ترجمة وتحرير نون بوست
يعتبر “أيمن عودة” مهندس النجاح التاريخي الذي حققته القوائم العربية في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وهو يواجه اليوم مسألة ترجمة هذا النجاح السياسي إلى مكاسب عملية، فقد تمكنت القوائم العربية من حصد ثلاثة عشر مقعدًا في الكنيست، وهي قوائم تمثل المواطنين الفلسطينيين الذي بقوا في الأراضي المحتلة سنة 1948، ويُقدر عددهم بخمس السكان الإسرائيليين.
ويوجد على رأس هذه القوائم أيمن عودة، وهو محامي يبلغ من العمر أربعين عامًا وأب لثلاثة أطفال، ينحدر من عائلة متواضعة وكان والده يشتغل في أعمال البناء، وقد نجح هذا المحامي في توحيد العرب واليهود والشيوعيين والإسلاميين والقوميين العروبيين، ولكن تبقى مسألة المحافظة على هذا التحالف المتنوع والمعقد تحديًا صعبًا يواجهه.
آمال عريضة
قبيل الانتخابات التشريعية، صرح أيمن عودة لوسائل الإعلام أنه يحمل على عاتقه مسؤولية استثنائية بالنظر للآمال العريضة التي يعلقها عرب إسرائيل عليه.
وأكد أنه خلال يومه الأول في الكنيست سيذهب مشيًا على الأقدام انطلاقًا من صحراء النقب، التي يناضل على أرضها منذ سنوات من أجل اعتراف إسرائيل بأربعين قرية يعيش فيها البدو، في حركة رمزية لتعريف الإسرائيليين بهذه القضية، وأضاف أنه في صورة تراجع المعسكر الديمقراطي لصالح معسكر الفاشية فإن العرب سيكونون أول الضحايا.
الفتى المدلل في وسائل الإعلام
يعد “أيمن عودة” نجمًا في وسائل الإعلام الإسرائيلية وفي أوساط عرب إسرائيل الذين يعتبرونه رمزًا للنجاح، على عكس بقية القيادات العربية التي تعد رمزًا للصراعات والصدام مثل المرشحة الأخرى حنين زعبي، التي لا تتردد في مغادرة الكنيست كلما تم رفع النشيد الإسرائيلي.
في المقابل يعتبر أيمن عودة رجل الحوار، الذي يريد توحيد العرب واليهود في العمل من أجل المساواة، وعلى شاشات التلفاز التي يظهر فيها بكثرة هذه الأيام، لا يتخلى عودة أبدًا عن هدوئه حتى في مواجهة القومي المتطرف أفيغدور ليبرمان، الذي طالب بقطع رأس عرب إسرائيل غير الأوفياء للدولة العبرية.
كما يمتدحه الصحفيون الإسرائيليون ويصفونه بالرجل الحكيم والسياسي المحنك، وعندما بدأ منذ سنوات التنقل في أرجاء البلاد لإقناع عرب إسرائيل برفض الخدمة العسكرية، وصفته الصحافة الإسرائيلية بأنه “الرجل الأكثر قدرة على تنظيم الحملات في تاريخ إسرائيل”.
ويحسن أيمن عودة اللعب على الظهور الإعلامي، حيث يظهر دائمًا في شكل أنيق، صحبة عائلته التي كونها مع رفيقة دربه طبيبة النساء ناردين أصالة، التي قُتل شقيقها الشاب على يد القوات الإسرائيلية خلال الانتفاضة الثانية.
وفي صباح يوم التصويت نشرت الصحيفة الإسرائيلية الأكثر انتشارًا يديعوت أحرونوت نصًا كتبه ابنه، طيب عودة، باللغتين العربية والعبرية.
حب الوطن
يقول النص الذي نشره “طيب” مصحوبًا بصورة له في أحضان والده “عندما كنت صغيرًا كنت أعتقد أن أبي أيمن عودة يعمل بنّاءً لأنه كان دائمًا منشغلاً بمعارضة هدم المنازل ولكن فهمت فيما بعد أنه محام يدافع عن الفقراء”.
ويقول هذا الطفل المنتمي للفلسطينيين الذين بقوا على أرضهم بعد إعلان دولة إسرائيل سنة 1984، “عندما كان الوقت يسمح لنا كان أبي يأخذني للجبل والطبيعة لأنني أعشق بلدي كثيرًا”.
من جهة أخرى يقول أيمن عودة إن الشغف بالوطن والسياسة ملأ قلبه منذ الصغر، بعد أن تأثر كثيرًا بمنظمة التحرير الفلسطينية التي تنشط في المنفى، والغزو الإسرائيلي للبنان سنة 1982 والانتفاضة الأولى التي انطلقت سنة 1987.
وفي المعهد أصبح هذا الشاب ابن مدينة حيفا المختلطة، رئيسًا لمجلس الطلاب فقام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي مباشرة بفتح ملف خاص به، وبدأ مسلسل الاعتقالات والمراقبة.
ويؤكد أيمن عودة أنه من المستحيل التغلب على العنصرية والفاشية دون دعم مواطني إسرائيل اليهود، وقد ترسخت هذه الفكرة لديه منذ أن كان يوجه خطابه للعرب واليهود في معاهد حيفا، ثم عندما عمل في المجال البلدي بين سنتي 1998 و2003 حيث نجح في تعريب أسماء العشرات من شوارع المدينة.
ويعتمد أيمن عودة اليوم على هذا الموروث من النضال والعمل المدني لتحقيق أهدافه، كما يعبر عن اعتزازه بالموروث العربي على غرار الفنانة المصرية أم كلثوم، والشاعر الفلسطيني محمود درويش.
المصدر: صحيفة الهافنتون بوست الفرنسية