مضت سنة منذ أن تم تسجيل انتشار واسع لفيروس الإيبولا ليودي بحياة الآلاف خاصة في دول الغرب الأفريقي، حيث أصاب ما يقرب من 24 ألف شخص وقتل ما يقرب من 10 آلاف، وخاصة في سيراليون وليبيريا وغينيا، ورغم الجهود الدولية والأممية التي بُذلت لمقاومة هذا الوباء القاتل، تشير أغلب التقارير إلى أن تخليص البشرية منه لم تحن ساعته بعد وبأن تداعياته تجاوزت المحور الصحي.
حالات جديدة تظهر كل يوم
أعلنت منظمة الصحة العالمية، في الأسبوع الأول من شهر مارس، أن غينيا وسيراليون سجلتا 132 حالة مؤكدة جديدة للإيبولا خلال الأسبوع المنتهى في الأول من مارس أي بزيادة قدرها 34 حالة عن الأسبوع السابق له.
وقالت المنظمة في آخر تحديث لأخبار الوباء في غرب أفريقيا إن ليبيريا لم تسجل أي حالات مؤكدة جديدة في ذلك الأسبوع منذ مايو من العام الماضي، إلا أن طريقة رصد المرض الوبائي ربما لا تكون الأمثل بناء على تراجع أعداد العينات.
وتشير المنظمة إلى مؤشرات على أن المجتمعات لاتزال تحجم عن نقل أعضاء الأسرة المصابين إلى مراكز العلاج.
كما أشارت المنظمة إلى أن نحو نصف حالات العدوى الجديدة البالغة إجمالاً 51 حالة في غينيا نجمت عن مخالطة مسجلة مع المرضى، في حين لم يتم التعرف على بعض الحالات إلا بعد اختبارات جرت بعد الوفاة.
ولاتزال نسبة انتشار الفيروس القاتل عالية في سيراليون التي سجلت 81 حالة جديدة منها 26 في العاصمة فريتاون.
وقالت المنظمة في بيان لها: “لايزال عدد حالات الوفيات المؤكدة المتعلقة بفيروس مرض الإيبولا مرتفعًا في مجتمعات غينيا وسيراليون ما يشير إلى عدم التفهم بعد أو القبول أو تنفيذ ضرورة العزل المبكر والعلاج”.
وأشارت إلى أن عمليات الدفن التي تتم في ظروف غير آمنة مستمرة مع ورود تقارير بإتمام 16 عملية دفن غير آمنة في كل من غينيا وسيراليون”.
الطب عاجز رغم المحاولات
أول الجهود الطبية لمواجهة فيروس الإيبولا كانت عبر تجربة لقاح في ديسمبر بمدينة جنيف السويسرية، ورغم الأمال الكبيرة التي علقت عليها، أُوقفت التجارب قبل أسبوع من موعد انتهائها المقرر بالنسبة للمشاركين الـ 59 فيها “كإجراء احترازي”، حسبما أعلن مستشفى جامعة جنيف السويسرية بعد أن اشتكى المرضى من بعض الأعراض الجانبية.
يُذكر أن اللقاح المذكور طورته شركة NewLink واشترته مؤخرًا شركة Merck ولا يوجد في الوقت الراهن أي لقاح مجاز للوقاية من فيروس إيبولا.
في ذات السياق، أقرت مؤخرًا منظمة الصحة العالمية أول اختبار سريع للدم للكشف عن مرض الحمى النزفية المعروف باسم إيبولا.
ويسمح الاختبار الجديد بالكشف عن المصابين وعزلهم وعلاجهم في أسرع وقت ممكن، وذلك في محاولة للقضاء هذا الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 9300 شخص.
ويعد الاختبار الجديد أقل دقة من الاختبارات التقليدية، لكنه يستغرق دقائق بدلاً من ساعات للحصول على النتيجة ويتم إجراء الاختبار دون الحاجة إلى وجود كهرباء، الأمر الذي يجعله متاحًا في المناطق النائية.
ويتطلب الاختبار الحالي للكشف عن إيبولا إجراءه في معمل، من أجل تحليل الدم لاكتشاف شظايا المادة الجينية للفيروس، ويستغرق الاختبار مدة تترواح بين 12 و24 ساعة، للحصول على نتيجة واضحة.
وتم تطوير الاختبار المعروف بـ “الاختبار الجديد للمستضادات” بواسطة شركة كورجينيكس الأمريكية، التي أجرت أبحاث على الدم لاكتشاف أجزاء أخرى من الفيروس.
وأشارت التجارب، التي أُجريت على هذا الاختبار في دول غرب أفريقيا، إلى أنه كشف بشكل صحيح عن نحو 92 في المئة من الأشخاص المصابين بإيبولا.
انهيار اقتصادي ومطالبة بمزيد من الجهود
حذرت الأمم المتحدة من تداعيات انتشار الإيبولا خارج البلدان المتضررة، حيث أشار تقرير نشره مركز أنباء الأمم المتحدة إلى أن آثار الفيروس ظهرت في دول غرب أفريقيا التي شهدت انخفاضًا في معدل الإصابات بالإيبولا أو لم تظهر فيها إصابات، وذلك بسبب العلاقات القوية بين دول المنطقة، وقال عبد الله مارس دييه، مدير المكتب الإقليمي لأفريقيا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن “عواقب تفشي الإيبولا هائلة، فتجنب المخاطر وإغلاق الحدود تسبب في كثير من الضرر؛ مما أثر على الاقتصادات والمجتمعات في عدد كبير من البلدان في جميع أنحاء المنطقة دون الإقليمية”.
وتقول مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية إن غرب أفريقيا ككل قد يفقد في المتوسط من 3.6 مليار دولار على الأقل سنويًا بين عامي 2014 و2017، بسبب ضعف التجارة الإقليمية في ظل إغلاق الحدود، وإلغاء الرحلات الجوية وانخفاض النشاط الاستثماري والسياحي الأجنبي المباشر.
ومن المتوقع أيضًا انخفاض نصيب الفرد من الدخل لسكان المنطقة بنسبة 18 دولارًا سنويًا بين عامي 2015 و2017، وأشار التقرير إلى ارتفاع معدل الفقر في كوت ديفوار بنسبة لا تقل عن 0.5 في المائة بسبب فيروس إيبولا، بينما قد ترتفع نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر الوطني بنسبة تصل إلى 1.8 في المائة في عام 2014 في السنغال، كما يتزايد مستوى انعدام الأمن الغذائي في مالي وغينيا بيساو.
ودعا التقرير إلى زيادة مشاركة الحكومات في غرب أفريقيا والمؤسسات الإقليمية لوقف انتشار هذا الوباء وتعزيز الانتعاش، مشيرًا إلى الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي لإرسال أطباء من نيجيريا وإثيوبيا، فضلاً عن الجهود المنسقة من قبل اتحاد نهر مانو، والهيئة الإقليمية المعروفة باسم الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ويسعى التقرير أيضًا إلى منع تفشي المرض في المستقبل، داعيًا إلى مزيج من التدخلات الإقليمية والوطنية، مثل الجهود الرامية إلى تعزيز القطاعات الصحية في جميع أنحاء المنطقة، والإنشاء الفوري لمركز إقليمي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وتنسيق ضبط الحدود، وإنشاء نظم الإنذار المبكر وإدارة الكوارث.