ساد الظلام العديد من مناطق وسط مدينة العاصمة الأمريكية واشنطن، أمس الثلاثاء، بعد انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي؛ ما أغرق العديد من المباني في ظلام دامس، في مقدمتها البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي ووزارة الخارجية، إضافة إلى محطات قطارات المترو.
اضطرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماري هارف، إلى قطع موجزها الصحفي اليومي، بسبب هذا الانقطاع في التيار الكهربائي، وكان الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض جوش أرنيست قد أشار في تصريحات أدلى بها في وقت سابق، إلى أن انقطاع الكهرباء قد أثر بالفعل على البيت الأبيض ولكن بشكل طفيف ولمدة قصيرة.
فيما أفادت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، في بيان أولي لها بهذا الشأن، أن انقطاع التيار الذي حدث في الساعة الواحدة ظهرًا بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة، ليس له أية علاقة بهجوم إرهابي أو ما شابه، إلى أن عادت الوزارة وأشارت في بيان آخر لها أن انفجارًا مجهول المصدر حتى الآن وقع في محطة كهربائية في ولاية “ماري لاند” القريبة من واشنطن، تسبب في انقطاع التيار عن أجزاء كبيرة في العاصمة واشنطن.
هذا وقامت شركة “بيبكو” المسؤولة عن إمداد خطوط الكهرباء في واشنطن بإرسال طواقمها من أجل سرعة إصلاح الأعطال التي أدت إلى انقطاع التيار، كما أشارت الشركة أن 2400 مبنى تأثروا بانقطاع هذا التيار ما تسبب في خسائر كبيرة لهم، بينما قالت الشركة إنها مازالت تحقق في الواقعة ولن تركن إلى تفسير أمر الانفجار الذي أعلنت عنه وزارة الأمن الداخلي الأمريكية.
حيث قالت الشركة في تغريدة لها على مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “نحن نحقق حاليًا في السبب، وسنوفر مزيدًا من التفاصيل فور حصولنا على معلومات”.
لم يكن هذا الحادث الوحيد الذي ألم بواشنطن في هذه الأيام، حيث كشف مسؤولون أمريكيون عن نجاح مجموعة من القراصنة الروس في الوصول إلى أجزاء حساسة من أنظمة كمبيوتر داخل البيت الأبيض، ونقلت شبكة “سي. إن. إن” الأمريكية عمن وصفتهم بمسؤولين مطلعين، أمس الثلاثاء، قولهم: إن المتسللين أقدموا على هذه الخطوة بعد أن كانوا قد اخترقوا أنظمة معلومات خاصة بوزارة الخارجية.
هذا الاختراق ليس الأول من نوعه في البيت الأبيض، حيث يذكر أن شبكة بالبيت الأبيض تعرضت للاختراق من قِبل قراصنة في أكتوبر الماضي، وهي شبكة حاسوب غير سرية يستخدمها موظفو المكتب التنفيذي الخاص بالرئيس الأمريكي.
التحقيقات الأولية كشفت أنه تم توجيه رسائل القرصنة من خلال أجهزة كمبيوتر في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما يفعل القراصنة ذلك لإخفاء آثارهم، لكن وجد المحققون رموزًا وعلامات أخرى، اعتقدو بأن للقراصنة صلة بالحكومة الروسية، ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي التعليق وقتها على هذه الأنباء بشكل مفصل.
حيث أفاد مارك سترو، أحد الناطقين باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أن هذه الأنباء ليست جديدة وأنه حدث اختراق العام الماضي لبعض الحواسيب التي لا تحتوي على معلومات سرية وأن هذا الخبر ورد في الإعلام في تلك الفترة، وأشار سترو أنهم يولون أهمية بالغة لمثل هذه الأعمال التهديدية وأكد: “كما قلنا العام الماضي، فإننا نتخذ التدابير اللازمة بسرعة لتفادي مثل هذه الاختراقات”.
هذا وقد أكد مسؤولون أمريكيون لشبكة “سي.إن.إن” أن هذا الاختراق أصاب أنظمة “غير مصنفة ضمن دائرة السرية”، ولكنها في الوقت نفسه تحتوي على معلومات توصف بأنها “حساسة” أمنيًا، مثل برنامج تحركات الرئيس باراك أوباما غير العلنية وهو أمر لا شك جد خطير.
يبدو أن الولايات المتحدة لم تأخذ العبر بعد من الدروس التي تعلمتها في السابق من الهجمات الإلكترونية عليها في عام 2014، خاصة بعد عملية القرصنة الشهيرة التي تمت على شركة “سوني” والتسريبات التي تبعتها، هذا بالإضافة إلى اختراق وزارة الخارجية الأمريكية وحسابات متعلقة بالجيش الأمريكي، فضلاً عن نشر تهديدات للرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد قرصنة حساب “نيوزويك” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بينما في كل مرة تتعهد الإدارة الأمريكية بالرد واتخاذ اللازم وهو ما لا يتم.
يأتي هذا الهجوم بعد الإعلان منذ أيام عن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بفرض عقوبات على قراصنة الإنترنت الأمريكيين والأجانب، بشكل يتيح للحكومة الأمريكية تجميد أرصدة الأشخاص المتورطين في هجمات إلكترونية على أهداف أمريكية.
وبموضوع ذي صلة في مارس الماضي فإن مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي قد فتح تحقيقات في عمليات قرصنة لمواقع إلكترونية من قبل ما سمي “جيش الخلافة الإلكتروني” الذي يعتقد بانتمائه لتنظيم الدولة، ومن بين هذه المواقع، واحدًا لسباق السيارات في ولاية أوهايو، ومركز غودويل في ميزوري وكنيسة في كندا، كما سُجلت هجمات مماثلة على مواقع أخرى غير معروفة في ولايات مونتانا ونيويورك وماساتشوستس ومينيسوتا، وهو ما أثار قلق بالغ في الإدارة الأمريكية.
حيث أقدم أيضًا ما يسمى بـ “جيش الخلافة الإلكترونية” على اختراق عدد من حسابات مواقع التواصل الاجتماعي في السابق أيضًا، كان من بينها حسابات تابعة للجيش الأمريكي وحساب “نيوزويك” على “تويتر”، الذي نُشرت عليه تهديدات لعائلة الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ربما يقول البعض إن الأمريكيين يتعاملون بسذاجة في هذا الصدد، حيث طلب مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، في كلمة ألقاها في شهر يناير الماضي، من المسؤولين الحكوميين وشركات القطاع الخاص أن يقوموا بتعليم الموظفين مهارات اكتشاف الاختراقات والحيل المزيفة، حيث قال: في مرات كثيرة، استطاع الصينيون وغيرهم الحصول على معلومات من أنظمتنا فقط عن طريق التظاهر بأنهم شخص آخر، ومن ثم طلب الدخول ليقوم موظف ما بإعطائهم المعلومات بكل سهولة.
يشتكي الأمريكيون من صعوبة المواجهة فيما يعرف بالهجمات السيبرانية، فتشكيل رادع في منظومة هذه الحرب الإلكترونية هو من الصعوبة بمكان لأن ليس بها ثوابت أو قوى تقليدية كالحروب العادية التي تصنع فيها الطائرة والصاروخ المضاد لها في آن واحد، فالأمر غير متحكم به بالمرة وإمكانية إيجاد الثغرات متاحة للجميع لذلك تلجأ الولايات المتحدة قدر المستطاع لأنظمة أمن المعلومات للتصدي لقضايا التجسس والاختراقات المختلفة لكن الأمر به صعوبة إيجاد التأمين الكامل 100%، وهذه الأمور المتكررة تؤكد أن الولايات المتحدة ستخوض حربًا وشيكة ولكن هذه المرة لن تكون على الأرض ولكنها حرب على شبكات إلكترونية وفضائية.