إزاء ضربات قوات التحالف العشري بقيادة المملكة العربية السعودية والتي أطلق عليها “عاصفة الحزم”، تباينت ردود أفعال الشارع اليمني ما بين مرحب ومؤيد ولكن بشروط ومتحفظ ومعترض وساخط جدًا.
غالبية من أجرينا معهم الاستطلاع أيدوا عاصفة الحزم وحمّلوا زعيم جماعة الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح مسؤولية ما آلت إليه اليمن، إلا أنهم لم يبرئوا الرئيس هادي والأحزاب السياسية من تحمل جزء من المسؤولية، ملوحين بأن ضعف الرئيس هادي خلال الفترة السابقة هو الذي أتاح للحوثيين التمدد العسكري حتى وصلوا إلى جنوب اليمن وسعوا إلى قتل الرئيس الشرعي.
البداية كانت مع الطالب الجامعي محمد الحسني، 25عامًا: “أنا شخصيًا ضد الأعمال الوحشية التي يقوم بها الحوثيون، ولكن كنت أتمنى لو كان هناك حلاً آخر سوى تدمير المؤسسة العسكرية والتي هي في الأصل ملك للشعب لا للحوثيين ولا للمؤتمريين ولا لأي طرف”.
وأضاف زميله أحمد الحميد: “أؤيد تمامًا عاصفة الحزم لأن علي صالح والحوثيين لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة؛ إذا سكتنا قالوا نحن دواعش وتكفيريون، وإذا خرجنا في مظاهرات تندد بجرائمهم يقمعوننا وينكلون بنا، وإذا لزمنا المساجد والبيوت اختطفونا وغيبونا في السجون، وإذا انتقدناهم في الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي أحالونا إلى التحقيقات غير القانونية بتهمة العمالة لأمريكا وإسرائيل”.
وعلى النقيض من ذلك يقول المعتصم العزي، 18عامًا: “هذه الضربات هي ضربات أمريكية وإسرائيلية وبدعم سعودي، ولابد أن ندافع عن وطننا وأرضنا، ومن يقف مع الضربات فهو أمريكي وإسرائيلي”، ويؤيده شقيقه “السعوديون يحتلون أرضنا وسندافع عنها، وقد أسقط أنصار الله خمس طائرات سعودية وطائرة سودانية وقد وصل المجاهدون إلى خميس مشيط وقتلوا وجرحوا عشرات الجنود السعوديين”، قلت له: هل أنت متأكد من هذه المعلومات؟ لماذا لا تكون هذه المعلومات مجرد شائعات تنتجها بعض الأطراف لخدمة أجندتها حيث لا يوجد أي دليل في الأرض على صحتها؟ فأجاب: “هذه حقائق وقد رأيت عدة صور ومقاطع فيديو تثبت ذلك”.
من جانبه قال الأستاذ أحمد الحبابي مدرس قرآن ويحمل ماجستير جامعة الإيمان ومختطف سابق من قبل جماعة الحوثي “لم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى هذا الوضع، ولكن هم من أجبرونا إلى أن نحمد الله ونشكره على تدخل قوات التحالف، فقد لاقيت وغيري الكثير من الإرهاب والتعنت والتهديد من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، وقد اختطفت وسجنت لأسابيع وحققوا معي عدة مرات واتهموني بأني أنتمي لتنظيم القاعدة، لا لشيء إلا لأني أخالفهم في المذهب وأعلم الطلاب كتاب الله في المسجد، وأحذر الشباب من الوقوع في فخ هذه الميليشيات التي تستغل العاطلين والبسطاء للمتاجرة بهم في سبيل إيران وأتباعها في اليمن”.
الأستاذة إيمان عبدالله قالت “السلاح الذي يوجه إلى صدور الشعب عدمه أفضل مليون مرة من وجوده، عصابات الحوثي وصالح أهلكوا الحرث والنسل، ألسنتهم ضد أمريكا وإسرائيل وسيوفهم على الشعب اليمني”.
أما الحاج صالح، 53عامًا بائع مواد غذائية، فأخذ نفسًا عميقًا ولم يحدد إجابة واضحة واكتفى بالقول “الله يجنب البلاد والعباد الحروب والفتن، ويقدر لنا ما فيه الخير، أخشى يا ولدي أن تحصل أزمة في المواد الغذائية والمشتقات النفطية بسبب هذه الضربات والحصار”.
علي اليحصي، أحد الذين هجرهم الحوثيون قسريًا من مديرية أرحب “أظن أن هذه الضربات ستعجل بعودتي إلى أسرتي وأهلي في أرحب، وأنها ستضع حدًا لكبرياء الحوثي وصالح، وأحسب أن كل المهجرين قسريًا والنازحين سعداء جدًا بهذا التحالف الذي تأخر كثيرًا فقد لاقينا الكثير من الصعاب والويلات طيلة أشهر تهجيرنا وإلى اللحظة، ونسأل أن ينكس كبر المتكبرين الذين فرقوا بين وبين أطفالي ووالدتي وزوجتي، وحرموني منهم ومن مزرعتي وقريتي منذ منتصف ديسمبر الماضي”.
إبراهيم قيران – مدرس قرآن كريم فعبّر عن رأيه بالقول: “من وجهة نظري ألا أرى هذا تدخلاً وإنما واجبًا، الله عزوجل يقول: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات: 9”.
وأوضح: “اليمنيون اختلفوا في 2011 وبدأوا بالقتال فيما بينهم، والمبادرة الخليجية قامت بالصلح بين الطرفين، هناك طرف خرج على المتفق عليه ونكث عهده وهو علي عبداله صالح الذي سلم الرئاسة ولكن لم يسلم المعسكرات بل سلمها للحوثي وتحالف معه للانتقام من الشعب وهذا من (البغي) الذي نصت عليه الآية الكريمة، فوجب قتال هذا الطرف حتى يفيء إلى أمر الله، فإن رجع الحوثي وجناح صالح إلى طاولة الحوار، وسحبوا عناصرهم من مؤسسات الدولة التي احتلوها بقوة السلاح، وأعادوا السلاح المنهوب إلى المؤسسات الشرعية واعترفوا بشرعية الرئيس هادي، عندها يتحتم وقف ضربات قوات التحالف”.
بدوره قال ناصر الحيمي، مقرب من جماعة الحوثي: “الطائرات الأمريكية والإسرائيلية هي من تشن الضربات الجوية على الشعب اليمني، وهي لا تستهدف المعسكرات وإنما تستهدف المواطنين”.
وبلغة تملؤها الابتسامة قال أنس السلمي، 25عامًا، أحد شباب ثورة 11 فبراير “الحوثيون كانوا يقولون بالأمس إن الله سخر الطائرات الأمريكية لتقاتل معهم في البيضاء، ونحن نقول الله سخر لنا الطائرات الخليجية لتقاتل في صف الشرعية ممثلة بالرئيس هادي، فلماذا يجيزون الأولى ويحرمون الثانية؟”.
وأضاف إبراهيم الصادق: “لا نريد أن نشمت بالحوثيين وبأتباع صالح ولكن أقول إن الظلم والكبر أوصلهم إلى هذا المصير، صدقني إن دعوات الأمهات المكلومة والأطفال المظلومة هي التي رمت الحوثيين وأتباع صالح قبل أن ترميهم طائرات التحالف، هناك أمهات اختطف أبناءها لا لشيء إلا لأنهم خرجوا في مظاهرات أو لأنهم ينتمون إلى حزب الإصلاح، وظلت تلك الأمهات تتوجع ليلاً ونهارًا على مدى أسابيع لأنها لا تعرف أي خبر عن ولدها، كان الدعاء هو سلاحها الوحيد”.
وأما الوالد علي الخياطي فعبر عن تأييده بالقول “بالله عليك كيف لا نفرح ونرحب بطائرات التحالف ونحن نتعرض للتهديد والوعيد كل يوم من قِبل أنصار الحوثي الذين قتلوا آلاف الجنود والمواطنين، واختطفوا الآلاف، واعتدوا على المظاهرات، ونهبوا المنازل، وفجروا بيوت الله، ومدارس تحفيظ القرآن”.
بعدها استفسرته عن ماهية التهديدات التي ذكرها في إجابته فأخذ نفسًا عميقًا وقال: “غاب ولدي عن الحي أربعة أيام حيث كان في يحرس منزل عمه أثناء سفره، فجاء إليّ واحد منهم ـ أي الحوثيين ـ وقال لي ابنك داعشي وبيقاتل في مأرب والجوف مع التكفيريين وأحسن لك تتصل له يرجع قبل ما نرجع نوجعه”، وأضاف: “قبل شهرين اختطفوا الأستاذ الذي يُدرس الطلاب القرآن الكريم في الجامع، وعندما قلت لهم: يا عيباه!! مش حرام عليكم تخطفوا أستاذ القرآن؟ ردوا عليّ بالقول: عاد احنا سنختطفك أنت وابنك”!!
وأما يحي ضيف الله فضمن إجابته برسالة إلى الحوثي حيث قال “بالمختصر المفيد أنا شخص مستقل ولست مع الحوثي ولا مع عاصفة الحزم وإذا كان عند الحوثي وطنية فأطالب منه تحكيم العقل والانسحاب من مؤسسات الدولة لأنهم يضربون بنيتنا العسكرية بذريعة قصف الحوثي، فأطلب منه قطع هذه الذريعة ويعود من حيث جاء إذا كان وطني فعلاً”.
وأما الحاج عبدالرحمن النصيري فاستشهد بالمثل اليمني “جنت على نفسها براقش” وأضاف: “الحوثيون وصالح وأتباعه هم من جنوا على أنفسهم وجنوا أيضًا على مؤسسات الوطن، فهم الذين راحوا يفعلون المناورات على الحدود السعودية، وهم الذين أطلقوا التهديدات وشنوا التحريضات على المملكة، وقالوا إنهم سينظمون الحج السنة القادمة، وسيعلقون شعاراتهم على الكعبة، وأن سيدهم عبدالملك الحوثي قد أصبح قائدًا للجزيرة العربية وليس لليمن فقط والآن الجميع يدفع ضريبة تهورهم وحماقاتهم”.
بدوره محمد عواض اعترض على سؤالي له عن موقفه من التحالف العشري وقال: المفترض أن نطلق عليه “التحالف العربي والإسلامي” مثلما أطلق عليه الكاتب والإعلامي اليمني الدكتور محمد جميح، وأضاف “ما يجري ببساطة هو أن الملك سلمان يقوم بتنظيف أو تصحيح أخطاء سلفه الذي غض الطرف وتعاون أحيانًا حتى أدخل الحوثيين إلى صنعاء نكاية بالإخوان دون أن يشعر أنه بصنيعه هذا أدخل إيران إلى اليمن وبقوة، وهذه الخطوة اضطرارية استفاد منها الخليج قبل اليمن”.
وتساءل “من سيعوض اليمن بدل الطائرات والأسلحة والمطارات التي تم تدميرها؟ كنت أتمنى لو كان هناك حلاً آخر، ولكن على العموم ضربات التحالف ولا نيران الحوثي وعفاش”.
أما محمد غيلان، 40عامًا، فاكتفى بالرد “عدوان غاشم على الشعب اليمني وسنقاومه إلى آخر قطرة من دمائنا”، وعلى عجالة قالت صباح محمد، ممرضة: “يجب أن نتحمل مرارة العلاج حتى نقضي على الألم”.
وعن سبب ابتهاجه بتدخل قوات التحالف في الشأن اليمني قال منير المدي”لأنها جاءت بعد سبعة أشهر من احتلال العاصمة صنعاء من قِبل الحوثيين وأنصار المخلوع، هي سبعة أشهر ولكنها كسبع سنوات عجاف شداد مظلمة حيث انتهكت فيها الحريات العامة والخاصة واختطف فيها قرابة ثلاثة آلاف مواطن وصودرت حقوق الإنسان، وعلا صوت الترهيب والوعيد، وخفت صوت الحكمة، وأصبح الحوار مجرد غطاء يحاول البعض أن يستر به فظاعته وجرائمه وانقلابه، ونهبت الأملاك العامة والخاصة، وساد الخوف والهلع، وتعرض المواطنون للقمع والتنكيل والسجون، وغاب الأمن وانتشرت المظاهر المسلحة، وزادت العمليات الانتحارية بل ووصلت حتى إلى بيوت الله، ونكل بالصحافة والإعلام، وهجر قسريًا الآلاف ونزح مئات الآلاف لقد كانت ومازالت أيام بلاء وخوف وجوع ونأمل أن يعجل الله بانتهاء هذا الوضع المأساوي”.
وأخيرًا يعبر الأستاذ الجامعي عبدالعزيز دنمه عن مشاعره في الليلة الأولى التي استجابت فيها قوات التحالف لنداءات الشرعية ممثلة بالرئيس هادي “بصراحة فقد بت ليلة دخول الميليشيات إلى الضالع ولحج حزينًا منكسفًا مكسور الجناح وأنا أرى ما تبقى من وطني يتهاوى في قعر العصابات الطائفية ومنزلقات الطغيان والاستبداد، وأزعجني كثيرًا تلك الليلة أنباء انكسار ما تبقى من القوى التابعة للشرعية وكذا التهديدات المريعة التي أطلقها الحوثيون تلك الليلة ضد وسائل الإعلام وهددوا بإغلاقها ومحاكمتها، وما هي إلا ساعات وإذا بصوت انفجار مدوي أفزعني من نومتي الحزينة تلك، فانطلقت صوب قناة الجزيرة علي أجد فيها ما يطفئ ظمأي الشديد إلى معرفة مصادر تلك الانفجارات، ففوجئت بالبُشرى التي أحيت جذور الأمل بداخلي، وأزاحت كرب أيوب من كاهلي، صحيح أنني لا يسرني أن تدمر مقدرات وطني العسكرية ولكن يشق فؤادي ويدمي قلبي أن تلك المقدرات أضحت تحت أيدي عصابات تحرق الوطن وتقتل الطفولة وتيتمها وتشرد وترمل الكهول والنساء وتهجر وتكبل الشيب والشباب.
وأضاف “الحقيقة أن ينابيع الفرحة تدفقت من جوانبي بعد جفاف سببه تساؤلات طلابي اليائسة، وأشرقت شموس المستقبل أمام ناظري بعد أن تسببت نظرات طلابي الحزينة في إطفاءها، الآن أقول لطلابي استمروا في نضالكم صوب الحرية فغياهب ليالي الظلم والكبر هاهي تتبدد أمام أعينكم، والحمد لله”.
محمد الشرعبي”أنا لست مع إحراق اليمن، ولا أوافق على ضربات خارجية، يجب على القوى السياسية الوصول إلى مخرج، على الشعب أن يثور ضد هذا الوضع وضد النخبة الفاسدة والفاشلة التي أوصلتنا إلى هذا الحال”.
أما عبدالسلام شرف الدين فخلاصة قوله: “صحيح أنهم سيطروا على الجو ولكني سأدافع عن بلدي وسأقاتلهم إذا كان هناك اجتياح بري”.
بدوره قال محمد نعمان “أؤيد عاصفة الحزم لنصرة شعب اليمن المستضعف من همجية الحوثي صالح وأنصارهما، ولكن أعترض على تدمير الطائرات والتي ثمنها باهظ جدًا وبالكاد حصلت عليها اليمن، وأرى أن ضرب مدارج الطائرات يغني عن ضرب الطائرات وفي حال تحركت أي طائرة يتم ضربها”.
ووافقه في ذلك معاذ الصلوي مضيفًا “لا أظن أن السعودية فقدت كل الخيارات الأخرى، أرى أنه مايزال بمقدورها الضغط بوسائل أخرى لتجنيب البلاد شر الدمار وشر الحوثيين”.