من المنتظر أن تصدر محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة ،حكمها فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ”بغرفة عمليات رابعة”، المتهم فيها 51 شخصًا بين معتقل حاضر ومتهمين خارج مصر.
تضم قائمة المتهمين فى تلك القضية البالغ عددهم 51، أبرزهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ومحمود غزلان عضو مكتب الإرشاد بالجماعة والمتحدث الرسمي السابق للجماعة، وحسام أبو بكر الصديق عضو مكتب الإرشاد، وسعد الحسيني محافظ كفر الشيخ والقيادي بحزب الحرية والعدالة، ومصطفى الغنيمي عضو مكتب الإرشاد، ووليد عبد الرؤوف شلبي المستشار الإعلامي لمكتب الإرشاد، وصلاح سلطان الداعية الإسلامي، وعمر حسن مالك نجل القيادي حسن مالك، وسعد عمارة قيادي بالجماعة، ومحمد المحمدي، وكارم محمود.
وكذلك أحمد عارف المتحدث باسم الجماعة، وجمال اليماني، وأحمد علي عباس، وجهاد الحداد متحدث باسم الجماعة، وأحمد أبو بركة محامي وقيادي بحزب الحرية والعدالة، و الصحفي أحمد سبيع، وخالد محمد حمزة عباس، ومجدي عبد اللطيف حمودة، وعمرو السيد، ومسعد حسين، وعبده مصطفى حسيني، وسعد خيرت الشاطر نجل القيادي خيرت الشاطر، وعاطف أبو العبد، وسمير محمد، ومحمد صلاح الدين سلطان نجل الداعية صلاح سلطان، وسامح مصطفى أحمد، والصحفىي هانى صلاح الدين بالإضافة إلى سامحي مصطفى وعبدالله الفخراني (اثنين من مؤسسي شبكة رصد الإخبارية) وآخرين.
النيابة وجهت إلى المتهمين اتهامات عدة تتعلق بإعداد غرفة عمليات لتوجيه تحركات تنظيم الإخوان أثناء اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، بهدف مواجهة الدولة وإشاعة الفوضى فى البلاد أثناء وعقب فض الاعتصامين، كما اتهمتهم أيضًا بالتخطيط لاقتحام وحرق أقسام الشرطة والممتلكات الخاصة والكنائس.
القضية برمتها قائمة على تحريات فقط أجراها ضابط برتبة رائد يدعى محمد مصطفى من قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية المصرية، التحريات عبارة عن شهادات وتقارير غير معلومة المصدر ليس بها أي درجة من الجدية التي تضعها في موضوع اعتبار قانوني وتنبئ عن خصومة سياسية مع جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، كما أن هذه التحريات تعد تحريات عن جريمة مستقبلية لم تقع وتناقض مجرى ما حدث، حيث كيف تنبئ الضابط في تحرياته بوقائع حدثت بالأساس بعد فض الاعتصامات، ما يدل أن هذه التحريات ليست بتاريخ الاعتصام وإقامته وإنما كتبت بعد القبض على المتهمين للزج بهم في اتهامات بعينها وقعت بعد أحداث الفض.
كما أكد الدفاع في القضية أن جميع قرارات النيابة بضبط وإحضار المتهمين يشوبها البطلان، كذلك استجواب المتهمين وعدم عرضهم على النيابة العام خلال أربع وعشرين ساعة أمر يدفع ببطلان هذه الاتهامات حيث تم استجوابهم بغير حضور محامٍ، كما أن المتهمين لم يتم القبض عليهم أثناء الاعتصام وكل معتقل منهم تم القبض عليه في محل مختلف ليتم ضمه إلى هذه القضية دون دليل حقيقي على اشتراكه فيما نُسب إليهم من تهم فضفاضه كالاشتراك في محاولة قلب دستور البلاد الذي عُلق العمل به بالأساس من قبل عبدالفتاح السيسي في الثالث من يوليو.
وكذلك الاشتراك في تخريب المؤسسات العامة ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وحيازة هواتف ثريا وأجهزة بث ومجموعة من التهم المعلبة من قبل السلطات المصرية لتحميل مسؤولياتها كاملة لجماعة الإخوان المسلمين وقيادتها في القضية بعد أن حظرتها الحكومة وأنشطتها فيما بعد واعتبرتها إرهابية، ما يوضح خط سير القضية وكيف أصبحت قضية من قضايا تصفية الخصومة السياسية بين الحكومة وقيادات جماعة الإخوان.
المحكمة التي تنظر اللقضية برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة المعروف بين المعارضة بقاضي الإعدامات أصدر حكمًا مفاجئًا أذهل الجميع في جلسة لم تكن للنطق بالحكم بعد مشاداة حصلت مع هيئة الدفاع ليخرج إليهم بعد استراحة ليحكم بإحالة أوراق 14 قياديًا بجماعة الإخوان إلى المفتى، في مقدمتهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، حيث جائت قائمة المحالين للمفتي بالقضية يتقدمها محمد بديع ومحمود عزلان وحسام أبو بكر ومصطفى الغنيمي وسعد الحسيني وعبد الرؤوف محمود شلبي وصلاح سلطان وعمر حسن مالك عز الدين وسعد عمارة ومحمد المحمدي وفتحى محمد إبراهيم وصلاح بلال،و محمد شهاب الدين ومحمود البربري وعبد الرحيم محمد عبد الرحيم، فيما قررت المحكمة تحديد جلسة 11 إبريل للنطق بالحكم النهائي.
القضية نموذجًا فريدًا لتصفية حسابات السلطة مع معارضيها بعد انقلاب الثالث من يوليو الذي قاده الجنرال عبدالفتاح السيسي حيث ضمت أبرز قيادات الجماعة بل ولم تكتف السلطات بذلك بل ضمت إلى القضية أبناء قيادات بالجماعة غير معروف انتمائهم لجماعة الإخوان من الأساس كل ذلك إمعانًا في التنكيل بهم.
أبرز هؤلاء محمد سلطان المعتقل على ذمة القضية وهو نجل الداعية الإسلامي عضو جماعة الإخوان المسلمين صلاح سلطان المعتقل على ذمة نفس القضية قضايا آخرى، يحمل محمد الجنسية الأمريكية ويعيش في الولايات المتحدة منذ فترة وغير معروف اشتغاله بالسياسة في مصر لكن رغم كل ذلك تم إلقاء القبض عليه وتوجيه له تهمًا بالانتماء لجماعة الإخوان وغيرها.
أضرب محمد عن الطعام لأكثر من عام كامل احتجاجًا على احتجازه على خلفية تهم ملفقة نظرًا لنشاط والده السياسي ليصبح صاحب أطول إضراب عن الطعام في التاريخ، ما أثر بشدة على صحته وعرضه للموت أكثر من مرة في ظل إهمال طبي من إدارة السجون، حتى وصل الحال بوالده أن يطالب المحكمة بالإفراج عن ولده حتى لا يموت وأن يقضي الأحكام بدلًا منه، فيما رفضت السلطات المصرية كافت المطالبات الحقوقية الدولية بالإفراج عنه حتى هذه اللحظة.
عمر حسن مالك نجل القيادي بجماعة الإخوان ورجل الأعمال حسن مالك حُكم عليه بالإعدام في هذه القضية رغم صغر سنه وعدم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين فعليًا، كما أن القبض عليه تم في أحد فنادق القاهرة بعيدًا عن كل ما نُسب إليه في التحريات، لكن ذلك لم يمنع السلطات من الحكم عليه بالإعدام لمجرد أن اسمه يتبعه اسم حسن مالك.
واستمرارًا في عملية تصفية الحسابات مع الكيانات المعارضة للسلطة الحالية، فإن من بين المتهمين في القضية عضوين بمجلس إدارة شبكة رصد الإخبارية المعارضة للنظام الحالي والتي كان لها دور في التغطية الإعلامية لاعتصامي رابعة والنهضة، حيث يقبع سامحي مصطفى وعبدالله الفخراني داخل السجن على ذمة القضية دون وجود أي دلائل على اشتراكهم في إدارة الاعتصام أو غيره، كما أن عمرو فراج مدير العلاقات العامة بالشبكة يُحاكم غيابيًا في نفس القضية كل ذلك لدور الشبكة في تغطية الاعتصام إعلاميًا وهو ما تريد السلطة معاقبة المتهمين عليه.
القضية برمتها ليس لها أي أساس قانوني وكل إجراءاتها يشوبها العوار، لكن السلطات في مصر مستمرة في نهجها حيث قررت أن تُعاقب معارضيها بالقضاء الذي أصبح أحد أذرعة الدولة في التنكيل بهم، خاصةً وأن الجو العام والمزاج الشعبي لن يغضب كثيرًا أو يثور لا سيما وإن كان المنكل بهم يلصق بجوار أسمائهم كلمة “الإخوان المسلمين” التي تجعل الأمر مجرد استباحة لحقوق من جاء اسمه قبل أو بعد هذه الكلمة.
حكم الإعدام في القضية وصف من قبل هيئة الدفاع في القضية بأنه فرقعة إعلامية ليس إلا، حيث صرح قال المحامي أحمد حلمي، عضو هيئة الدفاع عن متهمي القضية: إن حكم محكمة الجنايات بإحالة أوراق 14 إلى المفتي سيتم النقض عليه، واصفًا إياه بأنه مجرد فرقعة إعلامية، مضيفًا أن هيئة الدفاع لديها ما يلغي هذا القرار، ليصبح مصير المتهمين في القضية معلق لدى مزاج السلطة الحالية وتوازناتها السياسية، فالأمر لم يصبح قانون واتهام ودفاع وتحقيقات بقدر ما يخضع لإملاءات القيادة السياسية، ليعبر المشهد الحالي في هذه المحاكمة وغيرها من المحاكمات عن سلطة تنتقم من معارضيها.