بعد انطلاق عمليات “عاصفة الحزم” استبشر اليمنيون خيرًا، لرفع فوهات بنادق الحوثيين عن رقابهم، الأمر الذي جعل عدن تضحك عند استقبال هذا الخبر ويتجدد لديها الأمل، لكن التصريحات التي خرجت هنا وهناك أن عاصفة الحزم ستكون من الجو، جعل العبوس يعود سريعًا إلى اليمن.
فالتجربة السابقة مع الحوثيين واضحة إن القصف لن ينهي المشكلة، وهناك من يحاول إبقاء اليمن بدوامة لا تنتهي من الصرع الداخلي بين تقدم وتراجع الحوثيين على الأرض بدون حسم؛ يضمن الاستقرار والازدهار لبلد أتعبته الحروب.
إن تصريحات العسيري، المتحدث الرسمي باسم العمليات، بأن لا تدخل بري في اليمن يدفعنا للتفكير بأن الموافقة الأمريكية والدولية كانت بشروط، أو أنها وافقت على سقف محدد من التدخل الخليجي في اليمن وهو التدخل الجوي، فهل هذا التوقع صحيح وأن سقف الخيارات لدى السعودية والخليج محدود؟ الأمر الذي يجعل البعض يطرح الخيار الثاني وهو دعم حكومة هادي والقبائل بالمال والسلاح.
إن الدعم المادي للقبائل وحكومة هادي قد يكون حلاً جيدًا لدى البعض في هذا التوقيت، يبعد موضوع التدخل العسكري، لكن الأمر سيعقد المشهد بشكل أكبر ويُدخل اليمن في حرب أهلية قد تستمر لعقود من الزمن، إن من يتابع حقيقة المشهد في اليمن يدرك أن دعم وتسليح هادي ومن معه، سيدفع الطرف الثاني وهو إيران بتسليح أكبر للحوثي، ويكون الصراع حرب باردة على أرض اليمن بين الخليج وإيران وتصبح اليمن سوريا ثانية، الأمر الذي يجب أن يدركه اليمنيون ويتحركون بسرعة لمنع حدوثه.
إن استعداد مصر وباكستان والأردن للمشاركة في الاجتياح البري، وقدرة هذه الدول تعتبر جيدة ولا تقارن بقدرة الحوثيين على المقاومة حتى مع الدعم الإيراني، الذي من الممكن قطعه أو التقليل منه بقطع طرق الإمداد البحري عن اليمن، كل هذا يجعل الاجتياح خيار حاسم خاصة إذا كانت المشاركة حقيقية، إضافة إلى السعودية التي ستكون ذات الثقل الأكبر على الأقل في مجال التسليح والتجهيز.
إن الاجتياح العربي لليمن سيكون كفيلا بدحر الحوثي وكسر شوكته لعقود من الزمن، وفرض قيود وحدود لجماعته لن يتعداها، خاصة إذا ما كان الاجتياح كبيرًا وحقيقيًا يصل لمعاقل الحوثي ويقبض على قياداته وينهي وجوده المسلح، ويخرج بعد نزع السلاح وعمل مصالحة شاملة والدعوة لانتخابات حقيقية تصل بممثلي الشعب للسلطة وتكفل الديمقراطية.
عندها من الممكن التكلم عن استقرار حقيقي في اليمن وبداية جديدة لهذا البلد الذي أتعبته الحروب.
ولكن يبقى السؤال الأهم هل يمتلك العرب هذا الخيار في اليمن؟