انطلقت – كما هو معلوم – عملية عاصفة الحزم بقيادة المملكة السعودية وبمشاركة مصر والمغرب والأردن والسودان وباكستان بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والبحرين والإمارات والكويت وقطر باستثناء عُمان.
مشاركة المغرب في هذه العملية رغم البون الجغرافي بينها وبين ساحة العمليات يطرح أكثر من تساؤل خاصة الدوافع المُحيطة بها وما تفضي إليه من خلاصات عامة تُساعد على تفكيك المشهد الإقليمي العربي.
الموقف الرسمي المغربي
أكد بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون يوم الأربعاء أن المغرب يعرب عن تضامنه الكامل والمطلق مع المملكة العربية السعودية وتأييدها للحفاظ على الشرعية في اليمن، في الوقت الذي أطلقت فيه الرياض عملية عسكرية ضد جماعة الحوثي الشيعية في صنعاء.
وأوضح البيان أن “المملكة المغربية تابعت عن كثب وبانشغال كبير التطورات الخطيرة التي عرفتها الجمهورية اليمنية والمتمثلة في استعمال القوة والعنف والإمعان في نسف مكتسبات الحوار الوطني اليمني وضرب الشرعية”.
وأوضح نفس المصدر أنه أمام هذه السلوكات وما تحمله من مخاطر على نطاق واسع، فإن المملكة المغربية تعلن عن تضامنها الكامل والمطلق مع المملكة العربية السعودية وتأييدها للحفاظ على الشرعية في اليمن والدفاع عن المملكة العربية السعودية.
في ذات السياق، أصدرت وزارة الداخلية المغربية، يوم الخميس، بيانًا توضح فيه خلفيات مشاركة سلاح الجو المغربي، ليلة الأربعاء، بـ 6 مقاتلات جوية في تحالف يضم 10 دول في الحرب على الحوثيين في اليمن.
وأوضح البلاغ “أن مشاركة المغرب في عملية عاصفة الحزم، تأتي للدفاع عن المملكة العربية السعودية في خطاها لدرء أي سوء قد يطال أرضها أو يمس، من قريب أو من بعيد، الحرم الشريف أو يهدد السلم والأمن في المنطقة برمتها”.
وحسب نفس المصدر فإن المملكة المغربية قررت تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة إلى التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، في بعده السياسي والمعلوماتي واللوجيستيكي والعسكري، و هو ما يعبر عن تضامن المغرب مع المملكة العربية السعودية.
كما أفادت وزارة الداخلية أن دعم المغرب يتمثل في وضع القوات الجوية الملكية المغربية الموجودة بالإمارات العربية رهن إشارة هذا التحالف، لإخراج اليمن من الأزمة التي يتخبط فيها والوضع الدامي الذي يجتازه، وكل مؤامرة خارجية تحاك ضده وضد الأمن الخليجي والعربي.
الإمارات ترحب
أشارالديوان الملكي المغربي في بيان له إلى تلقي الملك محمد السادس، يوم الخميس، اتصالاً هاتفيًا من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات، وذكر البيان أنه تم التطرق، خلال هذا الاتصال، لتطور الأوضاع بمنطقة الخليج العربي، وخاصة بالجمهورية اليمنية ، كما تحدث البيان عن شكر جزيل وتقدير من دولة الإمارات للدعم الفعّال الذي تقدمه المملكة المغربية من خلال مساهمتها في التحالف من أجل إعادة الشرعية والأمن والاستقرار لليمن الشقيق، حسب تعبيره.
وقد أكد الملك للمسؤول الإماراتي، تضامن المغرب الدائم مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وكافة دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، والوقوف إلى جانبها في قضاياها العادلة.
يشار إلى أن المغرب الذي يشارك في الحملة العسكرية على الحوثيين بست طائرات، سبق له إعلان أنه قد وضع خبرته العسكرية في خدمة القوات الإماراتية.
مشاركة رمزية من أجل تحقيق مصالح دبلوماسية
تأتي مشاركة المغرب في عاصفة الحزم بعد أيام من زيارة أدّاها ولي عهد أبو ظبي إلى المملكة، زيارة حضر فيها البعدين الاقتصادي والأمني والعسكري بقوة (تقرير حول الزيارة).
ورغم أن قراءة تلك الزيارة في بعدها غير المعلن رجّحت وجود توجّه إماراتي نحو إيجاد ظهير مغاربي بهدف إعادة التموقع في المشهد الليبي بعد الهزيمة التي مني بها الحلف المصري – الإماراتي من خلال نجاح الجزائر في ترجيح كفة الحوار والحل السياسي على حساب التدخل العسكري، بيّن إطلاق عاصفة الحزم والاتحاق السريع للمغرب بها أن العملية العسكرية في اليمن أُعد لها بشكل مسبق وقد تكون من بين النقاط التي ناقشها نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية مع الملك المغربي.
من الجلي أن المشاركة الرمزية للمغرب بـ 6 طائرات تندرج ضمن الجهود التي بُذلت من طرف السعودية وشُركائها في هذه الضربة العسكرية من أجل توفير غطاء سياسي واعتراف دولي بها خاصة وأن العملية استبقت القمة العربية ولم تأت، كما جرت العادة، على إثر قرار من جامعة الدول العربية أو مجلس الأمن بالأمم المتحدة وهو ما يتعارض مع المواثيق الدولية.
من الجهة الأخرى، تسعى المملكة المغربية من خلال هذه المشاركة الرمزية إلى كسب صُنّاع القرار في دول الخليج خاصة مع وجود ملفات عالقة كقضية الصحراء بينها وبين الجزائر، والتي طالما كان الصراع حولها دبلوماسيًا بالأساس؛ دعم اليوم سيكون له بالضرورة ما يقابله من “شكر” في المستقبل سواء على الصعيد الدبلوماسي أو حتى على المستوى الاقتصادي.
يُذكر أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سبق وأن أكد منذ أسبوعين بأن المقترح المغربي للحكم الذاتي حول الصحراء هو الأساس لأي حل تفاوضي بين جميع الأطراف المعنية كما جدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية.
ويرفض العديد من المغاربة مشاركة بلادهم في العمليات، فمثلا تقول إحدى الحملات إن تكلفة عشر ساعات من الطيران في عملية عاصفة الحزم تكلف المغرب ما يكفي لبناء مستشفى.
For every 10 hours Morocco's six F-16 fighter jets spend bombing #Yemen, #Morocco could build one hospital pic.twitter.com/B81YZAdCM5
— Nadir نادر بوحموش (@Boutswir) March 27, 2015