جددت القوات العسكرية المشاركة في عملية عاصفة الحزم غاراتها الجوية على مواقع عسكرية تابعة لجماعة الحوثي والرئيس السابق في اليمن لليوم الثالث على التوالي في اكثر من محافظة يمنية.
ففي العاصمة صنعاء قصفت الطائرات الحربية للتحالف العربي كلا من دار الرئاسة، و مركز الشعبة الفنية بقوات الاحتياط، و مقر القوات الخاصة، ومعسكرات الخرافي، والصمع، و48 التابعة للحرس الجمهوري، وكلية الطيران والدفاع الجوي، إضافة الى مخازن للسلاح في جبل نقم المطل على المدينة.
وتعرض ميناء بلحاف في محافظة شبوة (شرق اليمن)، وميناء الصليف بمحافظة الحديدة (غرب اليمن)، لغارات مكثفة استهدفت منظومة للصواريخ تابعة لجماعة الحوثي هناك، كما تعرضت ألوية الحرس الجمهوري في إب ويريم وذمار وضبوة لقصف مكثف طوال الليلة الماضية.
وذكرت مصادر محلية أن طائرات التحالف العشري قصفت أيضا رتل عسكري من لواء المجد قادم من البيضاء في طريقه الى محافظة عدن بمنطقة وادي حسان، كما نفذت غارة جوية على كتيبة 49 دفاع جوي بالقرب من حقل “وادي بنا” النفطي في محيط منطقة صافر النفطية 70 كم شرق مدينة مارب، وذكرت المصادر أن الغارة استهدفت رادار المراقبة ومنصة إطﻻق الصواريخ في الكتيبة ودمرتها بالكامل.
ونقلت مواقع صحفية مقربة من جماعة الحوثي ان العمليات الاخيرة اسفرت عن إستشهاد وإصابة 12 جندياً في الهجوم الذي إستهدف مقر قيادة قوات الإحتياط.
ويأتي تنفيذ تلك الغارات في سياق العملية العسكرية المعروفة بإسم عاصفة الحزم، والتي انطلقت مساء الاربعاء الماضي بمشاركة عشر دول عربية بناء على طلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لقادة الدول الخليجية.
من جانبها أعلنت جماعة الحوثي عن خطوات تصعيدية لمواجهة ما اسمته بالعدوان السعودي على اليمن، وقال الناطق الرسمي محمد عبدالسلام أن “السعودية جربت في وقت سابق الحرب معنا ، واليوم الفارق أكبر بالمساحة والجغرافيا والإرادة”، واضاف في مداخلة لقناة المسيرة التابعة لجماعته أن الشعب ينتظر فقط إشارة من السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لبدء الحرب وصد العدوان.
ودعت وزارة الداخلية اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيين كافة الأجهزة والوحدات الأمنية إلى رفع درجة الاستعدادات القتالية القصوى في كافة القوى والوحدات العسكرية والأمنية في عموم محافظات الجمهورية بنسبة 100%.، للتصدي لأي عدوان بالتنسيق الكامل بين مختلف الوحدات والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
وأعلنت اللجنة الثورية العليا التابعة لجماعة الحوثي أنها أقرت عودة المسرحين والمتقاعدين العسكريين والأمنيين من منتسبي القوات المسلحة والامن للخدمة في مجال أعمالهم، وكذلك دعوة جميع المحالين تعسفيا الى التقاعد من منتسبي القوات المسلحة والامن للخدمة في مجال أعمالهم من جديد.
كما اصدرت اللجنة الثورية قرارا جديدا يقضي بإزالة صور الرؤساء السابقين من كافة الوزارات والمؤسسات العامة للدولة والشركات والمؤسسات الخاصة والشوارع والميادين، ورفع آية الكرسي في كافة الوزارات والمؤسسات العامة للدولة.
الى ذلك تجري جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح تحركات عسكرية ميدانية في اكثر من جبهة داخل اليمن، لتطويق المحافظات الجنوبية من الغرب والوسط بغية إسقاطها في أقرب وقت ممكن، بالتزامن مع تصعيد عسكري على الحدود السعودية.
وكشفت مصادر عسكرية مطلعة عن تمكن مقاتلي الطرفين من الوصول الى محافظة شبوة الواقعة في الجزء الجنوبي من اليمن، بعد مواجهات عنيفة مع مسلحين قبليين انتهت بسيطرة الحوثيين علي منطقة بيحان التابعة للمحافظة، وتمددهم نحو منطقة شقرة الساحلية بمحافظة ابين، وأعادت المصادر سرعة سقوط محافظة شبوة الى تواطئ شخصيات محلية نافذة موالية للرئيس عملت على قوات صالح ومسلحي الحوثي الى بيحان.
واكدت المصادر ان ستة ألوية من قوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح اتجهت نحو الجنوب عبر البحر قادمة من محافظة الحديدة، بالتزامن مع وصول زورق بحري يحمل اكثر من 300 جندي من الحوثيين تسللوا الى مدينة عدن مساء الجمعة.
ولاتزال مدينة عدن التي يستقر فيها الرئيس هادي تشهد مواجهات عنيفة في مداخلها وشوارعها منذ مطلع الاسبوع الماضي بين المسلحين الحوثيين وقوات صالح من جهة وبين اللجان الشعبية من جهة اخرى، واعلنت السلطة المحلية بالمحافظة حظر التجوال من الساعة السابعة مساء حتى السابعة صباحاً.
وفي سياق حشدها العسكري نحو الحدود السعودية أقدم المسلحون الحوثيون على نهب مخازن الاسلحة بمعسكر مدرسة القتال بمديرية الضحي شمال محافظة الحديدة (غرب اليمن)، ونقلوا مضادات الطيران التي كانت بداخله الى موقع عسكري تابع لهم تمهيدا لنقلها الى محافظة صعدة، كما نهب مسلحو الجماعة مخازن الأسلحة والدبابات من لواء المدفعية المرابط بمنطقة كهلان بصعدة، ودفعت بها باتجاه منفذ البقع الحدودي مع السعودية، و فرضوا حصارا على معسكر عبس في مدينة حجة بعد رفض قيادة المعسكر طلباً حوثياً بالتحرك لمهاجمة حدود السعودية.
وعلم موقع نون بوست من مصادر خاصة ان الحوثيين بالتنسيق مع الرئيس السابق يقومون بعملية تسليح واسعة في محافظة ذمار (وسط اليمن) ينسق لها محافظ المحافظة حمود عباد المحسوب على الرئيس السابق، لإرسالهم الى الحدود السعودية، وذكرت ان المحافظ وجه بخصم قسط من رواتب الموظفين في وزارة التربية والتعليم لصالح مسلحي الحوثي.
وأوضحت المصادر ان الاسلحة الثقيلة التابعة للمعسكرات الموالية للرئيس السابق في محافظة ذمار تم تهريبها وتوزيعها الى أماكن متفرقة في المدينة، مخافة تعرضها للقصف من قبل طيران قوات التحالف، واكدت ان جماعة الحوثي وقيادات عسكرية موالية للرئيس السابق قامت بنقل دبابات ومعدات ثقيلة الى عدة منشآت حكومية، ووضعها في طور الجاهزية.
وكان 24 مسلحا حوثيا لقوا مصرعهم في منطقة صبر القريبة من محافظة عدن الخميس امس الاول، كما قتل 12 آخرين
في مواجهات مسلحة بمنطقة مُكيْراس الفاصلة بين محافظتي البيضاء وابين على الحدود بين الشمال والجنوب.
وفي اتجاه مغاير أعلن الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن مبادرة جديدة لوقف الاقتتال الذي يحدث في اليمن، بالتزامن مع وصول الرئيس عبدربه منصور هادي الى جمهورية مصر قادما من المملكة العربية السعودية للمشاركة في اعمال القمة العربية.
ودعا صالح في مبادرته الى وقف كافة الاعمال العسكرية فوراً من قبل التحالف الجديد بقيادة المملكة العربية السعودية و دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ومن يتحالف معهم، بالتزامن مع وقف فوري للعمليات العسكرية من قبل جماعة انصار الله (الحوثيين)، ومن اسماهم “مليشيات هادي” و “تنظيم القاعدة”.
و طالب صالح بوقف عمليات السيطرة والنهب على مؤسسات الدولة والمعسكرات في عدن ولحج، وجميع المحافظات من كل الاطراف ، و العودة الى طاولة الحوار بحسن نية تحت برعاية الامم المتحدة، مع نقل مقره الى دولة الامارات العربية المتحدة، او اي مقر من مقرات الامم المتحدة، واستكمال ما تبقى من قضايا لم يتم بعد التوافق عليها .
واعتبر مراقبون يمنيون ان صالح يسعى من خلال مبادرته الى محاولة شق التحالف بين السعودية والامارات، وتقديم نفسه كطرف محايد عن جماعة الحوثي المتهم بدعمها.
وفي تعليقه على مبادرة صالح قال الامير سعود الفيصل: ما يحصل الان نوع من انواع الحوار فلا يمكن ان تكون كل الحوارات على الطاولة.
وقال حسن زيد القيادي في حزب الحق الموالي لجماعة الحوثي ان مبادرة صالح بالدعوة للحوار في الامارات تأتي كمكافأة للإمارات على مشاركتها في قتل اليمنيين، وكتب زيد في منشور له على صفحته بالفيسبوك: ” لا يمكن لقوة سياسية تحترم الدماء التي تسفك ان تقبل بأن يكون الحوار السياسي اليمني في دولة من دول تحالف العدوان على اليمن، فقط علي عبدالله صالح الذي يبحث عن فتات عرض الذهاب للامارات مع ان الإمارات تفاخر بانها من ضربت منظومة لواء الصواريخ ومشاركة بستين طائرة”.
من جانب آخر جدد الحزب الاشتراكي اليمني، رفضه لنهج الحروب، ودعا الى التخلي عن لغة السلاح والعمل في اطار المصلحة الوطنية للشعب اليمني، وقال الناطق الرسمي للحزب الاشتراكي، عضو المكتب السياسي، علي الصراري، أن الحزب الاشتراكي اليمني، منذ أن نشبت هذه الأزمة ظل يؤكد على موقفه المبدئي الراسخ والقائم على ان الحروب الداخلية، ما هي إلا استمرار في المسار المأساوي الذي اكتوت به اليمن ولا تزال تكتوي به حتى هذه اللحظة.
وطرح الصراري عدد من النقاط قال أنها تأتي في اطار دعوة الحزب الاشتراكي المتكررة لرفض الحروب، وتؤكد هذه النقاط علي ” سرعة ايقاف الحرب الداخلية وسحب المسلحين والقوى العسكرية المحاربة التي تحاصر الآن عدن وتخوض حرب غير شريفة ضد مواطنيها”، و ايقاف تمدد المسلحين الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها، والخروج منها بما في ذلك العاصمة صنعاء، و ايقاف الضربات الجوية لعملية “عاصفة الحزم” المتمثلة بالغارات الجوية التي تمثلها، دول التحالف في هذه الحملة.
وطالب الاشتراكي بالعودة الى طاولة الحوار من قبل كافة القوى السياسية بهدف الوصول الى حل سياسي للأزمة القائمة استنادا الى مرجعيات المبادرة الخليجية وألياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، ومناشدة الأشقاء في دول المنطقة بدعم الحوار الوطني اليمني ومساعدة اليمن على تجاوز هذه الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار، باعتباره جزء من أمن واستقرار المنطقة.
وقال الصراري أن الحزب الاشتراكي اليمني كان ولا يزال يعبر عن رفضه القاطع والنهائي لهذه الحروب، ويرى أنها شرا محضا يصيب البلاد ومن عليها ويهدد مصيرها بصورة خطيرة، واستطرد بالقول: ومع نشوب الأزمة الأخيرة واتجاه حراب الحرب نحو المحافظات الجنوبية، ومحاولة السيطرة على تعز على طريق هذه الحملة، في عملية لم يكن خاف اهدافها، فإن قوى الحرب سعت وتسعى إلى اخضاع البلد بوسائل القوة القائمة في اطار فرض الغلبة الداخلية.
من جهته قال وزير الخارجية المكلف رياض ياسين إن هناك فرصة للحوار مع الحوثيين لحل أزمة بلاده لكن بشروط بينها الاعتراف بشرعية الرئيس هادي.
وأضاف ياسين في تصريحه لرويترز: ” الحوار كان مطلوبا ولا يزال لكن تحت ظل شرعية الرئيس وشرعية الدولة وليس شرعية الانقلابات والميليشيات التي تسيطر على مقدرات الدولة والتي تستبيح كل شىء من أجل أن تسلم اليمن إلى إيران”، وأوضح أن الحوار مع الحوثيين مازال ممكنا وفقا “لشروط سليمة”.