ترجمة وتحرير نون بوست
كتب ديتر بيدنارز وكريستوف رويتر وبيرنهارد زاند
في الأمسيات الأخيرة التي شهدت تفاوضًا حامي الوطيس ما بين وزراء الخارجية الغربيين والقيادة الإيرانية في لوزان – سويسرا، كانت شابتان في العاصمة اليمنية صنعاء ترمقان السماء المدلهمة بعين من التوجس، نينا عقلان الناشطة المدنية الحقوقية المعروفة، وصديقتها رنيم كانتا تبحثان عن الطائرات المقاتلات السعودية في سماء المدينة السوداء، رنيم كانت قد تركت منزلها الذي يقع بجوار وكالة المخابرات الداخلية في اليمن، خوفًا من استهدافه من السعوديين وحلفائهم.
“تصورنا في البداية أنهم قد يقصفونا لمدة ليلة أو ليلتين، لكن الأوضاع استمرت في التفاقم”، قالت رنيم وصوت مضادات الطائرات يصدح في خلفية الحديث، وينقطع أحيانًا ليفسح المجال لصوت الانفجارات المدوية الناجمة عن انفجار الصواريخ، وتتابع رنيم حديثها عبر اتصال سكايب المتكرر الانقطاع “في بعض الأحيان، تبدأ الهجمات أول المساء وتستمر حتى منتصف الليل، وفي أحيان أخرى، يبدأ القصف في وقت متأخر من المساء وينتهي عند طلوع الفجر”.
هذه الضربات الليلية ناجمة عن سعي الائتلاف السني المؤلف من تسع دول وتتزعمه المملكة العربية السعودية، لكسر شوكة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، ولكن إلى جانب استهداف طيران التحالف للقواعد العسكرية ومقر وكالة الاستخبارات، استهدف أيضًا بعض المنشآت التي لا تربطها أية صلة بالأحداث الراهنة، مثل مصنع الأسمنت والمصنع الخاص بمنتجات الألبان ومخيم اللاجئين، وبحلول يوم الخميس وصل عدد ضحايا الضربات الجوية ما يقرب من الـ 90 قتيلاً، وبالاتساق مع هذه الأحداث قالت نينا عقلان “أي نوع من الحروب هي هذه الحرب القائمة الآن؟ ولم تُخاض هذه الحرب أساسًا؟”.
بشكل عام، لا يوجد ارتباط مباشر بين عمليات اليمن وبين الاتفاق الشامل الذي تم التوصل إليه بشكل مفاجيء بين الغرب وإيران بخصوص برنامج البلاد النووي مساء يوم الخميس الماضي، ولكن إذا ما استثنينا إسرائيل، فإن أكثر دولة متشككة ومتوجسة بخصوص هذا الاتفاق هي السعودية، فعقب وقوع ذات التطورات في كل من سوريا والعراق، جاء الصراع في اليمن ليبدو، على نحو متزايد، كما لو كان حربًا بالوكالة بين الرياض وطهران، العاصمتان اللتان تتصارعان بشكل صارخ على السيادة في المنطقة؛ فالمملكة العربية السعودية، الحليف الغربي التقليدي تراقب بنزق ابتعاد الولايات المتحدة عنها ببطء، وإيران التي تتوسع قوتها وتتعاظم في المنطقة خطت مؤخرًا خطوة تاريخية نحو التقارب مع الولايات المتحدة وحلفائها.
كما شهدت ليلة الخميس الماضي أكبر خطوة تتخذها إيران نحو الأمام، حيث رمقت مملكة النفط السعودية خلال الأسابيع الأخيرة من على الهامش، حليفها الأمريكي التاريخي وهو يندفع عنها بحماس نحو التوصل إلى حل للنزاع النووي مع إيران، حيث أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن التوصل إلى اتفاق في وقت متأخر من يوم الخميس، مما يعني أن إيران قد اقتربت الآن خطوة من الغرب، وعلاوة على كل شيء اقتربت أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية.
استهداف المنافس الأيديولوجي
بدأ التحالف العسكري السعودي تدخّله في اليمن تحت شعار تحقيق الأمن، ولكن بعد أسبوع واحد فقط، توضّح أن أولويات هذا التحالف لا تتجسد في خلق توازن قوى بين المعسكرين المتنازعين في اليمن – المعسكر الشيعي الحوثي المتحالف مع قوات الرئيس السابق، بمواجهة القوات الحكومية المدعومة سعوديًا – كون الواقع يشير أن الصراع في اليمن هو صراع داخلي أكثر تعقيدًا من معركة طائفية بحتة، ولكن مع ذلك، كان مأرب التدخل السعودي في المقام الأول هو استهداف المنافس الأيديولوجي الخطير المتمثل بإيران.
وفي ذات الوقت، فإن هذه العملية العسكرية هي فرصة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود لإظهار استقلاله عن الولايات المتحدة، وكذلك ربما لإثبات تفوق المملكة العسكري في المنطقة كعنصر مكمل للتفوق الاقتصادي الذي لطالما تمتعت به المملكة خلال القرن الماضي.
ولكن من الواضح أن الصراع السني – الشيعي الذي يتخمر في الشرق الأوسط ليس لديه القدرة على تدمير اليمن فحسب، وإنما قد يمتد لهيبه ليتحول إلى كارثة تحرق المملكة العربية السعودية.
إن الأخطاء الإستراتيجية ليست بجديدة على المملكة السعودية، ففي الخريف الماضي فقط، أخطأت الرياض بشدة في اليمن عندما عمدت إلى قطع المساعدات المالية عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كون السعودية كانت ترى أن هادي – السني – متساهل جدًا مع الحوثيين الشيعة الذين يشكلون ثلث سكان اليمن، ولكن في الحقيقة كان هادي يسعى جاهدًا من أجل البقاء السياسي وإثبات الذات ضمن الجبهات اليمنية المختلفة، وهي مهمة أصبحت أكثر صعوبة وتعقيدًا مع تدخل سلفه الشيعي على عبد الله صالح، وفي ظل إيقاف المساعدات السعودية لم يكن لدى هادي فرصة للنجاح؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمة والسماح للحوثيين بالتوسع على حساب ضعف الرئيس هادي السياسي والمادي.
رغم ارتباط الإيرانيين طائفيًا مع الحوثيين، وإمدادهم المزعوم بالسلاح، غير أن المسؤول الأساسي عن المسيرة المظفرة للحوثيين داخل البلاد هو الرئيس السابق صالح، وهذا الانقلاب في المواقف يمثّل مفارقة ساخرة، بالنظر إلى أن صالح ذاته حين كان في السلطة شن حملة ضد المتمردين الحوثيين وقتل زعيمهم السابق، والآن يقوم بوضع قوات النخبة المنشقة من الجيش – والتي جهزها عبر مئات ملايين الدولارات القادمة كمساعدات من الولايات المتحدة – تحت تصرفهم، وهذه القوات هي أقرب إلى جيش خاص منها إلى قوات عسكرية نظامية، حيث يستخدم صالح ثروته المقدرة بالمليارات لتمويلهم واكتساب ولائهم.
إحدى رقصات صالح
صالح قال مرة إن حكم اليمن يشبه “الرقص على رؤوس الثعابين”، وما يحدث الآن فعلًا هو “أحد رقصات صالح”، كما يقول عبد القادر الجنيد، القيادي في الاحتجاجات الأخيرة ضد الحوثيين في مدينة تعز، ويتابع “لم تكن القوى الأجنبية الخارجية هي التي سيطرت على تعز، إنما أتباع صالح والجنود الذين انشقوا من الجيش اليمني”، وهذه المدينة التي أصبحت الآن تحت سيطرة الحوثيين، تحولت إلى نقطة انطلاق لهجمات الميليشيات الشيعية نحو الجنوب.
وبذات الوقت أصبحت تعز أيضًا هدفًا للغارات الجوية للتحالف السعودي، ويقول البرلماني اليمني عبد القادر مغلس منتقدًا السعوديين “إنهم لا يقتلون فقط الحوثيين، فقبل مائة سنة احتلت السعودية ثلاث محافظات يمنية، واليوم مازالوا يخشون من يمن قوي وموحد”، ويتابع بقوله “حتى الآن لا يوجد مقاتلين إيرانيين في البلاد، ولكن إذا استمر السعوديون على هذا المنوال، فإن الإيرانيين سيدخلون اليمن ليحولوا وطننا إلى ساحة معركة في حربهم مع السعودية”.
إن العملية العسكرية في اليمن تشكّل انحرافًا جذريًا عن تقاليد السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، حيث اعتمدت الرياض تاريخيًا على ثلاث إستراتيجيات لتحقيق مصالحها الخارجية، أولاً: استخدم الثروة لدعم الحكومات أو الجماعات المتحالفة معها، وثانيًا: إنشاء شبكة عالمية من رجال الدين ومدارس القرآن لنشر التفسير الوهابي المتزمت للقرآن الكريم، وثالثًا: ممارسة الدبلوماسية الكلاسيكية والتدخل بالوساطات، مثل توسط السعودية في محادثات السلام الرائدة التي أنهت الحرب الأهلية التي دامت 15 عامًا في لبنان في أواخر الثمانينيات.
في الواقع، لطالما تساءل الخبراء في الشأن السعودي حول سبب قيام النظام الملكي بإنفاق عشرات السنين والمليارات على تسليح نفسه إلى أقصى الحدود، ولكن العملية الأخيرة في اليمن وفرّت للمجتمع الدولي جوابًا على هذه التساؤلات، يتمثل بالدفاع عن النفس تجاه عدم الاستقرار في اليمن المتخم والمفتت إثر النزاعات الطائفية والقبلية، حيث عملت العشائر التي تتقاسمها اليمن والسعودية والعمال المهاجرون ما بين البلدين على ربط السعودية بشكل وثيق مع جارتها الجنوبية؛ فمثلًا عائلة بن لادن، وهي إحدى العائلات الأكثر تأثيرًا ونفوذًا في السعودية، هي في الأصل يمنية، وكذلك أمهات بعض الأمراء السعوديين، وبالنسبة للملك سلمان، فإن كابوسه يتجسد باجتهاد إيران – المنافس الأهم للمملكة لإثبات الهيمنة على المنطقة – على تحريض الأشقاء المذهبيين في اليمن، والسعي لضم البلاد إلى مجال النفوذ الشيعي.
تحوّل الجيل السعودي الجديد
رغم أن التنافس السعودي – الإيراني يمتد إلى زمن الشاه، ولكن النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة ليس هو التفسير الوحيد للانحراف الحاد في السياسة الخارجية السعودية، فالواقع يقول إن الملك سلمان الذي تسلم دفة القيادة منذ يناير الماضي فقط، هو كبير بالسن وضعيف؛ لذا من الأجدى أن يكون أبناؤه وأبناء أخوته يسعون الآن لاستخدام الصراع في اليمن لإعادة التمحور تجهيزًا للتحول القادم مع الجيل الجديد لآل سعود، حيث تزعزت الأسرة الحاكمة السعودية جرّاء تحول موقف الراعي الأمريكي الموثوق، وأصبح الجيل القادم بحاجة للاستقلال ربما عن الراعي الأمريكي.
إعادة التمحور الأمريكية نحو إيران والتي بذل وزير الخارجية الإيراني ظريف ونظيره الأمريكي جون كيري جهودًا جبارة فيها، تمخضت أخيرًا عن التوصل لتفاهم حول الإطار العام للاتفاقية يوم الخميس، وإذا تم التوصل إلى الاتفاق النهائي، فإن النتيجة ستكون تقييد كمية اليورانيوم التي يمكن لإيران تخصيبها والحد من درجة تنقية اليورانيوم في منشأة ناتنز، وعلاوة على ذلك، سيتم تقييد منشأة فوردو النووية الواقعة تحت الأرض لأغراض البحث العلمي فقط، كما أن مفاعل الماء الثقيل في آراك سيستمر بالعمل، ولكن تحت الرقابة اللصيقة للغرب.
وتعاونًا مع المطالب الغربية التي تنشد تشديد الرقابة على البرنامج النووي الإيراني، وافقت إيران على التوقيع والتصديق على البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهذا يعني أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيتم منحهم المزيد من الحقوق والأريحية للتفتيش داخل المنشآت النووية الإيرانية، وهو المطلب الذي كانت الوكالة تصر عليه خوفًا من البُعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي الإيراني.
وفي مقابل هذه التنازلات، وافق الغرب على التراجع خطوة بخطوة عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، تلازمًا مع التزام الأخيرة بشروط الصفقة، وتفاصيل الاتفاق الكامل – والتي لاتزال تأوي متسعًا كبيرًا للصراع والاعتراض – سيتم التوصل إليها وفق ما هو متفق عليه بحلول 30 يونيو من هذا العام.
بناء عليه، ورغم أن لوزان لم تستضف بعد المصافحة التاريخية بين كيري وظريف، ولكن التوصل إلى اتفاق مبدئي كان نتيجة مدهشة بحد ذاته، خاصة بعد مرور يوم الأربعاء – آخر موعد للتوصل إلى اتفاق – بدون أي نتائج، حيث بدا لفترة كما لو كان الجانب الإيراني غير مستعد لإعلان نيته عن التوصل إلى اتفاق، الأمر الذي لو حدث لكان من شأنه أن يوجه للرئيس الأمريكي باراك أوباما ضربة قاتلة، ولكن يوم الخميس، شهد ارتياح أوباما أمام الصحفيين في حديقة الورود (روز جاردن) في البيت الأبيض أثناء تحدثه عن “الصفقة الجيدة” والاتفاق “التاريخي” ما بين أمريكا وإيران، كما حذر الكونجرس من الوقوف بوجه هذا الاتفاق.
يمكن اعتبار التوصل لاتفاق مبدئي مع إيران بمثابة نجاح لأوباما، وذلك في ظل الضغوطات المتصاعدة التي واجهها خلال عام من المحادثات الأمريكية – الإيرانية، حيث تصاعدت الانتقادات من الجمهوريين ومن داخل حزبه الديمقراطي وكذلك المطالب بالحصول على تنازلات أكبر من طهران، أما في إيران، فإن الجماهير تعقد آمالاً كبيرة حول قدرة الصفقة على إعتاقهم من العقوبات المؤلمة والمضي بهم نحو الانفتاح الاقتصادي الكبير، لا بل ذهب الرئيس الإيراني حسن روحاني أبعد من ذلك إلى حد التكهن بإمكانية إعادة فتح السفارة الأمريكية في طهران.
وراء أكمة التفاوض النووي في إيران
بالنسبة للمتشددين من الجناح القومي – الديني في إيران، فإن الاتفاق النووي هو أقرب إلى خيانة الثورة، وحتى لو كان أغلبية الإيرانيين يتوقون للتقارب مع أمريكا ويرنون إليها باعتبارها أرض الفرص اللانهائية، ولكن القول الفصل في هذا الاتفاق لا يعود للرئيس روحاني، كون القرارات في القضايا الهامة – مثل قضايا الحرب والسلام والعلاقات مع الولايات المتحدة – تُتخذ حصرًا من قِبل آية الله علي خامنئي، وبالنسبة للمرشد الأعلى للثورة البالغ من العمر 75 عامًا، فإن التوقيع على اتفاق نووي طويل المدى في نهاية يونيو سيمثل تقهقرًا هائلاً عن مواقفه، وسيكون علامة على تراجعه عن مبدأ المواجهة الذي يمده بشرعيته المكتسبة كزعيم للثورة الإيرانية.
ولكن بعد ربع قرن في الحكم، خامنئي الآن يُحكم قبضته على السلطة في إيران أكثر من أي وقت مضى، ومحليًا، تمكن الرجل من هزيمة جميع أعدائه ومعارضيه، ويُروّج له في طهران، أنه استطاع حتى هزيمة سرطان الخصية أو البروستاتا الذي أصيب به، وعلى عكس وجهة النظر الغربية التي ترى أن العقوبات خنقت الاقتصاد الإيراني، وأجبرت القيادة للمثول إلى طاولة المفاوضات، يرى الإيرانيون أن خامنئي ارتقى بإيران ضد إرادة الغرب لتصبح قوة نووية محتملة، والآن يتفاوض مع الولايات المتحدة من موقع قوة متساوٍ.
ومن وجهة نظر أخرى، فإن خامنئي بكل تأكيد أوفى مهمته تجاه الثورة الإيرانية من خلال توسيع وتصدير الثورة للخارج؛ ففي جنوب لبنان تنتشر الميليشيات الإيرانية المسلحة لحزب الله والتي تمثل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، وفي سوريا استطاعت الميليشيات الشيعية ضمان بقاء الديكتاتور المتحالف مع إيران بشار الأسد، وفي العراق، تشارك الجماعات المسلحة تحت القيادة الإيرانية في معركة ضد الدولة الإسلامية، والآن، مع تقدم المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، يتنامى النفوذ الشيعي ليصبح ممتدًا من البحر الأبيض المتوسط إلى خليج عدن.
المخاطر التي تجثم قبالة العائلة الحاكمة السعودية
على النقيض فإن خصوم خامنئي في شبه الجزيرة العربية، اضطروا إلى تغيير مواقعهم بعد وفاة الملك عبد الله، وحتى الآن، فقد بذل الأمير محمد – ابن الملك سلمان المفضل – قصارى جهده لإظهار نفسه على أنه المرشح الأوفر حظًا لخلافة العاهل السعودي المسن، فالشاب البالغ 35 عامًا هو الذي استقبل الرئيس اليمني هادي المنفي من اليمن في الرياض في نهاية مارس، وقبل يومين شوهد وهو يجلس بجانب ابن عمه وزير الداخلية محمد بن نايف (55 عامًا) في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي تم إنشاؤه حديثًا بعد اتخاذ القرار بالهجوم على اليمن، ويبقى من غير الواضح حتى الآن، أيًا من الأمراء الشباب قد يستفيد أكثر من غيره من هجوم اليمن، وبالمثل مازالت الشكوك تثور حول مدى صحة اتخاذ قرار الحرب.
إن المخاطر التي تبرزها هذه الحرب على آل سعود كبيرة ومتعاظمة، فحتى الآن، عملت الغارات الجوية على تسريع تقدم الميليشيات الحوثية بدلاً من إعاقتها، فيوم الثلاثاء الماضي، تمكّن المتمردون من السيطرة على قاعدة عسكرية تقع مباشرة على باب المندب، المضيق الواقع بين اليمن والقرن الأفريقي والذي يعتبر من أهم الممرات المائية الإستراتيجية في العالم.
السعودية أطلقت عملية عاصفة الحزم، ولكنها لن تكون قادرة على الفوز بهذه المعركة من خلال الضربات الجوية وحدها، ولتجنب الهزيمة، يجب أن تستعد المملكة للقتال على الأرض، وعلى الرغم من أن جيش البلاد في وضع بالكاد يمكّنه من الاجتياح البري، بيد أن شهود عيان أفادوا برؤيتهم لسرب من الدبابات بطول كيلومتر يتمركز على طول الحدود مع السعودية، وعلى الجانب الآخر يتمركز الآلاف من المتمردين الحوثيين استعدادًا للمعركة مع الغزاة.
يبقى لنا القول أخيرًا، إن قوة إقليمية كبرى قامت ذات مرة في ستينيات القرن الماضي بإرسال قوة برية كبيرة مؤلفة من عشرات الآلاف من الجنود إلى اليمن، ولكن العملية انتهت بكارثة أصبحت تُذكر من قِبل التاريخ باسم فيتنام مصر.
المصدر: دير شبيغل