مثّلت إقالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي للعميد أحمد علي عبدالله صالح من عمله كسفير لدولة الامارات العربية المتحدة، ضربة سياسية قاصمة لوالده الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لا تقل وجعًا عن تلك التي تشنها قوات عاصفة الحزم منذ انطلاقها في الـ 26 من مارس الماضي، وهي تدك المواقع العسكرية، والعتاد الحربي في ألوية الجيش التي تدين له ولنجله بالولاء في مناطق متفرقة داخل اليمن.
تبدو خسارة صالح في قرار الإقالة فادحة، قياسًا بالدور الذي كان يتطلع إليه من خلال نجله أحمد في المستقبل، وإزاحته من الوظيفة الرسمية التي يشغلها في ظل هذه الظروف التي تعيشها البلاد، يقطع الطريق أمام ترشحه لرئاسة اليمن، والتي ظل صالح والحوثيون يعملون عليها منذ الإطاحة بوالده قبل خمس سنوات.
العميد أحمد هو النجل الأكبر لصالح من بين أشقاء عديدين، ولد في عام 1972 بالعاصمة صنعاء، وفيها درس مراحل التعليم النظامي، وحصل على بكالوريوس في علوم الإدارة من الولايات المتحدة الأمريكية، والماجستير من الأردن، وتلقى دورات مختلفة في العلوم العسكرية في كلتا الدولتين.
وحظي أحمد بالدلال والنفوذ، كنظرائه من أبناء الرؤساء العرب الذين أطاحت بهم ثورات العربي في العام 2011، كجمال مبارك وسيف الإسلام القذافي، مع فارق مختلف في المصير الذي آل إليه الأخيرين.
الإأعداد والتهيئة
المتابع لسيرة العميد أحمد يدرك كيف تم إعداده وتهيئته أولا من الوسط السياسي كنائب برلماني، عندما ترشح في الانتخابات البرلمانية الثانية 1997 لعضوية مجلس النواب، ثم في القطاع العسكري عندما عُين قائدًا للحرس الجمهوري، والأخير هو الأهم، فالمؤسسة العسكرية في اليمن، ظلت هي من تصنع الرؤساء، ومنها يصعدون إلى الحكم، ومن خلالها يتم نسج العلاقات، وتقريب القيادات، وتعيين الموالين في المناصب الحساسة.
وخلال ذلك تم إنشاء مؤسسة “الصالح”، – نسبة إلى عائلة الرئيس – كمنظمة مدنية تهتم بالجانب الإنساني، وهي بالمناسبة تتطابق تمامًا في مهمتها مع تلك التي كانت تقدمها مؤسسة القذافي في ليبيا، وجمعية الرعاية المتكاملة التي أنشأتها سوزان مبارك، زوجة الرئيس المصري الأسبق، والتي رأست إلى جانبها جمعية الهلال الأحمر المصري، كما تم تعيينه رئيسًا فخريًا لكل من نادي التلال الرياضي في مدينة عدن (جنوب اليمن)، وجمعية المعاقين حركيًا، ومنظمة البرلمانيين اليمنيين السابقين في صنعاء.
بالنسبة للجانب العسكري، مثل تولي أحمد قيادة الحرس الجمهوري، دلالة واضحة لأهميتها والدور الذي يمكن أن تلعبه في حسم أي تمرد قد يستهدف أحمد من خصومه في المستقبل.
ومنذ تعيينه قائدًا في العام 2004م، حرص أحمد على تطوير وهيكلة الألوية التابعة له وتوسعتها وإعادة توزيعها على المدن اليمنية وتشكيلها بعناية فائقة من خلال تأهيل منتسبيها في عدة دول، كالأردن وأمريكا، وتعيين المقربين له في مختلف المفاصل، وهو ما أظهرها كقوة عسكرية ذات ثقل كبير داخل اليمن، أكثر من بقية قطاعات الجيش الأخرى، حتى باتت تسمى بقوات النخبة اليمنية، ولذلك أوكل إليها مهمة محاربة الإرهاب، وما كانت لتحصل على هذا الاهتمام، لو كان على رأسها شخصًا آخر، من داخل عائلة صالح، أو خارجها.
وفي سياق تقديمه للخارج وخاصة دول الإقليم، مثّل أحمد اليمن في فعاليات مختلفة، وأوفد مبعوثًا من أبيه إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من مرة، كما ارتبط بعلاقات جيدة مع نجل القذافي ومبارك.
وفي العام 2006 تقريبًا بدأت تظهر دعوات ومبادرات تطالب بترشيحه للحكم خلفًا لوالده، ومنها مبادرة “أحمد من أجل اليمن”، التي أطلقها أحد رجالات السلطة في عهد أبيه، وكانت تلك المبادرات محاولة لجس نبض اليمنيين، ومعرفة مدى تقبلهم للفكرة، رغم نفي والده أكثر من مرة سعيه لتوريث السلطة لنجله الأكبر، مع تأكيده بأن ذلك حقًا من حقوقه كمواطن يمني.
ذلك الحضور اللافت لشخصية أحمد داخل مؤسسة الدولة، أدى إلى اندلاع الأزمات التي شهدتها اليمن في سنوات حكم صالح الأخيرة، والتي بدأت مع تحركاته لتوريث الحكم لنجله، وذلك ما عجل بتهدم نظام حكمه، الذي ظل متماسكًا إلى حد ما في السابق.
ففي سبيل إخلاء الطريق أمام نجله، خاض صالح صراعًا خفيًا مع شركائه الأساسين في الحكم، من أشقائه وأبناء عمومته، الذين كانوا أركان اساسية في نظامه، وظلوا مساندين له منذ اليوم الأول لرئاسته، من خلال تقويضهم وإضعافهم، مقابل تصعيد نجله وتسويقه للجيش والشعب.
فقبل تعيين أحمد قائدًا للحرس الجمهوري، تم إزاحة القادة العسكريين المؤسسين للحرس، وينتمون لعائلة الرئيس صالح، كاللوائيين محمد إسماعيل وأحمد فرج، اللذين قتلا في حادث سقوط طائرة مروحية لازال غامضًا، وعلي صالح الأحمر الأخ غير الشقيق للرئيس صالح الذي تم تنحيته من قيادة الحرس الجمهوري، وإسناد المهمة إلى أحمد، وقُتل ابنه داخل قصر الرئاسة، ويُعتقد أن قتله جاء بسبب طموحه العسكري المنافس لأحمد، ما دفعه للانتقال إلى أمريكا غاضبًا، وشغل هناك ملحق عسكري، ثم ما لبث أن عاد لليمن، وأصبح مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
والشخصية العسكرية الأخرى التي تنتمي لعائلة صالح، وكان لها دورًا أساسيًا في مساندته، هو اللواء علي محسن الأحمر الذي كان قائدًا للفرقة الأولى مدرع، وتم الزج به في ستة حروب عبثية مع جماعة الحوثي، تبين لاحقًا أنها كانت حرب استنزاف للواء الأحمر والقوات التابعة له، مقابل احتفاظ قوات وألوية الحرس الجمهوري بكامل قوتها.
وكل تلك التفاعلات جاءت ضمن التحضيرات الحثيثة، التي يقوم بها صالح، لتذليل الصعاب أمام نجله، وإفساح المجال أمام توليه السلطة بكل سهولة وانسيابية، لكن ذلك الصراع المستتر خرج إلى العلن في العام 2011، عندما انشق كبار القادة العسكريين في الجيش عن صالح، وانضموا للثورة الشعبية، وهو ما عجل بتهاوي نظامه وسقوطه بشكل سريع.
أحمد إبان الثورة الشعبية
عندما قامت الثورة الشعبية في العام 2011 للإطاحة بحكم والده، كان مشروع التوريث، أحد الأسباب التي عجلت بقيام تلك الثورة في اليمن، خصوصًا مع تولي أفراد من عائلة صالح مناصب قيادية رفيعة في الدولة خاصة الأمنية والعسكرية منها.
وقامت قواته المتواجدة في مختلف محافظات الجمهورية بقمع الاحتجاجات الشعبية السلمية، بأكثر من عملية أمنية ضد المتظاهرين العزل، خلفت آلاف الجرحى وعشرات الشهداء، كما قمعت قواته كثير من الفعاليات السلمية في المحافظات، وشنت حروبًا كارثية على مناطق متفرقة داخل اليمن في سبيل قمع المناصرين والمؤيدين للثورة، واعتقلت قواته العديد من الناشطين والمشائخ وهددت الكثير منهم، وتلك الأعمال تُعد جرائم تتعارض مع القوانين اليمنية المحلية والدولية وتجعله عرضة للمحاكمة والسجن.
أحمد في عهد هادي
مثّل تولى الرئيس هادي مقاليد الحكم بعد نجاح الثورة الشعبية، الضربة الأولى في جسد مشروع التوريث الذي يطمح إليه صالح، وذلك من خلال عملية الهيكلة العسكرية للجيش اليمني، والتي بموجبها تم حل ألوية الحرس الجمهوري مع نهاية العام الأول لولاية هادي.
حينها كان مصير أحمد غامضًا، بعد إزاحته من قيادة الحرس، وبعد أربعة أشهر أصدر هادي قرارًا في العاشر من أبريل 2013، قضى بتعيينه سفيرًا لليمن بدولة الإمارات العربية المتحدة، وكان ذلك القرار أحد أخطاء الرئيس هادي التي اتضحت لاحقًا، وقوبل حينها بانتقادات داخلية وخارجية، أبرزها الاعتراض الذي أعلنت عنه منظمة هيومن رايتس ووتش، عندما أصدرت تقريرًا قالت فيه إنها وثقت أدلة على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تورطت فيها القوات الخاضعة لقيادة العميد أحمد، واثنين من أبناء عمومته، في أكثر من مدينة داخل اليمن، وقالت إن مناصبهم الجديدة في السلك الدبلوماسي خارج اليمن، سيمنحهم الحصانة الدبلوماسية في البلدان التي يوفدون إليها، وهو ما يمكن أن يمنع الملاحقة الجنائية لهم في تلك البلدان.
ويبدو أن ذلك المنصب الجديد لم يكن بحجم الطموح بالنسبة له، فلم يؤد اليمين الدستورية إلا في التاسع عشر من مايو أي بعد أكثر من شهر من قرار تعيينه، كما لم يغادر لممارسة عمله إلا بعد فترة طويلة من تعيينه.
بعد أشهر من حكم هادي، استعاض صالح بجماعة الحوثي، كي تملأ ذلك الفراغ الذي خلفه الانشقاق العسكري لأقاربه في الجيش، وأدى لسقوط حكمه، وذلك لتحقيق هدفين: الأول الانتقام من خصومه الذين يتهمهم بأنهم تخلوا عنه، والثاني استكمال مشروع التوريث لنجله، عبر المزج بين القوة العسكرية الاجتماعية التي حققها في سنوات حكمه، وظلت تدين له بالولاء، وبين الرغبة الجنونية لجماعة الحوثي في الحكم، مستفيدًا من المتغيرات الإقليمية التي استجدت في المنطقة.
وكان وجود هادي على رأس الدولة كرئيس شرعي منتخب، عقبة كبيرة أمام طموحات صالح في العودة إلى الحكم مرة أخرى، فهادي صعد إلى الحكم، وهو يتمتع بشرعية شعبية وتوافق سياسي في الداخل، وإجماع إقليمي ودولي واسع، لم يتوفر لأي رئيس يمني من قبل، لكنه عمليًا لم يتمكن من التحكم بمؤسسات الدولة وإخضاعها لسيطرته، خصوصًا المؤسسة العسكرية والأمنية، فعلى الرغم من القرارات المتوالية التي أصدرها في هذا الجانب، خلال العام الأول والثاني من سنوات حكمه، فقد ظل معظم القادة العسكريين يدينون بالولاء للرئيس السابق ونجله، ويخضعون لتوجيهاته بعيدًا عن هادي.
وللأسف يتحمل الرئيس هادي جزء كبير من المسؤولية في الأسباب التي أوصلته إلى هذه النتيجة، ومكّنت صالح من تسريع خطواته نحو هدفه الرئيسي في العودة إلى رئاسة الجمهورية عبر نجله أحمد، ومن بين تلك الأسباب يبرز سببان رئيسيان: الأول عدم قدرة هادي على إقناع بعض مراكز النفوذ في دول الخليج التي رعت وصوله إلى الحكم، بعدم تنفيذ مخططها في الإطاحة بالأطراف المؤيدة للثورة الشعبية داخل اليمن، بجميع مكوناتهم السياسية والعسكرية والقبلية، أسوة بما حصل في مصر، كونهم كانوا الذراع الكبيرة المؤيدة له، وسببًا مباشرًا في وصوله للحكم، ويناصبهم صالح العداء الشديد لإطاحتهم به.
وتبعًا لذلك المخطط أزاح هادي العديد من القيادات العسكرية التي وقفت في وجه صالح إبان الثورة الشعبية، وعين بدلاً عنها قيادات موالية لصالح، وبدلاً من التنسيق مع تلك القوى، تركها تواجه مصيرها لوحدها، في مواجهة جماعة الحوثي التي استخدمتها كأداة لتنفيذ ذلك المخطط، بالتعاون مع حليفها علي عبدالله صالح، وبذلك تسبب هادي في تدمير حلفائه وإضعافهم، مقابل تمكين خصومه ومنحهم نقاط القوة التي دفعتهم إلى التقدم التدريجي نحوه، حتى انفردت به وتحول إلى هدف رئيسي لتلك القوى، وكان لهذا الأمر نتائج كارثية خطيرة على اليمن، وعلى وضع الرئيس هادي نفسه، ومثلت السبب الأول والأهم في وصول البلاد إلى هذا الحال.
السبب الثاني تمثل في تباطؤ هادي في تنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية، التي بدأت مع تنصيبه رئيسًا للجمهورية، وتتوزع على أربعة محاور وهي: انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، إيجاد دستور جديد،وإصلاح النظام الانتخابي، وإجراء انتخابات مجلس النواب ورئيس الجمهورية وفقًا للدستور الجديد، وما تحقق من تلك المحاور هو مؤتمر الحوار الوطني، وإنجاز مسودة للدستور لم يتم إخضاعها للنقاش بعد.
ذلك التباطؤ خاصة في الوقت الطويل الذي استهلكه مؤتمر الحوار الوطني، وما نتج عنه من تمديد لولاية الرئيس هادي، أعطى الأطراف الأخرى ممثلة بالرئيس السابق وحزبه، وجماعة الحوثي، فرصة كافية للتحرك على الارض، وتنفيذ مشروعهما في الإطاحة بهادي، مستفيدة من الحصانة السياسية والقانونية التي منحتها له دول الخليج، وفقًا للمبادرة التي تقدمت بها كخارطة طريق للثورة الشعبية التي انتفضت ضده، وبموجب تلك الحصانة استطاع صالح الحفاظ على بقاء حزب المؤتمر الشعبي العام في ممارسة العمل السياسي، وهو الحزب الذي أسسه مطلع ثمانينات القرن الماضي، وظل يترأسه حتى اليوم، وبالتالي جنبه مصير الأحزاب الحاكمة في دول الربيع العربي، والتي حُلت وتلاشت من الحياة السياسية.
ومع تمسكه برئاسة الحزب استقوي صالح بالمؤتمر الشعبي العام في وجه الرئيس هادي، ومارس ابتزازًا سياسيًا، لا يختلف عن الأسلوب الذي سلكه طوال سنوات حكمه في إدارة الخصومة مع الأطراف الأخرى، حتى تمكن من إقالة هادي، وفصله من الحزب نهائيًا.
أمام هذا الوضع بدأت الأصوات تتعالى للمطالبة بترشيح أحمد علي كرئيس للجمهورية، وبرزت العديد من المظاهر التي تروج له شعبيًا وسياسيًا، باعتباره المنقذ والمخلص لليمن، من تردي البلاد في عهد الرئيس هادي، ومن الصعود السريع لجماعة الحوثي وتهديدها للدول المجاورة، وصرح أحد القيادين المؤتمريين آنذاك بأن أحمد علي سيكون سيسي اليمن، وهي إشارة بأنه سيمارس نفس الدور الذي فعله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حينما كان وزيرًا للدفاع، وينقلب على الرئيس هادي.
وارتفعت حدة تلك الأصوات، مع وضع الرئيس هادي قيد الإقامة الجبرية في منزله بصنعاء، وشهدت العاصمة صنعاء مظاهرات شعبية سيرها حزب المؤتمر الشعبي العام، ودعمتها جماعة الحوثي، تطالب العميد أحمد بترشيح نفسه رئيسًا للجمهورية، وأنشأ ناشطون مقربون منه صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بترشيحه رئيسًا.
ومع تمكن هادي من الفرار إلى مدينة عدن في الـ 21 من فبراير الماضي، اختلطت أوراق صالح والحوثيين من جديد، ووجهوا حملات عسكرية نحو المحافظات الجنوبية، كان الهدف الواضح منها، محاولة القبض على هادي من جديد، أو قتله، ولذلك شن الطيران الجوي الموالي للطرفين، عدة غارات جوية، استهدفت القصر الرئاسي الذي يستقر فيه هادي، بل إن جماعة الحوثي أعلنت عن جائزة مالية مغرية لمن يستطيع القبض عليه.
وعندما أقال هادي العميد أحمد، استفز ذلك القرار صالح كثيرًا، خصوصًا أنه جاء بعد انطلاق العملية العسكرية المعروفة بعاصفة الحزم، وخرج صالح بخطاب طالب فيه القمة العربية بوقف الضربات الجوية، مؤكدًا بأنه لن يُرشح نجله أحمد لرئاسة الجمهورية، ولا أي شقيق له، اما حزب المؤتمر فقد أعلن رفضه لقرار الإقالة.
بالنسبة للعميد أحمد فقد عُرف عنه الصمت الكامل، وتجنب الظهور أمام وسائل الإعلام، لكنه بعد قرار الإقالة خرج عن صمته، وظهر في تصريح صحفي يدعو للحوار ويعبر عن أسفه للوضع الذي وصلت إليه بلده، وبات مستقبله أكثر سوءًا عندما أعلنت دولة الإمارات أن قرار إقالته تم بعلمها، وفي ذات الوقت نشرت وسائل إعلامية سعودية أن العميد أحمد زار المملكة وعرض عليها دعمه مقابل الإطاحة بجماعة الحوثي، وهو ما رفضه وزير الدفاع السعودي.
أحمد وأبوه في اللحظة الراهنة
في الوقت الراهن تبدو آمال العميد أحمد ووالده في العودة إلى القصر الجمهوري مبددة تمامًا، مع انطلاق عملية عاصفة الحزم العسكرية، واتهام دول الخليج التي تتبنى تلك العملية صالح ونجله بدعم المسلحين الحوثيين، والإطاحة بالرئيس الشرعي، وهذا الموقف سيؤثر كثيرًا على حظوظ أحمد الرئاسية، مثلما سيؤثر على وضع والده في رئاسة حزب المؤتمر، خاصة مع تأكيد قيادات خليجية أن صالح ونجله لن يصبحا جزءًا من أي تسوية سياسية قادمة في اليمن.
وهناك نقاط قوة تمتلكها دول الخليج بحق صالح ونجله، وإذا ما استخدمتها قد تؤدي إلى إضعافهما، وقلب موازين القوة الميدانية لهما في الداخل، تتمثل الأولى بسحب الحصانة الممنوحة لصالح وفقًا للمبادرة الخليجية، ما سيجعله عرضة للملاحقة القانونية داخل اليمن او خارجه، بعد توثيق العديد من الجرائم التي ارتكبها بحق اليمنيين، ومُنح لأجلها الحصانة مع شخصيات أخرى في نظامه وقتذاك.
والثانية تجميد الأموال السرية له في الخارج، خاصة في دولة الإمارات، التي يتردد أنه أودع في بنوكها مبالغ مالية ضخمة، بأسماء شخصيات غير معروفة، أثناء تواجد نجله هناك كسفير.
المخرج المناسب الآن لصالح ونجله أحمد، يتوقف على الخيارات التي سيقررون اتخاذها بأنفسهم، فإن قرروا مواصلة القتال والمواجهة لعاصفة الحزم ميدانيًا داخل اليمن، فلن يكون لصالحهما، نتيجة استمرار الضربات الجوية على المعسكرات التابعة لهما، والإجهاز على مقومات القوة العسكرية والفنية فيها، وتسرب عدد كبير من الجنود وامتناعهم عن مواصلة القتال، إضافة إلى احتمال نشوء كيانات مسلحة مناهضة لهم داخليًا بدعم من عاصفة الحزم، مما قد يقود إلى اندلاع حرب أهلية داخلية، قد لا ينجو منها صالح ونجله، إذا لم يتمكنا من مغادرة البلاد.
ثمة خيار بإمكانه أن يكون مناسبًا لصالح ونجله، وهو مبادرة قيادات مؤتمرية داخل حزب المؤتمر الشعبي العام إلى تنحية صالح من رئاسة المؤتمر، وتكليف شخصيات جديدة لديها حرص وطني، تستطيع اتخاذ قرارات مصيرية بفض تحالف الحزب السياسي مع جماعة الحوثي، والتبرؤ منها، بدلًا من حالة الارتباط القائمة بين الحزب والجماعة، التي اقحم صالح الحزب فيها، وستؤثر عليه وعلى الحزب وعلى اليمن عمومًا.
يبدو أن صالح ونجله بانتظار ما ستسفر عنه تطورات المواجهات الميدانية في الجنوب لحسم مصيرهما، فإن حققت القوات التابعة لهما مع المسلحين الحوثيين تقدمًا عسكريًا في محافظة عدن، وما جاورها من المحافظات، وتمكنوا من السيطرة على الوضع هناك، فسيربحوا ورقة جديدة تمكنهم من التفاوض مع الدول المنضوية في عاصفة الحزم، وفرض الشروط التي يريدون، أو سينطلقوا من عدن لقيادة معارك عسكرية ضد المناوئين لهم في المحافظات الأخرى، وهذا مستبعد تمامًا في ظل تواصل عمليات عاصفة الحزم، واستهدافها للتجمعات القتالية التابعة لهم، واستمرارها في الحظر على المطارات والموانئ.
أما إذا خسروا المعارك الميدانية في محافظات الجنوب، فقد يجبرهم ذلك اتخاذ خيارات أخرى، أقلها الاختباء، أو القتال حتى الموت، أو الهروب بأي وسيلة نحو الخارج، خاصة جيبوتي، أو سلطنة عمان.