يقبع أحمد ماهر مؤسس حركة السادس من أبريل، وعضو المكتب السياسي للحركة محمد عادل خلف السجون الآن، وتعاني الحركة من تضييق أمني شديد في أعقاب حظر أنشطتها من قِبل الدولة بعد حكم قضائي.
دائمًا ما تعاني الحركة من غضب السلطة بسبب نشاطها المعارض للنظام، فمولد الحركة كان بعد انتفاضة شعبية شهدتها مدينة المحلة في السادس من أبريل 2008 والتي كانت مشهدًا أوليًا لما يمكن أن يحدث في يناير 2011 وقد كان، فمنذ فترة التأسيس حتى ذورة يناير دفع أعضاء الحركة ضريبة محاولة تحريك الشارع وتحريضه ضد النظام.
حتى جاءت الثورة في يناير 2011 ولم يُنكر أحد دور شباب الحركة في هذا الطور من السياسة المصرية، التي رحل بعدها حسني مبارك وشهدت الحركة إقبالا شبابيًا غير مسبوق، لكن النظام الانتقالي لم يستطيع هضم الحركة وسط الحراك السياسي أيضًا، وخرجت الأبواق التي تصم قادتها بالخيانة والعمالة وتلقي تدريبات بالخارج لإشاعة الفوضى في مصر، فاصطدمت الحركة بالجيش في هذا الوقت وكان لها موقفها المعارض من طريقة إدارة المرحلة الانتقالية التي تلت الثورة، وما إن وصلت مصر إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية والمفاضلة بين انتخاب محمد مرسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق واجهة من واجهات النظام القديم، فاختارت الحركة أن تعلن دعمها لمحمد مرسي رغم الاختلافات الواسعة بينهما.
صعد مرسي إلى سدة الحكم ولم تستطيع حركة السادس من أبريل أن تقف مع ما اعتبروه نظام الإخوان المسلمين في خندق واحد، واعتبرت أن موقف المعارضة هو الأليق بها، فشهد النظام آنذاك معارضة شرسة من الحركة رغم أنها عاصرت تحقق أحد أهداف إنشائها وهي أن تكون جماعة ضغط سياسي وبالفعل مارست هذا الدور على هذا النظام الهزيل في ذلك الوقت واستطاعت أن تضع ممثلاً للشباب في لجنة صناعة الدستور بل وعُرض على مؤسسها أحمد ماهر منصب نائب الرئيس ولم يقبله، وظلت الحركة تصم النظام بالفشل وسعت لإسقاطه أيضًا ولكن في إطار لعبة مخابراتية هيأت الأرض والواقع لتلقي خبر من نوع تصدر أحد رجال الجيش للشاشة ليعلن تنحية الرئيس المنتخب وتنحية العمل بالدستور وفي الخلفية كانت حركة السادس من أبريل.
لا شك أن هذا الموقف تدفع ثمنه الحركة المنقسمة على نفسها إلى الآن، فبعد أن اعتقدت الحركة أنها استطاعت إسقاط نظامين من خلال حراكها في الشارع تم استخدامها في الإطاحة بالديمقراطية الناشئة لحساب عودة الحكم العسكري التي طالما عارضته وهتف أعضاؤها ضده، لم تكن تعلم الحركة أنها بذلك تضع القيد بيدها في يد أعضائها؛ فالنظام الوليد لم يكن ليقبل بحركة من نوعية حركة السادس من أبريل التي لا ترى مكان لها سوى في الشارع كجماعة ضغط سياسي على النظام، فوجئت الحركة بنظام لا يسمح لأحد أن يضغط عليه من الأساس.
فالدور الذي استخدمها النظام العسكري لأجله قد انتهى وحان وقت تصفية الحسابات القديمة، حاولت الحركة أن تعارض التضييق على الحريات ومنع التظاهرات من خلال قانون تم بموجبه اعتقال قادة الحركة الذين شاركوا في تظاهرات مجلس الشورى المعارضة لقانون التظاهر.
الحركة أدركت متأخرًا بأنه تم استخدامها للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي فحسب، ولن يكون لها أي دور مستقبلي في صناعة القرار الحالي كما اعتادت إبان حكم مرسي، هذا الأمر أصبح جليًا أكثر واعترف به أحمد ماهر بنفسه من داخل السجن، ولكن الحسابات السياسية تمنع الحركة ككل من إعلان هذا الأمر، ربما يفسر البعض الأمر أنه خوفًا من شماتة الإخوان المسلمين، وباتت تحاول أن تخلق لنفسها دورًا في وسط كل هذا التنكيل والقمع من السلطة المصرية.
حاولت الحركة من خلال ذكرى الثورة أن تجد مكانًا لتظاهراتها بعيدًا عن التظاهرات اليومية للإخوان المسلمين التي تخرج رفضًا للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، ولكنها وجدت أن الأيام لم تعد كسابقتها وتكلفة التظاهرات أمام وزير الداخلية في عهد مرسي ليست هي نفس التكلفة أمام منزل نفس الوزير في عهد عدلي منصور أو السيسي ربما صار الأمر يكلف إما الأرواح أو السجن.
انحسر دور الحركة في الشارع في الآونه الأخيرة التي وبلا شك غاضبة من بقاء النظام بهذه الصورة حيث لا يسمح لها بأي انفراجة كالتي عهدوها في أيام مبارك على الأقل، فالأمر أصبح شبه منتهي لدى النظام بأنه لا مكان للحركة في الشارع كسابق العهود، فأطلق النظام أذرعه الإعلامية للنيل من الحركة ومؤسسيها عن طريق وصمهم بالعمالة والخيانة في إطار تصفية الحسابات مع قوى 25 يناير كلهم، وللأسف لم تتخيل الحركة أنها أول من شاركت في ذلك بمساعدة النظام على التنكيل بالإخوان المسلمين.
كل ما تعانيه الحركة يتلخص في مشهد إحياء الذكرى السابعة لتأسيس الحركة، فالأمن يمنع مؤتمرًا صحفيًا للحركة، فتلجأ الحركة للتظاهر بعشرات الأعداد في صحراء مدينة السادس من أكتوبر، ليظهر المشهد الذي يخلص الواقع بأن النظام لا يرحب بأي حركات شبابية معارضة داخل نطاقه بل إن صحاري مصر مفتوحة للمعارضين حيث لا يسمع أحد ولا يجيب.
تعمل الحركة الآن على ما تسميه إيجاد بديل لثنائية الصراع الدائر بين الجيش وجماعة الإخوان من خلال دعوات بين الحين والآخر لتوحيد القوى المدنية، لكن يبدو أن البعض لا يريد أن يعترف أنه ليست هناك الآن قوى مدنية لتجميعها؛ فالذي رفض التماهي مع النظام مصيره لم يخرج عن الاعتقال أو النفي خارج البلاد، وكل ما تحاوله الحركة الآن مجرد إنكار للواقع ليس إلا، وعلى الحركة فيما يبدو أن تجري مراجعات داخلية للمواقف السابقة التي كانت بعضها سببًا مباشرًا لما تعاني منه الحركة نفسها الآن، حتى تستطيع إيجاد دور تلعبه أمام النظام الحالي الذي لا يترك لها فراغات كغيره من الأنظمة، كما أن النظام يريد للحركة أن تبقى كذكرى من الماضي ليس لها صدى في وصته الحاضر.