هل يمكن أن تُنظم تظاهرة ضد السعودية في القاهرة دون ضوء أخضر من السيسي؟

a1428308095

عشرات من حركة يسارية تُطلق على نفسها “البديل الثوري” تجمعوا أمام السفارة السعودية بالقاهرة يوم السبت الماضي، معلنين أن الهدف من تجمعهم هو إدانة التدخل العسكري السعودي في اليمن، يذكر أن هذه الحركة تساند الجنرال السيسي في جميع قراراته المتخذة منذ توليه الرئاسة، ولكن ما إن اتخذ السيسي قرار المشاركة في عاصفة الحزم حتى تجاهلت الحركة ذلك، وتجمعت أمام السفارة السعودية لترديد هتافات مسيئة لملك السعودية.

رفع المشاركون في التظاهرة لافتات مكتوب عليها عبارات مثل “اوقفوا العدوان البربري على اليمن” و”اللي بيضرب في صنعاء يضرب في الوراق”، ورددوا شعارات منها “يا سلمان صبرًا صبرًا، اليمني بكرا حيحفر قبرك”، وسط غياب لقوات الأمن وقوات فض الشغب التي تنتشر في ربوع القاهرة لاسيما في مناطق السفارات الهامة.

جانب من التظاهرة

فمنذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو والتظاهرات محظورة واستخدام هذه الآلية للاحتجاج تم منعها بواسطة قانون للتظاهر الذي اُعتقل على إثره آلاف من المعارضين للنظام من بينهم نشطاء يساريين يقبعون خلف أسوار السجون؛ ما أعطى صورة ذهنية عن التظاهرة بأنها على علاقة بأحد الأجهزة السيادية في الدولة أو أن النظام راضٍ عنها بشكل أو بآخر، حيث ترددت التساؤلات حول هذه التظاهرة التي من المفترض أنها تضر بمصالح النظام، فحينما تترك العشرات يقفون أمام سفارة حليفك الخليجي الأول وداعمك الاقتصادي ليسبوه جهارًا نهارًا، إذن للأمر دلالات وكلام لم يُقرأ بين السطور.

هناك ربما ضوء أخضر أعطي لمثل هذه الحركة اليسارية لتتحرك إلى موقع السفارة السعودية وتصل إلى هناك وترفع لافتاتها وتردد هتافاتها ويتم تصويرها، وتنهي هذه التظاهرة بسلام تام، ربما لأن رسالة ما مطلوب إيصالها للحليف السعودي، فلا يستطيع أحد أن يقول إن السلطات المصرية أعطت إذنًا قانونيًا أو تصريحًا لإقامة مثل هذه الفعالية وإلا وقعت في الحرج الأكبر مع السعودية، ولكن تستطيع السلطات المصرية أن تخبر قوات الأمن التي تجوب شوارع القاهرة الكبرى بأن يغضوا الطرف عن تواجد هؤلاء العشرات أمام سفارة السعودية، وتستطيع أيضًا أن تقنع دوريات الشرطة التي تجوب مناطق السفارات بأن هؤلاء ليسوا خطرًا على الأمن العام أو يقومون بمخالفة صريحة لقانون التظاهر الذي اعتقل بسببه رفقاء يساريون لهم.

الرسالة قد تكون في إطار ابتزاز الجانب السعودي بعد الخلافات الواضحة في الرؤى التي ظهرت مؤخرًا بين القاهرة والرياض بشأن فتح جبهات أخرى بجانب عاصفة الحزم وهذا ما ترفضه الرياض بشدة وتؤيده القاهرة والإمارات، حيث تريد الأخيرتان شن عاصفة أخرى في ليبيا واستكمال مشروع القضاء على الإخوان المسلمين في المنطقة وهو ما ترى الرياض أنه ليس بالأولوية وأن المهم الآن مواجهة النفوذ الإيراني الذي يهدد السعودية مباشرة، ويبدو أن هذا الأمر لا تعيره القاهرة اهتمامًا وإنما المشاركة في عاصفة الحزم قد تكون بروتوكولية أو حفظًا لماء الوجه ليس أكثر.

فيما أكد المتظاهرون اعتزامهم مواصلة الاحتجاجات ضد ما أسموه “العدوان العسكري على اليمن”، لم تكن هذه التظاهرة هي الأولى من ونوعها التي تحمل نفس المضمون ولم تعترضها السلطات، حيث نظمت نفس الحركة أمام نقابة الصحفيين تظاهرة آخرى منددة بعاصفة الحزم رفع خلالها المتظاهرون نفس اللافتات التي رفعوها أمام السفارة السعودية، كما وزعوا بيانًا على المارة يدينون فيه العدوان على اليمن عن طريق عاصفة الحزم بقيادة السعودية.

المقاطع المصورة من تظاهرة السفارة السعودية  تظهر رجل أمن بزي مدني يمسك بجهاز إرسال لاسلكي يقف لمشاهدة المتجمعين أمام السفارة دون أن يحرك ساكنًا، انتشرت صورة هذا الرجل على مواقع التواصل الاجتماعية بين السعوديين خاصة الذين علقوا على الأمر بأنه مدبر من قِبل السلطات المصرية وليس بأمر عفوي في ظل القبضة الأمنية للنظام المصري في الشارع وحصاره للتظاهرات.

فيما يرى متابعون سعوديون أن الصحف المصرية تهاجم عاصفة الحزم ضمن مسلسل رسائل مبعوثة إلى النظام السعودي لأنه من المعروف أن الصحف المصرية لا تنشر أخبارًا بعيدًا عن توجهات النظام.

هذا وأكد آخرون أن أمر ازدياد نبرة الهجوم على عاصفة الحزم يأتي في إطار حملة ابتزاز ممنهجة للسعودية لإجبارها على ضخ مزيد من الأموال في مصر مقابل مساندة مصر لعاصفة الحزم بعدما تدوال نشطاء أن العائد المادي لعاصفة الحزم غير مرضٍ للجنرالات في مصر فكان لازامًا توجيه رسائل إلى السعودية تفيد أن الدعم المصري لعاصفة الحزم ليس إلى ما لا نهاية.

كما أشار الإعلامي السعودي جمال خاشقجي المقرب من دوائر السلطة في المملكة في تغريدة له إلى أن هناك حلفاء للسعودية يبطنون غير ما يظهرون واصفًا إياهم بأنهم غير مريحين بالمرة، بينما أثنى على علاقة الجزائر بالسعودية التي تتسم بالصراحة وفسر بعض متابعيه أن الأمر متعلق بمصر وما تفعله بشأن ابتزاز الخليج في الفترة الأخيرة.

لا شك وأن مثل تلك الأفعال ربما توسع هوة الخلاف بين مصر والسعودية في الفترة المقبلة وربما يوقعها في حرج بالغ أو بالفعل هذه التصرفات غير المحسوبة قد أوقعت مصر بالفعل في حرج بعد الهجوم الإعلامي السعودي على هذه التظاهرة، حيث نُشر الخبر في صحف سعودية، حتى خرج الإعلام المصري ليحاول تهدئة الوضع ولن يجد مبررًا سوى الإخوان لإصلاق التهمة بهم، حيث اتهمت صحيفة اليوم السابع المصرية المعروفة بعلاقاتها بأجهزة أمنية في مصر “جماعة الإخوان” بمحاولة الوقيعة بين مصر والسعودية، عن طريق إرسال بعض عناصرها للتظاهر ضد الملك سلمان وسب المملكة ونسب المظاهرة لأنصار السيسي من أجل الايقاع بين مصر والسعودية وإفساد العلاقات القوية بينهما.