أولًا: تحرير إدلب
بعد معركة تم فيها تحرير إدلب المدينة والتي عجزت القوى الثورية عن تحريرها منذ أربع سنوات، بعد توحد جهود ألوية في الجيش الحر وجبهة النصرة تحت اسم “جيش الفتح”. يذكر العميد الركن لكلنا شركاء في الوطن: أن خيارات بشار الأسد في إدلب حاليًا صعبة ومحاولة استعادتها ستنهكه عسكريًا، على حد قوله، هذا وبعد أن تكبد النظام مسبقًا خسائر عسكرية كبيرة بخسارته لإدلب.
مع تحرير المدينة أصبحت القوى الثورية تسيطر على 80% تقريبًا من مساحة المحافظة (مدينة وريف) مع بقاء عدة معسكرات ومدن بدأ جيش الفتح حاليًا بالتوجه لأخذها من يد النظام ومن أهمها جسر الشغور ومعسكري وادي الضيف ومعسكر المسطومة الذي يقع بعيدًا عن المدينة بسبعة كيلومترات.
والجدير بالذكر أن المعسكرات التي لم تحرر بعد تحتوي على أسلحة ثقيلة من دبابات وراجمات صواريخ وعربات شيلكا تترواح أمديتها بين (4-28) بالتالي كل ريف إدلب تحت نيرانها.
بالنسبة للمناطق المحررة والمدن خاصة فتعد من الناحية الإنسانية خسارة – إن لم يتم إيقاف طيران النظام وفرض حظر جوي على المناطق المحررة أو السعي بإسقاط دمشق بيد الثوار في وقت قياسي – وذلك لأن النظام سيستهدفها ببراميله المتفجرة والتي ستقضي على المدنيين وأماكن سكنهم بلا تفريق بين مؤيد ومعارض أو مدني وعسكري.
إدلب المحافظة على الحدود مع اللاذقية غربًا والحدود التركية الجنوبية الغربية شمالًا هذا ما يعطيها أهميتها الإستراتيجية، بالإضافة لاحتواء المحافظة على الكثير من المعسكرات التابعة للنظام والنقاط والمخازن العسكرية الضخمة، كما أن الريف لم يصعب على الثوار تحريره، فيعد ريفي إدلب وحلب من أول المناطق التي تحررت مع بداية الثورة المسلحة.
السيناريوهات المحتملة
الاحتمالية الأولى أن يتقدم جيش الفتح باتجاه اللاذقية غربًا والتي تعد الشريان الأكبر للدعم المادي والعسكري لباقي المدن وذلك لوقوعها على الساحل ووقوع الميناء فيها، هذا إن بقي الجيش – جيش الفتح – متمسكًا بالتزامه وانضباطه وتماسكه ولم يتفرق ويختلف، ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار إمارة إدلب على من يجب أن تقع ومن سيستلم منصب إمارتها، فأمر المناطق المحررة الآن وعلى من تقع مسؤوليتها تعتبر من الأمور المهمة بالنسبة للجيش الحر وذلك بعد أن فرّط بأمن الشرق السوري إلى أن وقع بيد الدولة بكل سهولة، هذا إن لم يواجه النظام جيش الفتح بكل ما أوتي لصد هذا التمدد.
الاحتمالية الثانية إضعاف جيش الفتح واستهدافه واستهداف مواقعه بالقوى الجوية التابعة للنظام والتي ستضعف الجيش يقينًا وتمنعه من التقدم بأي اتجاه سواء باتجاه اللاذقية أو غيرها، وسيحتاج وقتًا لاستجماع قواه يستغله النظام بتحصين نفسه واستعداده لمعركة برية قادمة.
إذا سعى الجيش لفتح جبهة جديدة على نفسه ولا يستبعد ذلك على الدولة الإسلامية شرقًا، فمن المحتمل أن يكسب من معركته مناطق أو قرى قليلة وذلك لأن الدولة الآن تُضرب من الناحية العراقية أكثر من الجانب السوري فمن الطبيعي أن يقل تركيزها على جهة سوريا “الشام”.
من التحديات التي ستواجهه الجيش في هذه المرحلة هو جناح النصرة المنطوي تحت الجيش والذي سيشكل عائقًا لتقدمهم نحو الدولة وذلك لأن النصرة والدولة رفعوا عن أنفسهم الاشتباك تحت حجة “إخوة المنهج”؛ فسيضعف هذا الأمر احتمالية التوجه نحو الدولة وفتح الجبهة معها.
ثانيًا: معبر نصيب الحدودي
بعد الجهد الكبير الذي بُذل من الثوار والاتحادات العدة للكتائب في الجنوب السوري (درعا بالخصوص)، تمت السيطرة على المعبر الأول الحدودي – درعا الرمثا – الواصل بين سوريا والأردن والذي سيطرت عليه المعارضة منذ أكثر من سنة، والمعبر الثاني – نصيب جابر – الحدودي والذي يعتبر الأصعب والأهم بالنسبة للثوار والذي تمت السيطرة عليه عبر مهاجمة الثوار لقوات النظام المتمركزة عند المعبر ومحاصرتهم من ثلاثة جوانب صباح الثاني من أبريل.
وفي تصريح النقيب أبوحمزة النعيمي لكلنا شركاء يقول فيه: “إن العمل الإداري للمعبر – نصيب – سيكون بواسطة هيئات مدنية، أما الجيش الحر سيقتصر عمله على الحماية، ويعتبر هذا المعبر آخر معاقل النظام في المنطقة الجنوبية من محافظة درعا باستثناء بعض الأحياء، وأن تحريره سيؤدي إلى فتح المنطقة الغربية من درعا على المنطقة الشرقية منها بشكل كامل، وسيؤدي بذلك لقطع شريان الإمداد عن قوات النظام في درعا ثم السيطرة على الاتستراد، على حد قوله.
بذلك تكون المعابر الواصلة بين الحدود السورية الأردنية كلها بيد الثوار، وقد تم إغلاق الحدود في وجه المسافرين والبضائع، حسب تصريح حسين المجالي وزير الداخلية الأدرني لوكالة الأنباء الرسمية (بترا): “يأتي كإجراء احترازي للحفاظ على أرواح وسلامة المسافرين، نظرًا لأحداث العنف التي يشهدها الجانب الآخر من الحدود”.
كما أن النظام كان على علم بضعفه ولذلك لجأ لإنشاء جيش “لبيك سلمان” في السويداء نسبة إلى الصحابي الجليل سلمان الفارسي الذي يحظى بمكانة خاصة لدى الدروز، في استغلال واضح لعاطفة الدروز وتوظيفها لمواجهة الجيش الحر والحد من تقدمه، فيتضح من ذلك أنه غير قادر على إدارة مثل هذه المناطق.
هل تحسم المعركة؟
لا يُظن أن الانتصار الكبير الذي حصل في إدلب وإتمام تحرير المعابر الحدودية مع الأردن حدثا بالصدفة، فمن المتوقع أن يكون هناك تحركًا دوليًا نحو إنهاء “الصراع في سوريا”، بدعمهم للحر وإعطائه الضوء الأخضر للتحرك باتجاه دمشق جنوبًا واللاذقية شمالًا، لإضعاف النظام لا لزواله والذي يتضح من عدم الإطاحة به عبر السنوات الأربع الماضية.
ويفهم عدم ترحيب الأسد بعاصفة الحزم التي شنتها السعودية مع عدة دول أخرى على الحوثيين في اليمن على أنه تهديد لكيانه وخطر شبه محتم له ولداعمه الأكبر إيران، لأن الحملة تمت على زملائهم المدعومين من إيران؛ إن تم الانتصار في المعركة ضد الحوثيين وتوجهت السعودية بعدها إلى ما بعد اليمن.