قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إنه بعد أربع سنوات من الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، تستعد مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية “الخامسة” لإنشاء فرقة للعمليات الخاصة متعددة الجنسيات في الأردن، وذلك لتدريب وتجهيز قوات “المتمردين” السوريين التي تراها الولايات المتحدة معتدلة – وهو ما يعني غير المتحالفة مع أي من الدولة الإسلامية ولا لتنظيم القاعدة المحلي، ولا جبهة النصرة.
وذكرت المجلة في تقرير خاص نشرته أن مجموعة القوات الخاصة التي أطاحت بحركة طالبان من أفغانستان في عام 2001 تستعد الآن للانتشار في الأردن لتدريب معارضين سوريين لمحاربة الدولة الإسلامية، ولكن هناك مخاوف كثيرة لدى معظم العسكريين الأمريكيين وخصوصًا النخبة منهم، أن تكون تلك الجهود “قليلة ومتأخرة جدًا”.
لكن المجلة ذكرت أن هناك تحديات كثيرة محتملة ستواجه هذا الاقتراح، ومنها إيجاد وفحص “المتمردين المعتدلين” الذين سيحدثون فرقًا بالفعل في الساحة، واحتماليه حدوث تعارض مع وكالة الاستخبارات الأمريكية والتي تعمل على برامج تدريبية قائمة بالفعل في الأردن لمجموعات من المتمردين، ترفض إدارة أوباما السماح لهذه القوات أن تقاتل بجانب المتمردين الذين يدربونهم.
غطاء عربي للقتال عن الأمريكيين
وبحسب المجلة فإن المخاطر كبيرة جدًا بالنسبة لواشنطن وحلفائها من هذا المشروع، حيث تعهدت إدارة أوباما علنًا بالحفاظ على القوات الأمريكية من الوقوف في خط النار الأول في الحملة ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وهي بحاجة لغطاء عربي بدلًا عن ذلك، لأن جزء من ذلك يرجع إلى تحول الرأي العالم الأمريكي في السنوات الأخيرة، إلى معارضة أي وفيات زيادة تحدث في جانب القوات الأمريكية في الصراعات الخارجية.
ويأمل البيت الأبيض أن يقوم بعض أفراد النخبة من العسكريين الأمريكيين في إعادة القوة إلى الجيش العراقي المهمش، وتدريب الميليشيات من القبائل والعشائر لقتال الدولة الإسلامية، وفي الوقت نفسه القيام بتدريب وتجهيز المتمردين السوريين لمواجهة الدولة الإسلامية، لأن الفشل في أي من المكانين سيشجع أعداء الولايات المتحدة عليها، مثل إيران ونظام بشار الأسد والدولة الإسلامية وجبهة النصرة؛ مما سيؤدي إلى كسر هيبة الولايات المتحدة بطريقة خطيرة، بحسب المجلة.
وتضيف المجلة أن الحظر المفروض على المدربين الأمريكيين من السماح لهم بدخول سوريا، هو أحد سياسات أوباما التي تعرقل جهود قوات العمليات الخاصة، ومع ذلك فإن نجاح الولايات المتحدة في تقليص تواجد الدولة الإسلامية كان له تأثيرًا كبيرًا على زيادة المطالب بتقليص التواجد على الأراضي الأردنية والعراقية.
لايزال الجيش الأمريكي بانتظار التصاريح الرسمية لكي يقوم بنشر تشكيلات كبيرة من قوات العمليات الخاصة على الأرض، وقد علق جنرال من القوات الخاصة على ذلك قائلاً “إن كل شيء يرجع إلى السياسة الوطنية، ولكن هناك إحباطات كثيرة في ذلك”.
وهناك مخاطرة حقيقية أخرى من الممكن أن تحدث، وهي أن يجد أفراد القوات الخاصة أنفسهم في حالة صراع مع وكالة الاستخبارات الأمريكية في مسألة الحصول على المتمردين المعتدلين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن وكالة المخابرات الأمريكية تقوم بالفعل بتدريب المتمردين السوريين بالأردن منذ فترة.
وقد صرح عقيد في القوات الخاصة الذي يتابع المسألة من واشنطن قائلاً “إن الذي نواجهه هو مشكلة كبيرة جدًا بحجم المشاكل الصناعية، وتحتاج إلى حل على نفس المستوى”.
الفرقة الخامسة ستقود عمليات الدول المشتركة
على الأرض سيتم إسناد مهمة التدريب إلى الكولونيل جون برينان، قائد الفرقة الخامسة من القوات الخاصة الأمريكية، والذي كان يعمل سابقًا في مجموعة “دلتا” العسكرية الشهيرة.
برينان سيكون القائد للعمليات المشتركة بالأردن خلال الشهور المقبلة، إلى جانب مهمة تدريب المتمردين السوريين، وكلمة “مشتركة” هنا تشير إلى جميع الدول المشتركة وعلى رأسها الأردن، حيث يهدف الجيش الأمريكي إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الشركاء المحليين، وأضاف الكولونيل قائلاً “لو أننا نقلنا مكان العمليات إلى الشرق فإننا بذلك لا نسدي أي خدمة للنظام الملكي الأردني، نريد وجهًا عربيًا لما يحدث”.
وبخلاف الحاجة إلى الحفاظ على أكبر قدر من التواجد العربي في الجهود التدريبية، فإن تلك المهمة تعتبر عامل آخر يقود الولايات المتحدة الأمريكية إلى الالتزام نحو الأردن، وقد صرح الكولونيل المسؤول عن العمليات التدريبية بأن الجهود والتدريبات في المنطقة ستكون طويلة المدى.
5000 متدرب سوري كل 90 يومًا
في التدريبات سيكون هناك على الأقل 200 جندي من القوات الخاصة بالبلاد، قادرين على تدريب 7000 فرد في وقت واحد، ولكن العدد الحقيقي المتوقع سيكون أقل بكثير، وقد صرح مسؤول بالعمليات الخاصة “إن استطاع المدربون العمل على تدريب 5000 سوري كل 90 يومًا، فإن ذلك سيكون إنجازًا باهرًا، ولكن لا أعتقد أن الأرقام الحقيقية التي سيتم الوصول لها ستكون قريبة من ذلك”.
ويرجح النخبة العسكرية الأمريكية أن النموذج الذي سينجح هنا هو إعادة استخدام النموذج الذي تم استخدامه في أفغانستان بنهاية عام 2011، ولكنهم يشككون في إمكانية سماح إدارة أوباما بأي تدخل عسكري مباشر للقوات الأمريكية؛ مما يجعل الأمر محبطًا بالنسبة للقادة العسكريين.
قيادة أمريكية غير موحّدة في المنطقة
الجيش الأمريكي لديه مجموعة من الخطط والعمليات الخاصة، إما متواجدة بالفعل في المنطقة أو تستعد للانتشار، مثل العملية التي تمت في الأردن بالاشتراك مع القوات الأمريكية والتي أطلق عليها اسم “فونيكس”، والتي تهدف إلى تتبع تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق، ولكن كل ذلك في انتظار موافقة الحكومة الأمريكية العليا.
وتقول المجلة إنه على الرغم من أن هدف القوات الأمريكية المتواجدة في كل من العراق والأردن وسوريا واحد، إلا أنهم لا يتشاركون نفس القيادة كما حدث في النموذج الأفغانستاني، ونظرًا لاختلاف التقارير والعملاء غير المعروفين بتلك المنطقة، فقد سميت القوات المتواجدة بالمنطقة باسم “مسرح العمليات والقوات الخاصة”، وقد صرح عقيد متقاعد من النخبة العسكرية الأمريكية بأن العدو – الدولة الإسلامية – قد استطاع توحيد جهوده وقيادته، في الوقت الذي لم نستطع نحن الأمريكيون فعل ذلك”.
المصدر: أردن الإخبارية