ما إن تُذكر إيران بسوء أو انتقاد أمام أحد الشيعة العرب حتى ينبري للدفاع عنها دونما تفكير في أنها على حق أم لا، ولا ينفك ذلك بحال من الأحوال عن كون دفاعه عن إيران هو دفاع عن دولة الولي الفقيه، فإيران ومنذ الثورة الإسلامية تدعم فكرة دولة الولي الفقيه وتسعى لترويج تلك الفكرة من باب تصدير الثورة لتشعل الفتنة بين السنة والشيعة في المنطقة، فهي المستفيد الأكبر من هذا التجييش الطائفي في المنطقة؛ فأهل السنة والجماعة هم الأكثرية ولا يحتاجون إلى الحشد والدعم والتكاتف بالقدر الذي تحتاجه إيران من الشيعة في العالم وخصوصًا الشيعة في المنطقة العربية والشرق الأوسط عمومًا.
لقد سعت إيران لتغليف الخلاف السياسي بين الدول العربية والدولة الفارسية بغلاف عقائدي ديني؛ فتحول الأمر من صراع نفوذ بين الدول إلى صراع سنة وشيعة، قبل الثورة الإسلامية في إيران كان الشاه لا يدعي ولاية الفقيه ولا الدين، كان شيعيًا علمانيًا يتوارث الملك، أما إيران بعد الثورة فوظفت الدين في إحكام سلطتها وقبضتها داخليًا وتوسيع نفوذها خارجيًا، وتحولت إلى دولة أكثر شدة ودموية، واستغلالًا للتشيع، ومارست إيران الثورة براغماتية سياسية فاستغلت الشعارات لتحقيق المصالح، فهي أولًا وأخيرًا سياسة فارسية.
وللأسف فإن غالبية الشيعة العرب انطلت عليهم هذه الدعوات الطائفية الإيرانية فأصبحوا رهينة بيد إيران تحركهم كيفما شاءت في المنطقة لمصالحها وضد مصالح أوطانهم الأصلية، مغلفة لهم احتقارها وعنصريتها الشديدة للعرب بلباس الطائفة الشيعية، وتناسى هؤلاء أن إيران مهما طغت فإنها إلى زوال كمازالت مملكة فارس من قبل أو على الأقل إلى انحسار في النفوذ لتعود إيران إلى حجمها الطبيعي، وسيبقى هؤلاء مواطنون في دول فيها غالبية سنية وليس في صالحهم مناصبة العداء للسنة بشكل فج وواضح على الشكل الموجود حاليًا.
إن الأثر الذي ستتركه ممارسات إيران وحلفائها في الشعوب العربية وخصوصًا سوريا والعراق والخليج أثر عميق ومؤلم، ولن تنساه الشعوب بسهولة، وللأسف طالما أن الشيعة العرب يؤيدون هذه الممارسات الإيرانية بحق العرب السنة في سوريا والعراق فإنهم وأبناءهم ولأجيال طويلة سيتحملون ذلك الإرث الثقيل.
على الشيعة العرب أن يدركوا أن إيران تمتطي التشييع كحصان طروادة تدخل به إلى المنطقة العربية، وليس من المقبول أن يحول الشيعة العرب أنفسهم إلى جاليات فارسية في الدول العربية التي عاش فيها أجدادهم وسيعيش فيها أبناؤهم وأحفادهم من بعدهم.