أقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي نجل الرئيس السابق العميد أحمد علي عبدالله من منصبه كسفير لليمن لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، ووجه وزير الخارجية المكلف في اليمن رياض ياسين خطابًا رسميًا للسلطات الإماراتية، أبلغها فيه بأن العميد أحمد لم يعد سفيرًا لديها بعد إقالة الرئيس هادي له، أمس الأحد.
وقال مصدر مسؤول في دولة الإمارات لموقع 24 الإخباري الإماراتي إن إقالة أحمد علي عبد الله صالح من منصبه كسفير لليمن لدى دولة الإمارات، تمت بالتنسيق التام والعلم المسبق مع الحكومة الإماراتية، وأوضح بأن دولة الإمارات واضحة في وقوفها منذ البداية مع الشرعية التي أفرزتها مخرجات المبادرة الخليجية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، وبالتالي فإن قرار تعيين سفير أو إعفائه من مهامه يعود للسلطات الشرعية المعترف بها.
وأضاف المصدر أن “بقاء أحمد علي عبد الله صالح في منصبه سابقًا، كان رهنًا بالإرادة الشرعية اليمنية ومجريات العملية السياسية التي وافق عليها الرئيس اليمني السابق، قبل أن ينقلب عليها وعلى الشرعية في مساومة سياسية غير محسوبة العواقب”.
وعُين أحمد سفيرًا لدى الإمارات في العاشر من أبريل 2013، عقب إقالته من قيادة قوات الحرس الجمهوري التي حُلت بقرار من الرئيس هادي نهاية العام 2012، وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي نصت على إعادة هيكلة الجيش اليمني، بعد أن ظل يقودها لأكثر من ثمان سنوات.
ويُعد أحمد النجل الأكبر للرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن 33 عامًا، وتقلد في عهد أبيه العديد من المناصب، أبرزها ترشحه لعضوية مجلس النواب في الانتخابات البرلمانية الثانية (1997)، عن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه وتزعمه والده، ثم عين قائدًا عسكريًا لقوات الحرس الجمهوري بعد حصوله على ترقيات عسكرية سريعة في الجيش اليمني عام 2004.
وأثير حوله الكثير من الجدل منذ اعتزام والده تهيئته ليخلفه في حكم اليمن، قبل أن تطيح به الثورة الشعبية التي اندلعت مطلع العام 2011، وتقطع الطريق عليه في توريث الحكم لنجله.
ويُتهم العميد أحمد بالتحالف مع جماعة أنصار الله (الحوثيين في اليمن)، لتقويض شرعية الرئيس هادي، من خلال الدفع بقواته في ألوية الحرس الجمهوري إلى الانضمام للمقاتلين الحوثيين، وقيادة معارك ميدانية أسفرت عن إسقاط المحافظات الرئيسية في البلاد، ومهدت للإطاحة بنظام الرئيس هادي، بعد تغلغل جماعة الحوثي في مؤسسات الدولة، وإعلانها عن ثورتها المزعومة، والتي فرضت بموجبها مشروعها بقوة السلاح، ناسفة كل القرارات والمبادرات الدولية المتعلقة باليمن منذ خمس سنوات.
وفي أول تعليق له على قرار إقالته، نفى نجل صالح علاقته بأي أنشطة عسكرية منذ تعيينه سفيرًا، أو قيامه بأي دور لصالح طرف سياسي أو ضد آخر، معربًا عن أسفه لتعرض البلاد لما أسماها الضربات العسكرية الحربية الشقيقة، التي لن تزيد الوضع إلا سوءًا حسب تعبيره.
ودعا في تصريح صحفي، نشرته الوسائل الإعلامية التابعه له مساء أمس الأحد، أطراف الصراع السياسي في اليمن للتقليل من حماسها واندفاع كل خصم ضد الآخر، وإبقاء الخلاف سياسيًا، وقال إن الحل لن يكون إلا بعودة الناس إلى الحوار والتعايش، و”لن تستقر البلاد إلا إذا تعايشوا سواء اتفقوا أو اختلفوا، فطالما بقي كل طرف يريد إقصاء الآخر، فإن الوطن سيبقى مهزومًا أيًا كان المنتصر أو المهزوم”.
على صعيد متصل أقال الرئيس هادي اثنين من محافظي المحافظات الجنوبية المحيطة بمدينة عدن، حيث يقع مقر إقامته، التي انتقل إليها نهاية فبراير الماضي، بعد تمكنه من تجاوز الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه جماعة الحوثي لأكثر من شهر.
وأصدر هادي قبل يومين قرارين منفصلين قضيا بتكليف أحمد مهدي فضيل قائمًا بأعمال محافظ محافظة لحج، والخضر السعيدي قائمًا بأعمال محافظ محافظة أبين.
وتأتي تلك القرارات بعد أربعة أيام من انطلاق العملية العسكرية المعروفة بعاصفة الحزم، التي تنفذها قوات مشتركة من عشر دول عربية، في مقدمتها المملكة العربية السعودية وبقية الدول الخليجية باستثناء سلطنة عمان، إضافة إلى مصر والأردن والمغرب والسودان وباكستان، إثر طلب رسمي تقدم به الرئيس هادي لإنقاذ شرعيته التي أوشكت جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق على نسفها.
وفي ذات السياق ذكرت مصادر سياسية مطلعة لنون بوست أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بدأ تحركاته من العاصمة السعودية الرياض لاستعادة السيطرة الميدانية داخل اليمن، وتحقيق تقدم عسكري في المحافظات التي تشهد مواجهات مسلحة مع جماعة الحوثي وقوات صالح، بالتوازي مع استمرار الغارات الجوية التي تنفذها قوات عاصفة الحزم على مواقع عسكرية ومخازن اسلحة ومنشآت حيوية يسيطر عليها الجانبان في أكثر من محافظة يمنية.
وقالت المصادر – التي فضلت عدم الإفصاح عن هويتها – إن هادي سيصدر العديد من القرارات الهامة خلال الأيام القادمة، وفي طليعتها تكليف شخصية عسكرية – لم تكشف عن اسمها – كوزير للدفاع ليقود تلك المعارك، وتنسيق التحالفات القبلية والشعبية المشاركة في القتال.
من ناحية أخرى كشفت مصادر مطلعة لنون بوست عن محاولات حثيثة من قِبل مسلحي الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح لإسقاط مدينة عدن (جنوب اليمن)، في إطار مخطط يهدف لفرض السيطرة الكاملة على المنافذ والموانئ الرئيسية فيها، وقطع الطريق أمام عودة الرئيس هادي إليها، وتحويلها إلى قاعدة عسكرية تمكنها من الانطلاق إلى بقية المحافظات الجنوبية، وردع العدوان الذي تشنه قوات عاصفة الحزم، بناء على تنسيق مسبق مع روسيا وإيران، التي ستصل إليها بمدد عسكري من الحرس الثوري الإيراني في حال سقوطها.
وشهدت محافظة عدن اشتباكات عنيفة بين اللجان الشعبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، والمقاتلين الحوثيين المسنودين من القوات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح ليلة أمس، تعد الأعنف منذ محاولة اقتحامها منتصف الشهر الجاري.
وتعرضت المدينة ليلة أمس للقصف بالدبابات والمدفعية من قِبل المسلحين الحوثيين وقوات صالح التي هاجمت المدينة من عدة محاور بهدف دحر مقاتلي اللجان الشعبية المتمركزة داخلها، ودخل الطرفين في حرب شوارع استمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين.
وأطلقت عدد من مستشفيات المدينة دعوات استغاثة لكافة المنظمات الطبية والإنسانية؛ للمساعدة في تعزيز قدراتها على استقبال حالات جديدة، بعد ارتفاع عدد ضحايا المواجهات التي شهدتها المدينة.
وقال مصدر في اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي، إن اللجان أحبطت محاولة لتسلل 32 مسلحًا حوثيًا إلى مدينة عدن، كانوا على متن حافلة تتبع إحدى شركات النقل الجماعي قادمة من الخط الساحلي، في منطقة الشعب متنكرين بلباس مدني، وتم التحفظ عليهم في إحدى مدارس المدينة، تمهيدًا للتحقيق معهم.
وتخوض معظم المحافظات الجنوبية معارك يومية مع المسلحين الحوثيين وقوات الرئيس السابق الساعية لإسقاطها.
وقال سكان محليون في مدينة الضالع (وسط اليمن) إن قوات اللواء 33 مدرع الموالي للرئيس السابق، قصفت أحياءً سكنية في المدينة لليوم الخامس على التوالي بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين بينهم أطفال ونساء، و تدمير عشرات المنازل والمدارس والمؤسسات الخاصة والعامة، وذكر مصدر طبي أن المستشفى الرئيس في المدينة تعرض للاقتحام من قبل جنود اللواء، الذين تمركزوا فيه وحطموا محتوياته بعد أن طردوا طاقم العمل الخاص به، وفقًا لموقع عدن الغد المحلي.
وفي محافظة شبوة (شرق اليمن) انتهى اجتماع دعا إليه محافظ المحافظة مع المشايخ والقيادات الأمنية إلى تشكيل قيادة ميدانية لمواجهة تقدم الحوثيين، وفتح غرفة عمليات لتنسيق وترتيب الجبهات القتالية.
وذكرت مصادر محلية أن 25 قتيلاً من مسلحي جماعة الحوثيين، سقطوا في المعارك التي اندلعت مع رجال القبائل في منطقة بيحان بالمحافظة ليلة أمس، وأوضحت أن رجال القبائل التفوا على المسلحين الحوثيين في مناطق المعارك، ونصبوا لهم كمينًا مما سبب سقوط عدد كبير منهم، وانسحاب البقية بعد تمركزهم فيها منذ خمسة أيام.
وتمكّن مسلحو اللجان الشعبية في محافظة أبين الواقعة على الشريط الساحلي لبحر العرب من مهاجمة قوات اللواء 115 الموالي لجماعة الحوثي، وإجباره على الانسحاب من مركز المدينة، مستفيدة من الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف على اللواء ليلة أمس، والتي خلفت نحو 20 قتيلاً من المسلحين الحوثيين.
في هذه الأثناء عاودت القوات العربية المنضوية في التحالف، المعروف بعاصفة الحزم، غاراتها الجوية في خمس محافظات يمنية، مستهدفة المواقع العسكرية لجماعة الحوثي والرئيس السابق.
واستهدفت الغارات تجمعات حوثية بمنطقة المشنق والجابري في صعدة (شمال اليمن) بالقرب من الحدود السعودية، وتجمعات أخرى في محافظة حجة، ومقر قوات الأمن الخاصة، وقاعدة الصليف المطلة على البحر الأحمر في مدينة الحديدة (غرب اليمن)، إضافة إلى منظومة الرادارات الكاشفة للطيران، ومنصات إطلاق الصواريخ في صحن الجن، وكتيبة الدفاع الجوي بالمنطقة العسكرية القريبة من معسكر الأمن المركزي بمحافظة مأرب (شرق البلاد)، كما عاود الطيران قصفه لمعسكر الدفاع الجوي في مدينة المخاء غرب محافظة تعز (وسط اليمن).
من جانب آخر قالت مصادر خاصة لنون بوست إن قوات الرئيس السابق وجماعة الحوثي نقلا معدات اتصال حديثة، إلى نفق داخل مسجد الصالح المؤدي للقصر الرئاسي جنوب العاصمة صنعاء، وإخفاء أسلحة ثقيلة في مناطق متفرقة خشية تعرضها للقصف، وأوضحت أن قائد قوات الاحتياط بمعسكر 48 الموالي لجماعة الحوثي يرفض صرف رواتب الجنود الشهرية، ويطالبهم بالتوجه إلى مدينة صعدة لمواجهة القوات السعودية على الحدود حتى يتم منحهم مستحقاتهم المقررة.
وقال الناطق باسم عملية “عاصفة الحزم، أحمد العسيري: إن العمليات لتدمير صواريخ الحوثيين مستمرة، وإن القصف استهدف مخازن الذخيرة التي تحتوي على الصواريخ، وذكر أن مقاتلات التحالف في الأجواء اليمنية على مدار الساعة، وأن المجال الجوي اليمني تحت السيطرة الكاملة ولن يكون هناك أي مكان آمن للحوثيين في الأيام المقبلة.
وصرح العسيري في إيجازه الصحفي اليومي عن سير المعارك، أن ما يبطئ العملية العسكرية هو تجنب استهداف البنية التحتية، وأضاف “في الأيام الأولى استولى الحوثيون على معدات كبيرة للجيش اليمني، ونقلوا بعض الطائرات خارج مدينة صنعاء وتم استهدافها وتدميرها”، وقال إن القوات البرية في نجران وجازان تواصل قصف أهداف الحوثيين على الحدود السعودية اليمنية، ولن تسمح للحوثيين بحفر خنادق، وأردف قائلاً “قوات التحالف لم تخطط لعملية برية كبيرة الآن، أما إذا تطلب الأمر القيام بعملية برية فسنقوم بها لمزيد من الضغط على الحوثيين”.