تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا لرجل قالوا إنه ينتمي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو ما يعرف بـ “الحسبة” في السعودية، يظهر المقطع تعدي الرجل على إحدى الفتيات بسبب قيامها بتصويره.
المقطع لاقى انتشارًا واسعًا وأحدث ردود أفعال متابينة بشأن تفسيره ما دفع المتحدث الرسمي لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة القصيم (محل حدوث الواقعة) الشيخ عبدالله المنصور، أن يعلن عن إجراء تحقيقات للتثبت من هوية الشخص الوارد في المقطع والتحقيق في الموضوع، وسيتم اتخاذ ما يلزم وفق نتائج التحقيق.
فيديو
رد عاجل من الهيئة بعد اعتداء محتسب على فتاة القصيمhttps://t.co/k2ZJK6LbtG#محتسب_يعتدي_على_فتاة_لتصويره— أحاسيس نجد MBS (@a4mmm) March 31, 2015
أنشأ المغردون هاشتاج على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تحت عنوان #محتسب_يعتدي_على_فتاة_لتصويره، وعبر المغردون من خلال هذا الهاشتاج عن آرائهم المتباينة بشأن هذا التصرف الذي صدر من الرجل والفتاة على حد سواء.
فبين معبر عن خطأ الفتاة بتصويره وبين خطأ اعتداء الرجل على فتاة أيًا كانت الأسباب جاءت ردود الأفعال على المقطع المنتشر، حيث عبّر أحد المشاركين على الهاشتاج أن تصرف الفتاة خاطئ بتصويرها إياه وأن أي إنسان من الممكن أن يقع في رد الفعل هذا ردًا على تصويره.
بينما تحدث آخرون عن خطأ تسريب مثل هذا المقطع بالأساس، مشيرين إلى أن طرفي الواقعة ارتكبا خطأ ولا يمكن تحميل طرف واحد الخطأ:
له درجة وصلنا !#محتسب_يعتدي_على_فتاة_لتصويره
اللهم إهدي شباب وفتيات المسلمين ورجال الهيئة ومن سرب المقطع?
https://t.co/crqTqlDAWJ— تنتيف النصراويين (@Tantyf_9) March 31, 2015
البنت قليلة أدب وموظف الهيئة أخطأ بردة فعله .. وحنّا على المدرج ونتفرج.
— محور إرتكاز (@M7wr9) March 30, 2015
بينما جاءت ردود الفعل الغاضبة من تصرف الرجل الذي قيل إنه محتسب تابع لهيئة الحسبة هي الغالبة على تعليقات المغردين على موقع تويتر، حيث أوضح البعض أن حماسة الرجل وتهجمه على الفتاة ليس لها أي مبرر ووصفوا تصرفه مع الفتاة بأنه مشين:
شوف ثورة الحماس الهمجي الغير مبرر،لا يوجد ما يدعو لهذا العمل القذر وملامسة تعتبر فاضحةhttps://t.co/r41HnnK4ar#محتسب_يعتدي_على_فتاة_لتصويره
— خالد محمد السبيعي (@alsobaiy503) March 31, 2015
فيما أبدت المغردات تعاطفًا مع البنت، مؤكدين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يمكن أن يكون بهذه الطريقة أبدًا:
كذلك دعت بعض المغردات للكف عن لوم الفتاة الموجودة في المقطع والانحياز للرجل بسبب مظهره أو عمله، مؤكدة أن تصرف الفتاة كان رد فعل لتتبع هذا الرجل لها:
وفي ردود أفعال أخرى تناولت الأمر بشكل ساخر، حيث أعرب مغرد عن قبول الرجل للتصوير، فما أغضبه بعد ذلك:
طيب هو قال صوري يعني هو موافق ليه زعل ?✋
— عبدالعزيز السويلم (@3zooz990) March 30, 2015
يظهر التباين في تحليل هذا المقطع من خلال هذا العينة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يبقى الاختلاف موجودًا حول دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية ورجالها المنتشرين في ربوع المملكة، خاصة وأن هذه ليست الحادثة الأولى التي تثير هذه الضجة.
فهذه الهيئة الرسمية السعودية مكلفة بتطبيق نظام فقهي يسمى “الحسبة” ولها رجال يقومون بالسير في الطرقات والأماكن العامة لملاحظة إذا ما كان هناك مخالفات شرعية يرتكبها المواطنون أم لا، والذين يقومون بهذه المهمة يُطلق عليهم “رجال الهيئة” أو “المحتسبين”، ويشتكي السعوديون أحيانًا من تغول رجال الهيئة وانتهاكهم للحريات الشخصية والحرمات باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد نشأت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كأول هيئة رسمية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بتأسيسها في عهد الدولة السعودية الثالثة، في عهد الملك عبدالعزيز.
كثيرًا ما اُتهمت الهيئة بعدم الانضباط حتى داخل الأروقة الحكومية السعودية، بسبب افتعالها للعديد من المشاكل، كان أبرزها العام الماضي، حينما افتعل رجال الهيئة مشكلة مع أحد الأجانب برفقة زوجته في أحد المتاجر بالسعودية، حيث اختار الأجنبي تسديد حسابه عند عاملة صندوق وليس عند زملائها الذكور، ما أثار حفيظة رجال الهيئة وجعلهم يتعدون مع الرجل وقد تم تصوير الواقعة أيضًا.
وقتها حدثت مشكلة بين رجال الهيئة وهذا الأجنبي الذي استعان بسفارته؛ مما جعل الهيئة تحقق في الأمر وتصدر بيان اعتذار لهذا الأجنبي، وقررت معاقبة أعضاء الفرقة المباشرة للحادثة وهم أربعة من رجال الهيئة بنقلهم إلى خارج منطقة الرياض وتكليفهم بالعمل الإداري، وقد خرجت تفاعلات مع هذه الحادثة أيضًا على مواقع التواصل الاجتماعي تبرز غضب عدد من السعوديين من تصرف الهيئة واعتذارها بعد ذلك متسائلين ماذا لو كان هذا الرجل سعوديًا؟ ماذا سيكون رد فعل الهيئة؟ وهل سيتم التحقيق من الأساس؟
شهد مجلس الشورى السعودي عقب هذه الحادثة مناقشات ساخنة بين أعضائه حول دور “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، بالتزامن مع الجدل الدائر بالبلاد حول حادثة أخيرة تورط فيها عناصر من الهيئة مع الأجنبي، حيث طالب أعضاء بالمجلس تحديد المخالفات التي تتطلب تدخل العاملين في الميدان من منسوبي الهيئة بما يضمن التزامهم بحدود صلاحياتهم والتزام المواطن بالابتعاد عن المخالفات وضمان علم الطرفين بحدود العلاقة بينهما، مع تأكيد الجميع على وجود عدم انضباط عند رجال الهيئة الميدانيين.
يشار إلى أن النشطاء السعوديين في مجال حقوق الإنسان كانوا قد اعترضوا مرارًا على عمل الهيئة، متهمين رجالها بتجاوز صلاحياتهم في الكثير من الأحيان والتشدد المبالغ به في تطبيق وجهات نظرههم واجتهاداتهم دون إمكانية لمعرفة القيود المفروضة على عملهم، وتحظى الهيئة بدعم واسع من رجال الدين والتيارات الفكرية المتشددة في المملكة، في حين تتحفظ عليها بعض التيارات المجتمعية التي توصف بالليبرالية.
تأتي مشكلات هذه الهيئة ضمن عدة أزمات تواجهها السعودية في مجال حقوق الإنسان، في ظل ضغط غربي على المملكة لتحسين أوضاع ممارسات حقوق الإنسان بها، التي تتهم السلطات السعودية دائمًا بإهدارها من خلال التشريعات ومثل تلك الهيئات التي يعتبرها الغرب شرطة دينية تتعدى على حريات الأشخاص داخل المجتمع.