اعتمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الشهر الماضي، حركة من التغييرات في تشكيل حكومته سواء على صعيد الوزارات أو محافظات الدولة، وشملت حركة تعديلات المحافظات محافظّي الجيزة، كفر الشيخ، الشرقية، الإسكندرية، مرسى مطروح، المنوفية، الأقصر، سوهاج، الغربية، أسيوط، دمياط، الأسماعيلية، بورسعيد، الفيوم، بني سويف، الدقهلية والبحيرة وذلك من أصل 27 محافظة مصرية، ويعتبر هذا التعديل هو التعديل الخامس في مصر للمحافظين بعد 25 يناير، بينما اعتمد السيسي تعديلاً جديدًا في حكومة محلب شمل 6 حقائب وزارية واستحدث حقيبتين في مطلع مارس، وأتت تلك التعديلات في ظل بيئة سياسية شديدة الديناميكة على الصعيد المحلي المصري من الترقب السياسي لإجراء الانتخابات البرلمانية، وانتشار رقعة العمليات التفجيرية في القاهرة والمحافظات، واستمرار الأزمات الهيكيلية في الاقتصاد المصري، وسنتناول في هذة الورقة علاقة هذه التغييرات بالعملية السياسية في مصر، والأسباب والدوافع التي دعت السيسي إلى إعادة ترتيب السلطة التنفيذية بعد أقل من عام من توليه الرئاسة، ودلائل هذه التغييرات.
أولاً: دائرة صنع القرار
أعلن عبد الفتاح السيسي ترشحه لرئاسة الجمهورية بعد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية في يناير 2014، أعلن فيه المجلس دعمه لترشح السيسي للمنصب، وأعقب تولى السيسي الرئاسة، إقالة هيئة مستشاري الرئيس الانتقإلى عدلي منصور وتعيين اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي السابق كوزير للدفاع في منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، كما تم اختيار الفريق صدقي صبحي وزيرًا للدفاع والفريق محمود حجازي – صهر السيسي – رئيسًا لأركان الجيش، وتلعب القوات المسلحة المصرية دورًا بارزًا في دعم المشاريع الاقتصادية للسيسي وعلى رأسها مشروع ممر قناة السويس، وفي ظل غياب مؤسسة سياسية ينتمي إلىها الرئيس المصري، وعدم وجود هيئة استشارية سياسية كمثيلتها في فترة عدلي منصور؛ يمكننا القول إن النخبة العسكرية هي الأقرب للعب دور المكتب الخلفي لعملية صناعة القرار السياسي في مصر، فعلى سبيل المثال، أعلن السيسي أن قرار توجيه ضربة عسكرية في شرق ليبيا كقرار سياسي أعقب حادث ذبح الأقباط، كان بالأساس اقتراح من وزير الدفاع في اجتماع مجلس الدفاع الوطني.
يمكننا أن نقف على طبيعة الدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في مصر بعد 30 يونيو، من خلال رصد وتحليل طبيعة علاقتها كفاعل مستقل بالسلطة التنفيذية في فترتي منصور والسيسي، وبالإضافة لما سبق ذكره فلقد سبق وأن أعلن الدكتور محمد البرادعي كنائب سابق لرئيس الجمهورية عدم موافقته على قرار هام كفض اعتصام رابعة واستقال من منصبه على إثر ذلك، وما تبعه من استقالة الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء في حكومة الببلاوي، عقب فشله في تمرير مبادرة المصالحة الوطنية علاوة على تمرير قانون تنظيم التظاهر، برغم اعتراضه علىه كدلالة على المساحة المحدودة في عملية صناعة القرار للنخبة المدنية لصالح النخبة العسكرية والأمنية في مصر بعد 30 يونيو، وهو ما يظهر بوضوح في تصريحات الدكتور حسام عيسي التي أعلن فيها عدم معرفته المسبقة بقرار استقالة الببلاوي كنائب لرئيس الوزراء، واستبعدت حكومة محلب الأولى أغلب ممثلي جبهة الإنقاذ الوطني في حكومة الببلاوي باستثناء الدكتور منير فخري عبد النور وزير الصناعة، كما قبل السيسي فور توليه الرئاسة استقالة الهيئة الاستشارية لعدلي منصور باستثناء الدكتور كمال الجنزوري كمستشار للشؤون الاقتصادية.
ثانيًا: ملامح حركة تعديل المحافظين
جاءت حركة المحافظين الجديدة في مصر عقب عدة أشهر من الأخبار والتسريبات الإعلامية عن عملية تغيير واسعة تشمل عدة محافظات، واتسمت عملية الإعداد بطول الفترة الزمنية، علاوة على شمولها 17 محافظة مصرية تقريبًا وتوزيعها جغرافيًا للأقاليم المصرية، فكان نصيب محافظات الوجه البحري من التغيير سبع محافظات، ومحافظات الصعيد خمس محافظات، ومحافظات القناة محافظتين، بالإضافة إلى محافظات الجيزة والإسكندرية ومرسى مطروح، وقد بررت السلطة في مصر أكثر من مرة تأخر الحركة بأن هناك العديد من الأشخاص الذين تم ترشيحهم كمحافظين، إلا أنهم اعتذروا عن عدم الموافقة على ذلك.
وقد شملت الحركة عددًا من الظواهر الجديدة، يأتي على رأسها الاتجاه لتعيين عدد كبير من المحافظين المدنيين وتقليص نسبة ضباط الجيش والشرطة إلى أقل درجة، باستثناء المحافظات الحدودية فقط، لتشهد الحركة الجديدة 3 محافظين من خلفية عسكرية تقلدوا مناصبهم في محافظات بورسعيد ومطروح والإسماعيلية، كما شهدت الحركة ارتفاع عدد المهندسين وأساتذة الجامعات في تخصصات التخطيط العمراني والإنشاءات وأعمال البناء، حيث بلغ عددهم 6 محافظين، وذلك إلى جانب 3 من المستشارين وأساتذة القانون، واثنين من الأطباء، فضلاً عن اثنين من أصحاب المناصب القيادية فى شركات القطاع الخاص، وهم محافظا الإسكندرية وأسيوط، وشهدت الحركة تعيين محافظين لا تزيد أعمارهم عن 38 سنة، وتعيين ثلاث سيدات كنائبات للمحافظين في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية.
الأبعاد السياسية
صرح وزير التنمية المحلية أن عملية الاختيار استغرقت ثمانية أشهر تم خلالها لقاء 400 مرشح لتولي منصب المحافظ، وهي فترة زمنية طويلة نسبيًا لإجراء تغيير محلي، وذلك يشير إلى مدى التدقيق في الاختيار، وعدم إلمام النظام المصري الجديد بالكوادر البشرية التي تمتلكها الدولة على صعيد الحكم المحلي، ويشير طول الفترة الزمنية أيضًا إلى عمل السلطة على صياغة حركة تغيير تتوائم مع التركيبات الاجتماعية المحلية، والقيام بتعديلات متكررة على عملية التغيير بناء على متغيرات العملية السياسية في مصر.
الميزة الأبرز في عملية التغيير المحلي هي تقليص تمثيل العسكريين في الحكم المحلي، حيث استبدل السيسي ستة محافظين عسكريين بكوادر مدنية وذلك في محافظات ينتشر فيها استخدام السلاح والعنف القبلي كسوهاج وأسيوط وقنا، علاوة على محافظات الإسكندرية والغربية والدقهلية، جاء اختيار ستة محافظين متخصصين في أعمال الطرق والإنشاءات كمؤشر على توجه حكومة السيسي إلى التوسع في مشاريع صيانة البنية التحتية في الفترة المقبلة، احتلت محافظات الدلتا المرتبة الأولي في حركة التغييرات الجديدة، وهي المحافظات التى تعتبر الرافد الاجتماعي الرئيسي المؤيد للنظام السياسي المصري، وتعاني من مشاكل كأزمات الطاقة وتعديات على الأراضي الزراعية علاوة على انتشار القمامة.
كان لرئيس الوزراء دورًا ملحوظًا في عملية اختيار بعض المحافظين ولاسيما محافظيّ الدقهلية والأقصر والذي تولى مهامهما عضو مجلس إدارة المقاولين العرب ومساعد أول أمين مجلس الوزراء، ويظهر ذلك أيضًا في زيادة عدد المحافظين الجدد من ذوي الخبرة في مجالات الهندسة المدنية بشكل عام وهو مجال التخصص المهني لمحلب.
راعت الحكومة في التشكيل التمثيل الاجتماعي لبعض الفئات، وهو ما ظهر في حرصها على تعيين الشباب وممثلي القطاع الخاص والمرأة علاوة على أعضاء السلك القضائي وبيروقراطية الدولة في مناصب المحافظين مع اختلاف نسبة التمثيل النسبي لكل فئة.
ثالثًا: التعديل الحكومي
بعكس حركة تغيير المحافظين، اتسمت حركة التغيير الوزاري بالسرية والمفاجأة، فلقد علم أغلب الوزراء المقالين بقرار تغييرهم أثناء تأدية بعض مهامهم الوظيفية الميدانية.
استهدفت الحركة الوزارية تغيير 6 وزراء وهم: وزراء الداخلية والاتصالات والتربية والتعلىم والسياحة والزراعة والثقافة، واستحداث حقيبتين جديدتين هما: السكان والتعليم الفني، شملت عملية الاستبعاد ثلاثة وزراء تم تعيينهم في حكومة هشام قنديل أثناء حكم الإخوان وهم: وزراء الداخلية والاتصالات والسياحة علاوة على وزيري التعلىم والثقافة الذين تم تعيينهم في حكومة الببلاوى، ارتفع نصيب المرأة في الوزراء في حكومة محلب إلى خمس نساء؛ بإضافة الدكتورة هالة يوسف كوزيرة للسكان مع ناهد العشري وزيرة للقوي العاملة وغادة وإلى للتضامن الاجتماعي بالإضافة إلى درية شرف الدين وزيرة الإعلام وليلى إسكندر وزيرة البيئة، وتقلص متوسط أعمار وزراء حكومة محلب؛ فتم استبعاد وزيرين أعمارهم فوق السبعين عامًا وهم: وزيري الثقافة والزراعة، و4 وزراء فوق الستين مقابل 7 وزراء تتراوح أعمارهم بين الـ (50 – 60).
دلالات التعديل
– جاءت عملية التعديل كاشفة لبعض توجهات السلطة التنفيذية الحإلىة حيال القضايا المحيطة بها ومن أبرز هذة الدلالات ما يلي:
– جاءت عملية تغيير وزير الداخلية في صورة استجابة لضغوط الرأي العام والقوى السياسية عقب بضعة أيام من إعلان السيسي نيته اتخاذ قرارات هامة على الصعيد الداخلي، فلقد تصاعدت المطالبات بإقالة الوزير عقب عدم نجاحه في الحد من انتشار العمليات التفجيرية ناهيك عن اتهام القوى السياسية والشبابية له بالتعسف وممارسة القمع، لاسيما بعد أحداث قتل شيماء الصباغ واستاد الدفاع الجوي وحوادث التعذيب المتفرقة، وجاء الاختيار الجديد من نصيب اللواء المتقاعد مجدي عبد الغفار والذي قضى معظم حياته المهنية داخل قطاع الأمن الوطني حتى تولى رئاسته في ديسمبر 2011 وحتى بلوغه سن المعاش القانونية في أغسطس 2012، وجاء هذا الاختيار عودة للدور القوي الذي مارسه هذا الجهاز في حماية النظام السياسي المصري قبل يناير 2011، وهو مؤشر على رغبة السيسي في التقرب من الجهاز وفرض سيطرته على وزارة الداخلية.
– جاء اختيار خالد نجم كوزير للاتصالات مؤشرًا على رغبة السلطة في مصر في زيادة قدراتها الخاصة بالأمن المعلوماتي والإلكتروني، فلقد كان الوزير الجديد عضوًا في منظمة أمن المعلومات “ISSA” بالولايات المتحدة الأمريكية وهو رئيس مشارك للجنة معايير الأمن وأمين اللجنة العلمية للـ ISSA لمنطقة الشرق الأوسط وأسيا، وهي رابطة دولية كبري تقدم الدعم للأفراد والحكومات في مجالات إدارة مخاطر التكنولجيا وحماية المعلومات والبنية التحتية.
– بالتعديل الأخير أصبحت الحكومة المصرية تحتوى على 4 حقائب وزارية فيما يخص سياسة التعلىم والبحث العلمي، وهي وزارات التربية والتعلىم والتعلىم العإلى والتعلىم الفنى ووزارة البحث العلمي، وهو مؤشر على رغبة السلطة في اتباع سياسة تهدف إلى دعم قطاع التعلىم بصفة عامة والفني بصفة خاصة وذلك في إطار رغبة النظام في إعداد كوادر فنية صالحة لخدمة توجهه في جذب الاستثمارات.
– جاء استبعاد الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة عقب تصريحاته التي أطلقها ضد تدخل مؤسسة الأزهر الشريف في عرض بعض الأعمال الفنية والثقافية، ليحل بدلاً منه أستاذ التاريخ في جامعة الأزهر الدكتور عبدالواحد النبوى، كمؤشر واضح على النفوذ الذي تتمتع به مؤسسة الأزهر داخل دوائر صنع القرار في السلطة المصرية الحإلىة.
– جاء فصل وزارة السكان عن وزارة الصحة، معبرًا عن نية الحكومة الحإلىة في صياغة سياسة عامة خاصة بالسكان وذلك بهدف الحد من معدلات الزيادة السكنية، ولدى الوزيرة خبرة سابقة كمقررة للمجلس القومي للسكان وعملت على وضع إستراتيجية خاصة بوضع الصحة الإنجابية والزواج المبكر.
– استبدال وزراء السياحة والزراعة والتعليم بسبب عدم قدرتهم على تحقيق أهداف الحكومة في تحسين تلك الملفات؛ فلم يقدم وزير السياحة أي تصور لوضع السياحة في الفترة القادمة واستعاض عن ذلك بالتصريح بعدم توقعه زيادة عوائد السياحة خلال العام القادم، بينما لم يستطع وزير الزراعة الحد من ظاهرة التعديات على الأراضي الزراعية وشهدت فترته توترًا مع روابط الفلاحين بسبب سياسات التمويل الحكومي، وتراجعت مستويات الخدمات التعلىمية بشكل كبير خلال فترة تولي الوزير السابق.
جاء توقيت التعديلات الجديدة عقب مرور ثمانية أشهر من تولي السيسي مهام رئاسة الجمهورية رسميًا، وتركت تلك التعديلات مؤشرات أكثر وضوحًا على التوجهات الداخلية للرئيس الجديد في مصر وقراءته للمشهد السياسي، ودلت التعديلات على الإشراف المباشر للسيسي على تلك التغييرات، بحسب تصريحات رئيس الوزراء ووزير التنمية المحلية.
ونستطيع أن نستنج من مخرجات التعديل الأخير رغبة السيسي في تفادي الصدام مع القوى الشبابية المصرية ومحاولته احتواء غضبها باستبعاد وزير الداخلية وإعلانه نيته الإفراج عن بعض الشباب داخل السجون المصرية، وتزامن ذلك التحرك مع استمالة قوى الإسلام السياسي السلفي المؤيدة لخارطة 3 يوليو 2013 بقراره استبعاد وزير الثقافة صاحب التوجهات العلمانية والذي اشتدت ضراوة هجوم السلفيين علىه عقب رفضه منع بعض الأعمال الفنية، وتعيين بدلاً منه أستاذ بجامعة الأزهر، علاوة على إعلان وزارة الأوقاف منح نائب رئيس الدعوة السلفية تصريح الخطابة الذي سيسمح له بصعود المنبر بعد 10 أشهر رفضت الوزارة فيها منح الدعوة أي تصريح، ناهيك عن تولى مجدي عبد الغفار لوزارة الداخلية كرئيس سابق لقطاع الأمن الوطني، وعمد الوزير الجديد إلى إحداث حركة تغيير واسعة شملت أغلب المناصب الرئيسية داخل الوزارة عقب توليه المنصب مباشرة، واستبعدت تلك الحركة معظم قيادات الداخلية التي أشرفت على إدارة الوضع الأمني في مصر بعد 30 يونيو.
يمكننا أن نستنتج من ذلك خصوصًا مع تقليص نسبة العسكريين في عملية تعديل الإدارة المحلية واستبعاد بعض القيادات التي تتمتع بصلة ببعض أعضاء الحزب الوطني السابق كمحافظي المنوفية والأقصر السابقين، رغبة السيسي في إعادة صياغة معادلة القوى الداخلية، وأبرز ملامح تلك المعادلة هي تقليص الأدوار التي لعبتها مؤسسات الدولة والنخبة المدنية التقليدية بعد 30 يونيو ولاسيما أفراد الحزب الوطني، لصالح دور أكبر لبعض القطاعات الأخرى مثل السلفيين والتكنوقراط وذلك عقب فشل الأحزاب السياسية ذات التوجهات المدنية في توفير غطاء سياسي قوي جديد للنظام المصري وهو ما ظهر جليًا في قوائم مرشحيها لعضوية البرلمان والتي غلب علىها قيادات الحزب الوطني.
ويعتبر هذا التوجه كاشفًا عن رغبة النظام السياسي الحالي في صناعة عملية إحلال وتبديل في تشكيل النخبة السياسية في مصر بتغليب العنصر التكنوقراطي والسماح له بشغل أدوار المناصب التنفيذية على حساب الكوادر السياسية والحزبية التي أعربت بدورها عن استيائها من طريقة إدارة العملية السياسية الداخلية في مصر، وهو ما أطلق علىه عمرو موسي “العك”، ويعتبر هذا الموقف ملمحًا مميزًا لعزوف النخبة الحالية عن لعب أدوارها في سياق التطور السياسي؛ وهو ما يزيد فرص التكنوقراط في لعب أدوار أكبر من الناحية التنفيذية، والملمح الثاني الدال على استبعاد النظام المصري للنخب التقليدية هو استمرار وجود قيادات سياسية كأحمد شفيق والبرادعي خارج الدولة، ونعزي ذلك إلى رغبة النظام في صناعة حالة من الاستقرار الداخلي عن طريق تقليص مساحة العمل السياسي للنخب السياسية والتي شهدت انفراجًا كأحد تداعيات 25 يناير، ويرتكن النظام في ذلك إلى طبيعة الدور السياسي المحافظ لفئة التكنوقراط كبديل نخبوي على المدي القصير، بالإضافة إلى عمله على جذب فئات من الشريحة الشبابية كنواة لإعداد نخبة جديدة؛ فللمرة الأولى أعلنت وزارة الدفاع عن إتاحة فرص للالتحاق بها للشباب من خريجي أقسام العلوم السياسية والاقتصاد في الجامعات المصرية في نوفمبر 2014، ويمكننا استنباط ذلك أيضًا من انتشار ظاهرة ترشح الشباب لمقاعد البرلمان كظاهرة سياسية جديدة في مصر، فتعتبر عملية تحييد دور القوى الشبابية وتقليل حوافز العمل الاحتجاجي وفرصه من خلال التركيز على مسألة الأمن الإلكتروني وإعادة دور قطاع الأمن الوطني في إدارة وزارة الداخلية واحدة من أبرز التحديات الداخلية للنظام الحاكم في مصر، ونري أن مدى نجاح تلك المعادلة الجديدة في صياغة نظام سياسي مستقر سيكون محددًا هامًا في طبيعة تعاطي نظام الحكم في مصر مع ملفات الإخوان المسلمين وعودة رموز الحزب الوطني للعمل السياسي.