسمية كوريا الشمالية كدولة مسؤولة عن الهجمات الإلكترونية كان بادرة غير مسبوقة بالنسبة للولايات المتحدة.
ومن جهتهم يشير المسؤولون في الإدارة الأميركية، أن العقوبات المالية التي تم فرضها ضد المسؤولين في كوريا الشمالية في أعقاب الهجوم الالكتروني، والاتهامات التي تم توجيهها في العام الماضي إلى خمسة مسؤولين عسكريين صينيين بسرقة أسرار من الشركات الأمريكية، تظهر عزم الإدارة الأمريكية على مساءلة الخصوم عن الانتهاكات السيبرانية.
أما ماكين ونواب آخرون، فيسعون لتطبيق إجراءات أكثر صرامة، حيث يقول السناتور أنجوس كينج “أعتقد أنه من المهم جداً تطوير القدرات الهجومية السيبرانية، وعلاوة على ذلك، يحب الإفصاح عن هذه القدرات ونشرها”، ويقتبس كينج من الفيلم السينمائي الكلاسيكي دكتور سترينجلوف الذي يسخر من مخاوف نشوب النزاع النووي أثناء الحرب الباردة ليوضح وجهة نظره حول ضرورة الإفصاح والنشر، حيث يقول “إذا قمت ببناء جهاز يوم القيامة “الجهاز النووي الروسي”، يجب أن تقول للعالم بأجمعه أنك قمت بتصنيعه، وإلا لن يتحقق الغرض منه”.
المصدر: واشنطن بوست