الدبلوماسية التونسية في أسوأ حالاتها بعد إعادة العلاقات مع الأسد

par3347146

أعلن وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش الخميس الماضي أن بلاده قررت استئناف تمثيلها الدبلوماسي في دمشق، ورحب بعودة السفير السوري إلى تونس بعد طرده منها في عام 2012، في خطوة ربما تمهد لإعادة العلاقة كاملة بين تونس والنظام السوري.

وقال البكوش في مؤتمر صحفي في مقر الحكومة التونسية بالقصبة، “سنرسل في قادم الأيام تمثيلاً قنصليًا أو دبلوماسيًا قائمًا بالأعمال إلى سوريا”، وأضاف أن تونس أبلغت الجانب السوري بأنه يستطيع إرسال سفير إلى تونس، وتحدث الوزير التونسي عن رفع متدرج لما أسماه التجميد الدبلوماسي في سوريا وليبيا.

تفعيل للعلاقات ضمن إطار الدبلوماسية الأمنية

تُعد هذه الخطوة ترجمة فعلية لما وعد به حزب نداء تونس أثناء حملته للانتخابات التشريعية والرئاسية نهاية العام الماضي، باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري.

وبحسب محللين، فإن الهدف الحقيقي من جهود إعادة الصلة جزئيًا مع النظام السوري يندرج ضمن جهود الدولة التونسية في التعاطي مع المسألة الإرهابية، فرغم تضارب الأعداد المُصرح بها حول عدد التونسيين الذين يقاتلون في سوريا والعراق بين 3000 و7000، إلا أن الثابت هو توجس الحكومة التونسية من هؤلاء باعتبار أنهم متى عادوا إلى تونس سيكونون بالضرورة محل اشتباه بهم خاصة بعد التطورات الأخيرة الحاصلة لدى الحاملين لفكر داعش والتي باتت تصرح علنًا بأن تونس أرض جهاد وبأنه بات واجبًا تنفيذ عمليات إرهابية على أرضها .

مع تضييق الخناق على الجيوب الإرهابية المتمركزة بتونس، ومع نجاح جهاز المخابرات، حسب تصريحات وزير الداخلية، في تحديد هويات ومجال تحرك المنتسبين لداعش في تونس، من المنتظر أن تكون هناك هجرة عكسية من سوريا والعراق نحو دول الأصل (تونس مثالاً) بهدف المباغتة عبر أشخاص خارج إطار متابعة الأجهزة الأمنية؛ وهو ما يدفع الدبلوماسية التونسية اليوم لإعادة العلاقات مع سوريا لأن النظم السوري، حسب تقديرها، هو الأقدر على تحديد قائمة التونسيين المتورطين في الإرهاب هناك والذين قد تشكل عودتهم خطرًا على الأمن القومي التونسي.

المعارضة السورية تستنكر

وصف قيادي بالائتلاف السوري المعارض، قرار تونس بعودة تمثيلها الدبلوماسي إلى سوريا بعد انقطاع منذ  2012 بأنه قرار خاطئ وضد الثورة التونسية ويجب التراجع عنه، طالبًا إياها بالتراجع عن القرار.

وفي تصريحات لوكالة الأناضول، أوضح هيثم المالح، رئيس اللجنة القانونية للائتلاف السوري المعارض، أن “إعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد القاتل شيء خطير موجه ضد الثورتين التونسية والسورية”، مضيفًا أن “هذا القرار الخاطئ من تونس يحتاج إلى إعادة نظر ويجب التراجع عنه”.

وربط المالح بين قرار تونس بعودة التمثيل الدبلوماسي مع الأسد، وعدم دعوة الائتلاف للقمة العربية التي أُقيمت برئاسة مصر مؤخرًا، مشيرًا إلى أن “هذا يصب في خانة دعم النظام القاتل وإضعاف المعارضة”.

وأوضح أن “مصر كانت رئيسة القمة، ولم توضح سببًا حتى الآن لعدم دعوة الائتلاف للقمة العربية والإبقاء على مقعد سوريا شاغرًا”.

السبسي يرد على وزير الخارجية، والدبلوماسية التونسية في أسوأ حالاتها

أثناء حوار له مع قناة فرانس 24 وفيما يتعلق بتصريح وزير الشؤون الخارجية الطيب البكوش بخصوص عودة تدريجية للعلاقات الدبلوماسية مع سوريا مع إعادة التمثيل التونسي بسوريا، قال رئيس الجمهورية إن السياسة الخارجية لتونس يضبطها رئيس الجمهورية وتطبقها وزارة الخارجية.

وأضاف أن تونس لم تغير موقفها من الوضع في سوريا وتتفاعل ضمن الإجماع العربي، قائلاً: “ما أراد أن يقوله البكوش أن لدينا تونسيين متواجدين في سوريا ووضعهم يهمنا وربما قد نكلف من يهتم بشؤونهم، ولكن لم تغير تونس سياستها في الموضوع، ولن نخرج عن السياق العربي “.

تصريح السبسي أشار إلى وجود عدم تنسيق بين المكلفين بملف العلاقات الخارجية، حسب ما نص عليه الدستور، وهما رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، فبينما رحب البكوش بعودة سفير سوريا إلى تونس ورد تصريح الرئيس بما يناقض ذلك.

يذكر أن الدبلوماسية التونسية في عهد الوزير الحالي تشهد أصعب فتراتها، فبعد أزمة مع ليبيا، أكدت تقارير إعلامية، أن تركيا طلبت من السفير التونسي لديها تقديم توضيحات حول تصريحات وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش، اتهم فيها أنقرة بتسهيل عبور الجهاديين إلى سوريا.

وكان وزير الخارجية الطيب البكوش قد صرح بأن تونس طلبت من سفيرها بتركيا أن يلفت انتباه السلطات التركية إلى “أننا لا نريد من دولة إسلامية هي تركيا أن تكون مساعدة بشكل مباشر أو غير مباشر على الإرهاب في تونس، بتسهيل تنقل إرهابيين نحو العراق وسوريا تحت مسمى الجهاد”.

وقوبلت هذه التصريحات برفض عبّر عنه بالخصوص نواب حركة النهضة خلال جلسة عامة في البرلمان، حيث رفضوا “اتهام تركيا بدعم الإرهاب”، كما طالبوا وزير الخارجية بالاعتذار لدولة تركيا.