ترجمة وتحرير نون بوست
أوضح مسؤولون لوكالة أسوشيتدبرس يوم الخميس أن الولايات المتحدة وإيران تعملان على صياغة مواد الاتفاق النووي، الذي سيلزم طهران بتخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي التي قد تُستخدم لتصنيع القنبلة النووية حتى 40%، وبالمقابل سيتم رفع بعض العقوبات الاقتصادية عن إيران بشكل فوري، كما سيتم رفع حظر الأمم المتحدة حول حيازة طهران للأسلحة التقليدية بشكل جزئي.
يمكن القول إن الوصول إلى اتفاق حول برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم قد يكون مؤشر على انفراج نسبي يهدف للتوصل إلى اتفاق أوسع يعمل على احتواء الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية، حيث يسعى الجانبان إلى الوصول إلى إطار اتفاق مبدئي قبل المهلة المحددة في 31 مارس الجاري، ومن ثمّ يجب الوصول إلى اتفاق كامل بحلول نهاية يونيو من هذا العام، حيث تمضي الحكومة الأمريكية بهذا المشروع رغم ضغط الكونجرس الأمريكي على الإدارة لتجنب أي اتفاق يفسح لإيران المجال لتصبح قوة نووية.
وأوضح المسؤولون أن الاتفاق المبدئي يفرض على إيران قيود جديدة حول عدد أجهزة الطرد المركزي لمدة عشر سنوات على الأقل، حيث تعمل هذه الأجهزة على تخصيب اليورانيوم وهي عملية يمكن أن تؤدي إلى تصنيع الأسلحة النووية، ويتجه الجانبان إلى تعيين الحد الأقصى لهذه الأجهزة بـ 6000 جهاز طرد مركزي، بدلًا من 6500 التي تحدثوا عنها في الأسابيع الأخيرة، وهذا يعتبر عددًا ضئيلًا أمام 10.000 جهاز طرد مركزي تشغلهم طهران حاليًا، ولكنه أكثر بكثير من السقف الذي حددته واشنطن في البداية والذي كان يترواح ما بين 500 إلى 1500 جهاز، كما أنه يزيد عن العدد الذي وافقت عليه واشنطن كحل وسط قبل عام من الآن والذي يبلغ 4000 جهاز.
ولكن حاليًا يصر المسؤولون الأمريكيون على أن التركيز على أعداد أجهزة الطرد المركزي وحده يغفل الأساس الذي يتم العمل عليه من قِبل الجانب الأمريكي، كون تخفيض عدد أجهزة الطرد جنبًا إلى جنب مع القيود التي يجب أن تُفرض على مستويات التخصيب والقيود التي ستفرض على أنواع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن أن تستخدمها إيران، يمكن أن تزيد المدة التي تحتاجها طهران لتصنيع سلاح نووي إلى سنة على الأقل، وهذا رقم لا يستهان به في بالنظر إلى أن تصنيع سلاح نووي من قِبل إيران حاليًا يتطلب فقط من شهرين إلى ثلاثة أشهر بأعلى تقدير.
وفي سياق متصل توجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الخميس برسالة إلى الشعب الإيراني في فيديو تم نشره على الإنترنت بمناسبة عيد النوروز، رأس السنة الفارسية الجديدة، حيث أوضح فيه أن المفاوضات حققت تقدمًا، ولكن الفجوات لاتزال قائمة، كما قال إن “موافقة قادة إيران على صفقة منطقية ومعقولة، ستفتح الباب أمام طريق أفضل، طريق يفتح الباب أمام الشعب الإيراني لفرص عظيمة”.
أما الكونجرس فقد كثّف من ضغوطاته على الإدارة الأمريكية بشأن الملف الإيراني، حيث أوضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنه سيمضي قدمًا في إعداد تشريع يُجبر أوباما على الحصول على موافقة أعضاء المجلس حول الاتفاق النووي، كما عمد 360 نائب جمهوري وديمقراطي – وهو عدد كافٍ لتجاوز أي فيتو رئاسي في الكونجرس بسهولة – إلى إرسال رسالة إلى أوباما تشير أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران، فإن الكونجرس هو الذي سيتخذ القرار بشأن تخفيف العقوبات التي فرضها المجلس ذاته، حيث جاء في الرسالة “الكونجرس يجب أن يكون على قناعة تامة بأن شروط الاتفاق ستغلق أي طريق أمام إيران للوصول إلى تصنيع القنبلة، وعندئذ فقط سوف سيكون الكونجرس قادرًا على النظر في تخفيف العقوبات الدائمة”.
وإمعانًا في الضغط على الإدارة الأمريكية؛ أشار النائب إليوت إنجل أحد كبار الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، أمام مسؤولي الحكومة في جلسة الخميس، أن الكونغرس لا يمكن تهميشه وستتم مقاومة أي محاولات لتجاوز الكونجرس من قِبل كافة الأعضاء.
بالنسبة للإدارة الأمريكية فإن فترة السنة التي تفصل إيران عن تصنيع الأسلحة النووية هي النقطة التي لن تتجاوزها خلال المحادثات، كون هذه الفترة ستبقى قائمة طوال فترة الاتفاق التي تبلغ 10 سنوات على الأقل ستقضيها إيران في ظل القيود على برنامجها النووي، وبعد هذه المدة فإن القيود سيتم تخفيفها ببطء، حيث ستبلغ المدة الإجمالية للصفقة من 15 إلى 20 سنة.
وكجزء من الاتفاق، سيتم رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية على مراحل؛ حيث سيكون لدى الرئيس أوباما السلطة لإزالة بعض العقوبات على الفور، أما العقوبات الأخرى فسيتم تعليقها حتى تؤكد إيران امتثالها للاتفاق مع مرور الوقت، وبعض العقوبات سيتم تأجيل إلغائها حتى السنوات الأخيرة من الاتفاق، في حين أن المجموعة الأخيرة من العقوبات ستتطلب من الكونغرس الأمريكي المتشكك تغيير بعض القوانين.
وعلى الرغم من أن الفترات الزمنية وعدد أجهزة الطرد المركزي وطريقة إلغاء وإبقاء جداول العقوبات هي أمور قد سبق مناقشتها خلال المحادثات، إلا أن معظم التفاصيل التي كشفها المسؤولون حول هذه الأمور كانت جديدة، حيث طالب هؤلاء بعدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث علنًا حول المحادثات السرية.
مازال من غير الواضح كيف سيتم إكمال مشروع الاتفاق، فإيران تصر على أن برنامجها النووي يهدف فقط للحصول على الطاقة السلمية للأغراض طبية وبحثية، بيد أن العديد من الحكومات تعتقد أن إيران لديها طموحات لتصنيع أسلحة نووية، وتبقى محطة تخصيب اليورانيوم المدفونة تحت الارض في إيران مشكلة لبعض المسؤولين في واشنطن، الذين يطالبون إيران بإظهار هذه المنشأة، في الوقت الذي تصر فيه طهران على تشغيل مئات أجهزة الطرد المركزي ضمنها لأنها تريد استخدامها لأغراض البحث العلمي.
من المقرر أن يتم إعادة تصميم المفاعل المائي الثقيل المضغوط الذي يُستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية، ليعمل على إنتاج البلوتونيوم بصورة أقل بكثير مما تم تقديره له أساسًا، وهذا سيساعد على تخفيف القلق والمخاوف من استخدام هذا المفاعل كمسار بديل لتصنيع القنبلة.
في ذات الوقت من غير المرجح أن تعمل اتفاقية مارس على الحد من برنامج الصواريخ الإيراني، الذي تعتقد الولايات المتحدة أنه قد يهدف في نهاية المطاف إلى تصنيع أنظمة لحمل الرؤوس النووية الحربية، ويقول دبلوماسيون إنه مع اقتراب الموعد النهائي لوضع إطار الاتفاق في 31 مارس، لازالت إيران تصر على أن فرض قيود على الصواريخ ليس مجالًا للمناقشة.
يوم الخميس الماضي التقى وزير الخارجية الامريكية جون كيري مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لليوم الرابع على التوالي للتفاوض حول الاتفاق الأمريكي – الإيراني، حيث صرّح كيري بعد الاجتماع بقوله “إننا نواجه بعض القضايا الصعبة، ولكننا حققنا تقدمًا”، ويبقى حاليًا إتمام المحادثات الرسمية ما بين إيران والدول الست الكبرى، علمًا بأن كيري وظريف هما اللذان اضطلاعا بالجهد الدبلوماسي الشاق الذي أفضى إلى هذه النتائج في الأشهر الأخيرة الماضية.
يقول مسؤولون إنه إذا تم التوصل الى اتفاق سيتم تخفيف بعض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وقد يشمل هذا التخفيف أجزاء من الحظر المفروض على الأسلحة التقليدية، وهو الحظر الذي تسعى روسيا والصين إلى رفعه في غضون أسابيع من الوصول إلى اتفاق كامل، ومع ذلك ستبقى بعض القيود كما هي عليه، مثل قيود نقل تكنولوجيا الصواريخ.
الجدير بالذكر أخيرًا، أنه بعد انتهاء الصفقة، يمكن لإيران – من الناحية النظرية – أن تعمل على زيادة تخصيب اليورانيوم إلى أي مستوى أو حجم ترغب به.
المصدر: أسوشيتد برس