أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن تشكيل مكتب جديد لإدراة شؤون الإخوان المصريين في الخارج، هذا المسمى ليس هو الأدق حيث يأتي من خلفه مسمى “لجنة إدارة الأزمة” التي شرع الإخوان المصريون بالخارج في تشكيلها منذ نهاية العام، لإدارة دفة الصراع مع النظام الحالي في مصر.
لوحظ الغضب الذي سرى في جسد الجماعة من قِبل أعضائها المصريين بالخارج، لاسيما الغضب الشبابي من طريقة إدارة الأزمة في الخارج من قبل المكتب السابق الذي ترأسه محمود حسين الأمين العام للجماعة، والذي لقى انتقادات لاذعة من داخل الجماعة قبل خارجها، الغضب الذي ظهر في عدة حوادث أبرزها أزمة جمعية رابعة في تركيا والتي لجأ الإخوان لاحتوائها قبيل تفاقمها، كذلك أزمة قناة مصر الآن الممولة من الجماعة بشكل مباشر التي أضرب العاملون فيها عن العمل بسبب مشاكل في سياسة الإدارة مما أدى إلى تأخر ظهور القناة عدة شهور، إلى أن احتوت الجماعة هذا الغضب نهاية العام الماضي 2014 وأعلنت عن تشكيل مكتب جديد لإدارة الأزمة عن طريق الانتخاب في أكثر 4 دول بهم تواجد إخواني مصري وهم تركيا، قطر، ماليزيا، والسودان.
لجنة إدارة الأزمة التي ستعاون مكتب الإرشاد أو هكذا يقال تتكون من 11 عضوًا، سبعة ينتخبهم الخارج و4 يُنتخبون من الداخل؛ السبعة أعضاء من الخارج أتت بهم الانتخابات التي جرت في الأشهر الماضية، وفق أعداد محددة حسب كثافة التواجد الإخواني المصري في كل دولة فأتت قطر في المقدمة بانتخاب ثلاثة أعضاء، ثم تركيا التي اُنتخِب منها عضوان وهي مقر إقامة هذه اللجنة، ثم ماليزيا بعضو واحد وكذلك السودان، بالإضافة لأربعة منتخبين من الداخل.
انتهى الإخوان من هذا الأمر في مطلع هذا العام ولم يُعلن الأمر إلا في هذه اللحظات، ليتم الإعلان عن مسؤول هذا المكتب وهو أحمد عبدالرحمن، مسؤول المكتب الإداري السابق لإخوان محافظة الفيوم، وأمين عام حزب الحرية والعدالة بالمحافظة، وعضو الهيئة العليا للحزب المنتخب في مجلس شورى 2012 المنحل عقب الانقلاب العسكري، الرجل يبذل جهدًا بين الإخوان في الخارج الآن، من حيث إقامة لقاءات تعريفية بدور اللجنة بين الإخوان في جميع الدول، ليزيل الآثار السلبية التي تركها المكتب السابق الذي عُرف بين الإخوان بأنه يعطي أمل زائف لأعضاء الجماعة، حيث جرت لقاءات عقب الانقلاب مباشرة في الخارج روج بها بعض قيادات التنظيم الدولي بأن أمر الانقلاب سينتهي بعد 6 أشهر، وعُرف هذا المكتب أكثر بين الشباب بالفشل في إدارة الأزمة طيلة العام ونصف العام الماضيين.
الجماعة تحاول الآن احتواء الغضب الشبابي بهذه الخطوة بتغيير وجوه الإدارة القديمة، لكن الأمر في هذا المكتب لم يختلف كثيرًا، فبالاطلاع على أسماء المكتب الجديد المشكل وجد أن جميعهم من الوجوه القديمة التي شاركت في صناعة الأزمة في مصر والأمر يعتبر جزء من سياسة التسكين لصف الجماعة.
مهام المكتب الجديد هي بالأساس محاولة إدارة الصراع مع الانقلاب في الداخل والخارج، إلا أن الجماعة تروج أن التنظيم في الداخل هو من يدير أمر الانقلاب، والحقيقة أن القرارات التنظيمة الهامة جميعها تأتي من الخارج، حيث إن صلابة التنظيم في الخارج أكثر قدرة على اتخاذ القرارات المصيرية والأمر يسير بصورة تنسيقية بين الخارج والداخل، إلا أن الغلبة للخارج كما يظهر في تشكيل المكتب الجديد الذي تكون من سبعة أعضاء من الخارج مقابل أربعة من الداخل.
أوكل لهذه اللجنة تفعيل دور أفراد الإخوان في الخارج المعطلة طاقاتهم، كما تعمل على إدارة الملف الدولي للجماعة بعد الانهيار الملاحظ لحلفاء الجماعة واحدًا تلو الآخر، ومناقشة أمور التسوية الإقليمية في ظل الأوضاع الإقليمية الجديدة، خاصة أمر إدارة حوار مع السعودية في الفترة القادمة، بالإضافة لدورها في إدارة الملفات التقليدية كملف حقوق الإنسان والفعاليات الخارجية المناهضة للانقلاب، وأضيفت لها مهمة اكتساب أنصار جدد للحراك المناهض للانقلاب من خارج الجاليات العربية والإسلامية في الغرب، عن طريق فتح مكاتب إقليمية للجماعة تحت ستار البرلمانيين القدامى في عدد من القارات لتكون ارتكازًا للنشاط الخارجي.
طالت حالة التغيير الملفات الساخنة أيضًا كملف الإعلام الذي تعاني منه الجماعة، فأوكل أمر إدارة القناة الجديدة مصر الآن إلى المهندس أسامة سليمان رجل الأعمال ومحافظ البحيرة الأسبق، بدلاً من رجل الأعمال أحمد عبده بعد ازدياد حدة المشاكل بين إدارة القناة والعاملين فيها مؤخرًا.
تقوم قيادات الجماعة بالخارج في الوقت الراهن بإجراء عملية تصحيح واسعة لمسار إدارة الصراع مع الانقلاب، تتضمن العملية إعادة هيكلة على المستوى التنظيمي واللوائح الداخلية المنظمة لعمل أعضائها، كما أن أبرز نتائج هذه العملية كانت إعفاء القيادي محمود حسين من العديد من مهامه.
وقد رأى بعض المحللين أن إقدام الجماعة على هذه الخطوة هو نتيجة ضغوط هائلة ممارسة عليهم في الداخل والخارج من قبل الأعضاء، وأنها خطوة جاءت للتنسيق بين الإدارة الداخلية والخارجية بحيث تتناغم وسط كل التغيرات الإقليمية التي تحتاج من الجماعة أداءًا غير تقليديًا، كما شكلت هذه الخطوة ضرورة لصف الإخوان في الخارج الذي بدأ في الاتساع، خاصة مع ازدياد حالة الخروج من مصر من قِبل الأعضاء المطاردين على ذمة قضايا، بالتزامن مع حالة السعارالأمني تجاه الجماعة وكل من ينتمي إليها، فكان لا بد من إيجاد تنظيم يجمعهم لترتيب وضعهم الحياتي في الخارج، الأمر الذي سيجعل لتنظيمات الإخوان المصريين في الخارج أدورًا سياسة أكبر في الأوقات المقبلة، وهو الأمر الذي كان محظورًا عليهم في السابق.
ومن جهة شباب الجماعة الذين سعوا لمثل هذه الخطوة أكد بعضهم أن التغيير أمر مرهون بالسلوك وليس بالأشخاص وأنه يجب إعطاء الفرصة لهذه اللجنة الجديدة لتقديم ما لديها وإلا أُعيد انتخاب غيرها في أقرب وقت ،إذا لم تستطيع تحقيق المطلوب منها خلال الفترة القادمة، مشيرين إلى أن الجماعة تمر بأصعب محنه فى تاريخها منذ نشأتها.