كان نظام حسنى مبارك يعتبر جماعة الإخوان عدوه الأول ويستطيع بكل أريحية أن يلصق الاتهام بأية حركة معارضة أنها عناصر من “المحظورة”، وتنطلق العبارات الرنانة فى نشرات الأخبار والمانشيتات الساخنة لتنهى المعركة أمام المواطن المصرى من قبل أن تبدأ، وفى عام 2005 استطاعت حركة كفاية لأول مرة كسر هذه اللعبة ثنائية الجانب بين النظام والإخوان وخلق معارضة جديدة وجريئة بمرور الوقت أصبح من المستحيل أن يطلق عليهم “إخوان” وأصبح هناك بالفعل جبهتى معارضة فى مصر كان لكل منهما دوره قبل وأثناء أيام ثورة 25 يناير!
خرجت أمس للنور “جبهة طريق الثورة – ثوار” خلال مؤتمر صحفى عقد فى نقابة التجاريين، وخلال اليومين الماضيين كانت الأخبار تنتشر هنا وهناك عن تشكيل الجبهة وأسماء المؤسسين لها وأهدافها، وتوقعت فور ذلك أن تنتشر موجة من الانتقادات للجبهة وممثليها من قبل شباب الإخوان وعموم الإسلاميين ومعارضى الانقلاب، وهو نقد صحيح (بالنسبة لى) فى موضوعه خطأ فى توقيته تماما !
فالقائمة التى تأسست منها الجبهة ظللنا طوال الشهرين الماضيين وتحديدا من أول 3 يولو نصرخ فيهم متى تنزلون للميادين وتفعلون شيئا، فقد ظل معظمهم لفترة محجم عن الكتابة حتى ثم بعد فترة (وخاصة بعد الفض) أصبحوا ينتقدون من خلال مقالاتهم فى الصحف أو على صفحاتهم الشخصية، وكنا دائما نعلق “كفوا عن القول .. هل تنتظرون إلى أن يقضى علينا ثم يأتى دوركم .. متى نراكم فى الشارع مع الثورة مرة أخرى .. إلخ، وها هم يتسأنفون مرة أخرى أول خطواتهم فى الشارع !
قد نزلوا نعم للشارع، وإن كانت مطالبهم لا تتطابق مع مطالبك ولكنها حتما تتقاطع معها، فالقوى التى تعارض الانقلاب الآن لو وضعناها على قياس تدرجى سنجد أن أقصاها من اليمين “الائتلاف الوطنى لدعم الشرعية” الذى على رأس مطالبه (حتى الآن) عودة مرسى والدستور ومجلس الشورى بكامل صلاحياتهم وإلغاء كل الآثار المترتبة على الانقلاب، ثم تأتى إثر ذلك كل مجموعات ضد الانقلاب وعلى رأسهم “شباب ضد الانقلاب و طلاب ضد الانقلاب” حيث تخفت مطلب عودة “الشرعية” بأركانها الثلاثة إلى صالح كسر الانقلاب ومحاكمة رموزه والإفراج عن المعتقلين ثم يأتى بعد ذلك مجموعات “أحرار” و “الميدان الثالث” الذين يضيفون إلى مطالب الفريق الذى يسبقهم عدم عودة الإخوان للحكم بل ومحاسبتهم أيضا ويرفعون دائما الشعار الشهير “يسقط كل من خان .. عسكر فلول إخوان”
ومن هذه الفئة الأخيرة خرجت الجبهة، حيث تستطيع أن تميز فيها أحمد عبد الجواد و رباب المهدى ومحمد الباقر (مصر القوية) أو محمد القصاص و عبد الرحمن فارس وعبد الرحمن هريدى (التيار المصرى) .. وائل خليل و سامح نجيب ومصطفى شوقى وغيرهم (الاشتراكيين الثوريين) .. أحمد ماهر ومحمد عادل وغيرهم (6 إبريل) .. إبراهيم الهضيبى و أحمد عبد الحميد حسين وإسماعيل الاسكندرانى (باحثون مستقلون) .. محمد أبو الغيط وأحمد سمير وغيرهم (كتاب مقالات) .. والكثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين أمثال علاء عبد الفتاح ومنى سيف ، والقائمة تطول لأكثر من 150 اسم الكثير منهم لا أعرفه لبعدى عن المجال السياسى طوال فترة ما بعد 25 يناير !
المعركة التى من الممكن أن تبدأ الآن وتعرقل كل الأطراف هى وصلة هجوم من أقصى يمين المعسكر (شباب الإخوان والائتلاف وضد الانقلاب) إلى أقصى يساره (التى احتلته الجهبة الآن) تكون عناصره متمثله فى تضمن مبادئهم الهجوم على الإخوان واعتبارهم شريك للعسكر فى إجهاض الثورة، وفى كونهم “باعونا فى رابعة”، وفى كونهم بلا شعبية ولا وزن على الأرض وأنهم مجرد ثلة منتفعة باعت الثورة أيضا !
وبالطبع بمجرد بدء الهجوم ستكون هناك هجمة مرتدة شرسة من الجبهة عناصرها تتمثل فى كون الإخوان باعونا من أول عمر سليمان إلى الشرطة فى القلب، وكونهم طائفيين يتهمون كل من ليس معهم بأنه عميل وضد الثورة، وأنهم مغرورون وغرورهم أعاد البلاد سنوات إلى الوراء .. إلخ ، وهو ما لا أتمنى حدوثه من الطرفين !
وهنا – ومن خلال خبرتى فى العمل مع الطرفين من 2005 إلى 2011 – أستطيع أن أقول بأن هذه الجبهة – إن كتب لها الاستمرار والنجاح فإنها ستكون رصيدا إضافيا، وسنحتاج لنوع من التكاتف فى الكثير من القضايا القادمة، وبالأخص لو تجاوز الانقلاب مرحلة التأرجح الحالية وبدأ فى اكتساب شرعية دستورية وقانونية من خلال أى استفتاءات أو إجراءات انتخابية قادمة !
ومما يبشر بالخير أن معظم قيادات التيارات المعارضة للانقلاب حاليا هم شباب ولذا أتمنى من الطرف الأيمن أن يستطيع العمل مع الجبهة فى ملفات جرائم الانقلاب والحريات العامة والمحاكمات والاعتقالات كملفات عاجلة ومشتركة فى الفترة القادمة، وأتمنى من الجبهة أن تفلح فى تحريك الفئة المتبقية من مجموعاتها كصفحة كلنا خالد سعيد مثلا، وألا يبدئون بالمعارك الخاطئة حتى تستطيع قوتنا أن تتضاعف خلال الفترة المقبلة