في ليلة بدت مألوفة كثيرًا قامت جماعة الحوثي – المستولية على السلطة المحلية في العاصمة صنعاء – بحل حزب الإصلاح (المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين) وقامت باقتحام 26 بيتًا من بيوت قادتهم واختطاف من فيها من الرجال، بالإضافة إلى 300 آخرون في اقتحامات أخرى على 17 مقرًا تابعًا لهم و33 منظمة مجتمع مدني و7 سكنات طلابية.
بدأت حملة الاعتقالات التي تلت قرار حل الحزب بعد بيان الإصلاح؛ الذي أعلن فيه تأييده لعاصفة الحزم في خطوة وصفتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) بأنها إظهار للخيانة والحقد على الوطن، الأمر الذي أدى إلى استحقاقهم لما سوف يجري لهم فيما بعد، حسب تعبيره.
وكانت جماعة الحوثي قد دعت إلى وقفة احتجاجية لرفض عاصفة الحزم ولكنها غيرت العنوان بصيغة ركيكة فيما بعد إلى: “وقفة احتجاجية تنديدًا واستنكارًا للجريمة النكراء التي أقدم عليها قيادات حزب الإصلاح، والمتمثلة في مباركة قتل الشعب اليمني وتأييد العدوان السعودي المدعوم من أمريكا وإسرائيل ضد أبنائه”.
حزب الإصلاح الذي يضم قاعدة جماهيرية توصف بالأكبر محليًا، حيث يضم الآلاف من كل التخصصات فلديه من الأطباء والمهندسين والأساتذة الجامعيين وحملة الماجستير والدكتوراة، ما قد يتفوق به على جميع التنظيمات الموجودة على الساحة اليمنية، شباب الإصلاح وهم الفئة الأكثر وجودًا وفاعلية في أنشطة الإصلاح، بدا البعض منهم مستاء من تصرفات قيادتهم إزاء عدم الوقوف بحزم ضد الحوثيين وضد سياسة الرئيس عبد ربه منصور هادي حيث جاءت ضعيفة ومترددة إزاء أفعالهما، القيادة ذاتها اعتمدت منذ فترة على سياسة البقاء على نار هادئة فلا كانت تصرح بعدوان مماثل إزاء ما تتلقى، ولا ردت على العدوان الذي تعرضت له، ولا وقفت بصمت جراء ما يحدث للحوثيين من أفعال القاعدة أو الهجمات الأخرى، بل كانت تندد بما يجري لهم من اعتداءات تطال قياداتهم أو أفرادهم أو ممتلكاتهم من اغتيال أو تفجير أو اعتداء.
سياسة اعتبرها البعض ضعف والبعض دهاء وآخرون اكتفوا بتجريم الإصلاح على كل أفعاله مهما كانت كما هي العادة الممارسة ضد حزب الإصلاح، كان الإصلاح يقوم بكل شيء ليثبت للعالم أنه مع الشرعية الحقة التي انتخبها الشعب وأنه ليس الطرف الذي يريد تدمير البلاد أو الذهاب بها نحو الماضي، فمارس كل شيء ممكن ليثبت ذلك، خصوصًا وأن هناك من لوح أن إشارة البند السابع كانت الوسيلة الرسمية لمعاقبة حزب الإصلاح إذا أبدى أي نية لخوض حرب أو رد عدوان أو حتى تمادى في بياناته.
الحوثيون هم مليشيات مسلحة وناطقون رسميون وزعيم يظهر بين الحين والآخر هذا فقط، والإصلاح حزب سياسي منذ 25 عامًا مليء بالتجارب، فهو المشارك في السلطة لفترة والمعارض لها لفترة أخرى، وهو أبرز من شاركوا في ثورة 2011 ضد صالح ولا يدري أحد ما في جعبة هذا الحزب، أما الآن وقد حل الحزب فهل هي أداة أخرى لجعله يشارك في خضم الحرب الدائرة بين الحوثيين وتحالفهم مع صالح، ضد قوى ليست حتى مسلحة، كأبناء عدن وإب وقبائل أخرى يبدو سلاحها ضعيف، مقابل تلك التي نهبت بيد الحوثيين كقبائل بيحان والبيضاء؟! وهل يدركون بذلك أن الإصلاح لو شارك لن يكون له اسم رسمي فهو الآن حزب تم حله وشبابه لم ينس بعد ما حل بمن كانوا معهم يوم أن دخل الحوثيون صنعاء وعمران؟! هل يسعى الحوثيين لبداية حرب رسمية بينهم وبين الإصلاحيين أم أن ما جرى مجرد استعراض لقدرتهم على التحكم بقرارات هذه البلاد!!
وهل يدركون أن ضحايا الرصاص الراجع من مضادات طائراتهم التي لا تصل لطائرات العاصفة – لأنها مضادات قديمة وطائرات التحالف كلها حديثة – بات يقترب من ضحايا العاصفة؟
تحمل لنا الأيام في جعبتها الكثير من الأحداث وآمل أنها لا تحمل الكثير من الدم أيضًا.