خرج السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، بخطاب أمس للتعليق على العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن “عاصفة الحزم”، بدا الرجل منفعلًا وصب هجومه على الدول المشاركة في هذه العملية مستدعيًا القضية الفلسطينية في خطابه بالإشارة إلى أن فلسطين هي من بحاجة إلى ما تسمى “عاصفة الحزم”، على حد قوله.
اتهم نصر الله الحكومات العربية بالتدخل العسكري في اليمن من أجل عروش ملوكها لا من أجل مصلحة اليمن، كما دافع الأمين العام لحزب الله عن الموقف الإيراني في المنطقة، حيث قال إن ترويج أمر احتلال إيران للمنطقة هي محض افتراءات إعلامية تروجها حكومات الخليج.
موقف نصرالله من القضية اليمنية متسق تمامًا مع كونه أحد مخالب الدولة الإيرانية في المنطقة، بالضبط كما هو حال الحوثي وجماعته أنصار الله في اليمن، إلا أن حزب الله في الأوانة الأخيرة قد تحول من مجرد فصيل لبناني له ولاء أيدلوجي لإيران إلى مليشيا تخطت الحدود اللبنانية، لتشارك في الصراعات الإقليمية لصالح الداعم والمحرك الأول إيران.
فخطاب نصر الله المنتقد للموقف العربي لا يمكن أن يمر دون إبراز التناقضات الفجة التي حواها، وكأن زعيم حزب الله اعتقد أنه يتعامل مع ذاكرة الأسماك لدى متابعيه، السيد نصرالله يتحدث بأن هذه الحرب على اليمن لتثبيت عروش الخليج التي اهتزت وهو محق في ذلك، إذ إن العاصفة ليست سوى دفاعًا عن أمن ممالك الخليج ولا علاقة للأمر بالشحن الطائفي الذي تستخدمه السعودية في الأمر، ولكنه لم يذكر أن مقاتلي حزبه ذهبوا إلى سوريا تحت نفس الغطاء الطائفي لتثبيت حكم بشار الأسد الذي قتل أكثر من ربع المليون مواطن سوري، فلا ندري هل لا يستوي القتال من أجل حماية مرقد السيدة زينب في سوريا كما ادعى الحزب، بالقتال من أجل الدفاع عن السنة وحماية الإسلام كما تدعي السعودية؟!
كذلك كان النشاط العسكري للحزب في العراق، تحت دعاوى وجود أخطار تهدد المراقد الشيعية في العراق، كمبرر لإرسال مقاتلين من الحزب لمساندة قوات الجيش العراقي والميليشيات الشيعية هناك .
الحزب يفعل منذ أكثر من سنة ما تفعله السعودية الآن في اليمن وأكثر، الشحن الطائفي في سوريا والعراق ولبنان لا يتوقف، والتحول من حزب يعد نفسه “مقاوم” إلى حركة سياسية تابعة لطهران ومنفذة لأجندتها في لبنان وخارجها فقط، كل هذا يجعل من خطاب السيد نصر الله غير ذي مصدقية أو صدى كما كان من قبل.
وبالانتقال إلى حديث الرجل عن القضية الفلسطينية وحاجة فلسطين إلى هذه الطائرات السعودية وعاصفة الحزم، لا نجد سوى أن نقول للأمين العام لحزب الله أن فلسطين أيضًا بحاجة إلى صواريخك الموجهة في قلب الشعب السوري، كما أن فلسطين بحاجة إلى مقاتليك الذين يساندون نظام الأسد، أما عن مليارات الخليج التي تفتقدها فلسطين بالفعل فهي كذلك تفتقد مليارات إيران هي الأخرى .
انتقل حسن نصرالله إلى انتقاد السعودية وتوجيه اللوم لها واتهامها بعرقلة العملية السياسية في لبنان، وكأن الحزب يسعى بالفعل لإصلاح الحياة السياسية اللبنانية وكأن الحزب لم يجعل لبنان ولاية إيرانية عن بعد تستطيع طهران العبث بها كيفما شاءت.
الحديث عن محور الممانعة والمقاومة لم يعد يجدي، نصرالله يتحدث عن المقاومة بنفس أسلوب الأسد الذي يتحدث عنها ولم يطلق رصاصة على الجولان في مقابل البراميل التي تتفجر على رؤوس الشعب السوري يوميًا، نصر الله لا يعجبه ما يحدث في اليمن ويدعو إلى جلوس الجميع على طاولة الحوار، ولا يوجه نفس الدعوة إلى الفصائل السورية بل فضل لغة السلاح للتعامل معهم باستخدام لفظ الإرهاب الذي يعاني منه شخصيًا.
أصبح التساؤل في هذه المرحلة هل سيتدخل حزب الله في اليمن كميليشيا لإيران يتم استئجارها في أي وقت تشاء طهران؟، متى سيرسل حزب الله قواته إلى اليمن متذرعًا بحماية العمائم الشيعية باليمن، فمن المؤكد أن دور المقاومة لم يعد ينطلي على عمامة السيد نصرالله، وعليه أن يتحدث بصراحة أكثر عن دوره في المنطقة كامتداد للنفوذ الإيراني، الأمر الذي جعله لا تمر مناسبة إلا ويوجه المدح والثناء على السيدة إيران.
إن من الضروري التأكيد على أن مآرب السعودية لا تختلف كثيرًا عن مآرب إيران وذراعها حزب الله في المنطقة، فكلا الغريمين يعتمد على الطائفية والحشد العقائدي لخدمة المصالح والنفوذ السياسي، وكلا الغريمين يعمل على زرع نفوذه عن طريق المال السياسي في دول المنطقة، وهو ما نجحت فيه طهران أكثر من الرياض، فظهر حزب الله أكثر نجاحًا من أتباع السعودية المستأنسين الذين فشلوا في حماية نفوذها باليمن وموقفها في سوريا، لتعتمد الدولتان حرب الميليشيات المأجورة، التي لا يجدي معها التمسح في خطاب المقاومة من حسن نصرالله ولا التمسح في حماية السنة من قِبل السعودية.