استمرت لليوم الثالث على التوالي غارات التحالف العربي ضد أهداف لمقاتلي الحوثيين، حيث كانت العاصمة صنعاء بمنأى عنها طوال نهار السبت، لكنها عادت مع حلول المساء، وتوسعت لتستهدف مخازن للأسلحة ومنصات صواريخ في شمال وغرب ووسط البلاد.
توسع للهجمات واستهداف لمنازل قيادات حوثية
مع دخول مساء السبت، كانت المقاتلات الحربية لعاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية، تعاود قصفها على مواقع عسكرية يسيطر عليها الحوثيون ووحدات عسكرية موالية للرئيس السابق علي صالح، وقالت مصادر مطلعة إن الغارات استهدفت معسكرات السواد و48 والآفاق وهي معاقل لقوات الحرس الجمهوري.
وقال مواطنون إن مقاتلات التحالف استهدفت رتلاً عسكريًا كبيرًا معززًا بالدبابات كان متجهًا لعدن، السبت، ووجه مدنيون في مدينة الضالع نداءات استغاثة جراء قصف عنيف يمارسه اللواء 35 مدرع على المدينة.
وفي غرب البلاد، استهدفت غارة جوية لقوات التحالف العربي، منصة بطاريات صواريخ تابعة للواء 65 دفاع جوي الواقعة بجانب مطار الحديدة الدولي، وهو لواء كبير سيطر عليه الحوثيون الشهر المنصرم.
وقال شهود عيان إن الحوثيين قاموا بنصب مضادات طيران في أحياء سكنية بالعاصمة، فيما عاودت الغارات هذا المساء على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين وصالح في مقر الفرقة المدرعة الأولى، وسط حالة من الهلع والذعر في صفوف المدنيين.
وفي محافظة مأرب، وسط البلاد، شن طيران التحالف العربي، غارات جوية استهدفت رادارت معسكرات موالية للرئيس السابق والحوثيين، فيما تستمر قبائل المحافظة استعداداتها الكبيرة لصد أي هجوم على المدينة ذات النفوذ القبلي الكبير.
من جانبها قالت صحفة “شباب الصمود” التابعة لجماعة الحوثي، إن” الجيش مسنودًا باللجان الشعبية يضيقون الخناق على العناصر التكفيرية الداعشية في مدينة عدن من جهة ساحل أبين”، وأوضحت أن ما أسمته” طيران العدوان الصهيوأمريكي يقصف مناطق العند والمقاش وقحزة وجبل مرع بمديرية باقم ويحلق بكثافة في سماء رازح وتهامة”.
وأكد الموقع الإخباري أن الغارات استهدفت معقل الحوثيين في صعدة وقال “طيران العدوان السعوأمريكي يستهدف معسكر الكمب الذي يتواجد فيه اللواء 105 الواقع بين حرض ومديرية الظاهر والقريب من الحدود السعودية وسقوط شهداء وجرحى من الجنود اليمنيين”.
من جانبه، قال المتحدث الرسمي لعاصفة الحزم، العميد أحمد العسيري، إن أهداف المرحلة الأولى من العاصفة تحققت، حيث تم قصف القواعد الجوية والاتصالات وقواعد الصواريخ لمليشيا الحوثي.
وأضاف أن الغارات سوف تستمر باستهداف قواعد الصواريخ الباليستية، صواريخ أرض أرض، مشيرًا إلى أنه تم استهداف أكثرها ولا “نستبعد تخزين تجمعات ومخازن الذخيرة والتموين وتحركات المليشيات بالمناطق وبخاصة باتجاه الجنوب”.
وكشف العسيري عن استهداف أحد القيادات الحوثية بعملية مركزة لعربة كان يستقلها ومركز قيادة يتحصن فيه الحوثيون ويديروا العمليات إصابة مباشرة وبنفس الأسلوب”.
استمرار المواجهات الميدانية مع رجال القبائل
استمرت المعارك بين المؤيدين لشرعية الرئيس هادي في جنوب البلاد، وبين مسلحي الحوثي المدعومين بقوات عسكرية تابعة للرئيس علي صالح.
وذكرت مصادر مطلعة أن القوات الموالية لهادي، استعادت اليوم السبت السيطرة على مطار عدن الدولي بخور مكسر بعد معارك عنيفة مع قوات الحوثيين استمرت ليومين، مشيرة إلى أن قوات هادي سيطرت على عدة عربات عسكرية بعد انسحاب الحوثيين.
وفي محافظة لحج، القريبة من مدينة عدن، تشهد المدينة، حرب شوارع ومعارك، وسط تدهور للخدمات العامة وانتشار للجثث في الشوارع.
وقال مصدر طبي في المدينة إنهم لن يتمكنوا من انتشال الجثث نتيجة تصاعد الاشتباكات، محذرًا من كارثة إنسانية نتيجة تردي الوضع الطبي والخدمات الأسياسية في ظل غياب التيار الكهربائي والمياه وإغلاق محلات التموين أبوابها.
تظاهرات مؤيدة للتحالف وفعاليات معارضة
خرجت تظاهرات مؤيدة للعملية التي تشنها قوات التحالف على مواقع عسكرية تابعة للرئيس السابق ومسلحو جماعة الحوثي، في الوقت الذي يستمر فيه أنصار الحوثيون وصالح في تنظيم فعاليات منددة بما أسموه التدخل الأجنبي باليمن.
وشهدت مدينة إب، وسط البلاد، اليوم السبت، تظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف، رفعوا أعلام عدد من الدول العربية التي تشارك في التحالف العربي، مؤكدين تمسكهم بالرئيس هادي بصفته رمزًا للشرعية التي ارتضاها اليمنيون.
وقد ردد المشاركون في المسيرة الهتافات المؤيدة لجهود السلام في اليمن والرافضة لدعوات العنف والحروب العبثية التي يقودها تحالف الحوثي صالح لتدمير البلد واستدعاء التدخل الخارجي.
وفي مدينة تعز تستمر الفعاليات المدنية المنددة بمعارك الحوثيين وصالح المدعومين إيرانيًا من استهداف المدن الجنوبية وأبرزها عدن ولحج، معبرين عن تأييدهم لعاصفة الحزم العربية.
وخرج الآلاف في مدينة تعز، اليوم السبت، دعمًا للواء عسكري رفض تلقي التوجيهات من جماعة الحوثي، وطالبوا معسكرات المحافظة بالانضمام إلى اللواء ورفض توجيهات المليشيا.
وانطلقت التظاهرة من شارع جمال إلى مقر المحافظ، حيث عبر المشاركون عن تأييدهم للحملة العسكرية التي تقصف المواقع العسكرية التابعة للحوثين، ورفعوا صور لزعماء الدول العشر المشاركة بالعملية العسكرية، ويافطات تطالب الانقلابيين بحقن الدماء.
وفي المقابل ينظم أنصار الحوثيون فعاليات محدودة على مواقع التواصل الاجتماعي تنديدًا بما أسموه “العدوان السعودي الأمريكي الفاضح لتدمير الاحتياجات الأساسية والبنية التحتية للشعب اليمني”.
الأمم المتحدة “خارج السرب”
رغم فشل الدور الأممي في اليمن، والذي يقوده المستشار الخاص للأمين العام المتحدة جمال بنعمر، إلا أن أنباء تتحدث عن مساع جديدة يبذلها بنعمر لاستمرار جلسات الحوار التي وصلت لطريق مسدود.
وكشف ممثل حزب الإصلاح في المباحثات، محمد قحطان، في تصريحات صحفية، أن بنعمر طرح عليهم أمس نقل مؤتمر الحوار إلى المغرب، مع التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض نظرًا لأنها مقر المبادرة الخليجية والأمانة العامة لمجلس التعاون.
وأشار إلى أن بنعمر التقى بممثلين عن الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي، في اجتماع جرى في أحد فنادق العاصمة صنعاء، مؤكدًا أن المبعوث الأممي التقى بمندوب الحوثيين بشكل منفرد، وأضاف أن كل المندوبين قد وافقوا على ما طرحه بنعمر وبانتظار رد الحوثيين.
ومن المتوقع أن يعلن بنعمر عن عودة الحوار بين أطراف الأزمة اليمنية، فيما تتواصل المعارك التي يخوضها الحوثيون في عدة مدن يمنية، بالإضافة إلى تأكيد قادة خليجيين على عدم توقف الغارات الجوية حتى تحقيق كافة أهدافها.
وتحمل بنعمر أكثر من مرة مسؤولية فشل الحوار، وقال إن منظمته الدولية لا تملك “عصا سحرية” لإيجاد حلول في اليمن، لكن ناشطون يمنيون يعتبرون أن بنعمر ساهم في انفجار الوضع باليمن.
استمرار نزيف الدم
في الوقت الذي تتناول وسائل الإعلام التابعة للرئيس صالح وجماعة الحوثي صور من تصفهم ضحايا مدنين، لمن يطلقون عليها غارات التحالف “السعو أمريكية”، تتواصل الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي الجماعة المعززين بعربات عسكرية ثقيلة في جنوب ووسط البلاد.
ونقلت وكالة سبأ الرسمية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي أن أربعة قتلى سقطوا الليلة الماضية جراء ما وصفته بالقصف الهمجي على مشفى 48 بالعاصمة صنعاء.
قال مدير الصحة في عدن، اليوم السبت، إن عدد القتلى في المدينة خلال الثلاثة الأيام الماضية، بلغ نحو 61 قتيلاً من جميع الأطراف، ووصل عدد الجرحى إلى خمسمائة جريح على الأقل، وأضاف أن مستشفيات المدينة استنفرت طاقاتها لاستقبال ضحايا المعارك.
وخلال الأيام الماضية شهدت المدينة انتشارًا للجثث على نطاق أوسع، إثر حرب شوارع بين اللجان الشعبية وقوات الجيش الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي من جهة، وبين قوات الأمن الخاصة وقوات من الجيش من جهة أخرى.
وكان مركز أبعاد للدراسات اليمني قد أوضح في إحصائية سابقة من العام الجاري أن ضحايا معارك جماعة الحوثي في 2014 وصلوا إلى 7000 قتيل ومئات الجرحى من المدنيين والعسكريين.
مواقف سياسية متباينة وصالح يقول إن “الضربات لن تفيد”
دعا مسؤول بحزب الإصلاح اليمني، الرئيس صالح وجماعة الحوثي، للانسحاب من المشهد وتغليب مصلحة الوطن، كما فعل حزبه في 21 سبتمبر حينما قرر عدم حمل السلاح تجنبًا للحرب الأهلية.
وقال رئيس الدائرة الإعلامية علي الجرادي إن الذين يزعمون حب اليمن عليهم أن يأخذوا قرارًا مشابهًا لقرار حزب الإصلاح الذي قدمه في 21 سبتمبر حين قدم الحزب قربانًا للوطن.
ونقل موقع الحزب الرسمي أن حزب الإصلاح قرر عدم حمل السلاح في مواجهة الحوثي حين دخل صنعاء بالدبابة وأسقط العاصمة، كون الإصلاح أدرك مبكرًا انَّها خطة لجر البلاد إلى حروبٍ لا تنتهي وهذا ما لا يريده الوطنيون.
برلمانيو المحافظات الجنوبية أعلنو دعمهم لعملية “عاصفة الحزم” التي تقودها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها، موجهين الشكر للدول المشاركة والداعمة والمؤيدة، داعيين قوات الائتلاف لدعم الشرعية “التركيز والبدء بضرب الأهداف المتحركة لقوات الانقلابيين الحوثيين والرئيس المخلوع”.
الرئيس السابق علي صالح، طالب القمة العربية بوقف الغارات الجوية الأخيرة التي قتلت المئات من المواطنين والنساء والشيوخ لا لسبب إلا أن الرئيس المستقيل لم يعرف كيف يدير شؤون الدولة ولاهم له إلا السلطة”.
ودعا صالح الزعماء العرب بأن يعملوا على وقف الضربات الجوية وأن يتدخلوا للأخذ بيد اليمنيين لطاولة الحوار واستكماله لأنه الحل الأمثل لهذه المشكلة، وقال “أتمنى على الأشقاء ألا يكابروا ولا يراهنوا على جواد خاسر”، مشيرًا إلى أن الضربات لن تفيد.
من جانبه، دعا التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري لوقف جميع العمليات القتالية بشكل فوري، وحقن دماء اليمنيين، وإنهاء كافة أشكال انتهاك السيادة الوطنية، وتحميل مسؤولية نتائجه للمتسببين به.
كما شدد على انسحاب الحوثيين وحلفائهم، وكافة المجاميع المسلحة بدون قيد أو شرط وبشكل فوري من جميع المواقع والمحافظات، ورفع كافة النقاط المسلحة غير التابعة للدولة، وإنهاء الهيمنة والسيطرة على المؤسسات، وتمكين الحكومة من القيام بمهامها، وممارسة صلاحياتها إلى أن يتم التوافق على تشكيل حكومة جديدة وذلك تجنبًا لقيام سلطتين وحدوث انقسام في المؤسسات.
ودعا التنظيم الناصري إلى تمكين الدولة من بسط سيطرتها على كافة التراب الوطني وتمكين السلطات المحلية والمركزية من ممارسة مهامها بدون أي تدخل، وطالب بإعادة كافة الأسلحة للدولة، وتشكيل لجنة عسكرية محايدة خاصة بذلك.