نابلس إحدى أكبر المدن الفلسطينية سكانًا وأهمها موقعًا، هي عاصمة فلسطين الاقتصادية ومقر أكبر الجامعات الفلسطينية، تعتبر نابلس عاصمة شمال الضفة الغربية إضافة إلى كونها مركزًا لمحافظة نابلس التي تضم 56 قرية ويُقدر عدد سكانها بقرابة 321.000 نسمة حسب إحصاءات عام 2007، تُعرف أيضًا بأسماء جبل النار ودمشق الصغرى وعش العلماء وملكة فلسطين غير المتوجة.
خضعت نابلس لحكم العديد من الأباطرة الرومان على مدى 2.000 سنة، وفي القرنين الخامس والسادس للميلاد أدّى نزاع بين سكان المدينة من السامريين والمسيحيين إلى بروز عدد من الانتفاضات السامرية ضد الحكم البيزنطي، قبل أن تقوم الإمبراطورية بإخماد ثوراتهم هذه بعنف، مما أدى لاضمحلال عددهم في المدينة، فتح العرب المسلمون، في زمن خلافة أبي بكر الصديق، هذه المدينة وباقي فلسطين وبلاد الشام، وفي هذا العهد عُرّب اسمها ليصبح نابلس بدلًا من نيابوليس، وازداد عدد المسلمين من سكانها وأخذت البعض من كنائسها ومعابدها السامرية تتحول إلى مساجد شيئًا فشيء، سقطت نابلس تحت الحكم الصليبي عام 1099 قبل أن تعود لحكم المسلمين الأيوبيين والمماليك بعدهم، أصبحت نابلس عاصمة سنجق نابلس في العهد العثماني، وكانت في هذه الفترة سنجقًا تابعًا لإيالة دمشق ثم لإيالة صيدا (التي خلفت إيالة عكا وأجزاء من إيالة دمشق) وأخيرًا ولاية بيروت في آخر تقسيم إداري عثماني، خضعت المدينة للحكم المصري الذي دام تسع سنوات في بلاد الشام، في العقد الرابع من القرن التاسع عشر، قبل أن تعود إلى الحكم العثماني، احتلها البريطانيون عندما انهزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وخضعت فلسطين للانتداب البريطاني، سقطت نابلس تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 حين سقطت الضفة الغربية بأكملها. تُشتهر المدينة بصناعة الصابون القديمة، وبالكنافة النابلسية، التي تعتبر من أشهر الحلويات الشرقية في بلاد الشام، بالإضافة إلى بعض المنتجات الزراعية مثل الزعتر النابلسي والجبن النابلسي.
الموقع الجغرافي
إذا كانت فلسطين قلب الوطن العربي لربطها شماله بجنوبه وشرقه بغربه، فإن نابلس هي قلب فلسطين لربطها شمالها بجنوبها وشرقها بغربها، كانت المدينة مركزًا للواء نابلس في الضفة الغربية بعد عام 1948، وتحولت في منتصف الستينات مركزًا لمحافظة نابلس، تتمتع بموقع جغرافي هام فهي تتوسط إقليم المرتفعات الجبلية الفلسطينية وجبال نابلس، وتعد حلقة في سلسلة المدن الجبلية من الشمال إلى الجنوب وتقع على مفترق الطرق الرئيسية التي تمتد من الناصرة وجنين شمالًا حتى الخليل جنوبًا ومن يافا غربًا حتى جسر دامية شرقًا، تبعد عن القدس 69 كم وعن عمّان 114 كم وعن البحر المتوسط 42 كم، تربطها بمدنها وقراها شبكة جيدة من الطرق تصلها بطولكرم وقلقيلية ويافا غربًا وبعمّان شرقًا بجنين والناصرة شمالًا بالقدس جنوبًا، في عام 1915 ربطت نابلس مع خط سكة حديد الحجاز الممتد من دمشق إلى المدينة المنورة، أقيمت نابلس في أجمل بقعة جغرافية في وسط فلسطين ووصفها شيخ الربوة الدمشقي بأنها “قصر في بستان”.
تضم مدينة نابلس جامعة النجاح الوطنية، كبرى الجامعات الفلسطينية وأقدمها وأرفعها مستوى، أسست بلدية المدينة عام 1869 وهي تشرف على تنظيم المدينة وعلى المرافق العامة، تذكر كتب التاريخ وصف بعض الرحالة العرب لنابلس بدمشق الصغرى للتشابه مع دمشق بمعالمها ومناخها ومياهها وينابيعها وجبالها وفاكهتها وخضارها وحتى في لهجتها وكثير من عاداتها وتقاليدها، وهي أكثر مدن فلسطين شبهًا وارتباطًا بدمشق وسورية منذ فجر التاريخ، حيث كان تجارها يصدّرون الصابون والمنتجات المحلية الأخرى إلى دمشق ويعودون بالأقمشة والتوابل، إضافة إلى ذلك، يعود أصل العديد من عائلات نابلس إلى مناطق في سورية حاليًا، مثل عائلة النمر التي قدمت من منطقة حمص وحماة وعائلة طوقان التي قدمت من منطقة حماة.
أهميتها الدينية
أخرج ابن أبي شيبة عن كعب الأحبار قال:
” أَحبُ البلاد إلى الله الشّام، وأحبُ الشّام إلى الله القدس، وأحبُ القدس إلى الله جبال نابلس، ليأتينَّ على النّاس زمان يتماسحونه كالحبال بينهم.”
نابلس هي من أهم المدن قداسة وخاصة عند اليهود والنصارى، يقال إن النبي آدم سجد فيها على جبل جرزيم، هي الموقع الكنعاني الأول الذي ذكرته التوراة وفيه بنى إبراهيم أول هيكل لدى قدومه من حلب، إضافة إلى إبراهيم، سكنها أنبياء أهمهم إسحاق ويعقوب، ويعتقد اليهود أن إبراهيم همّ بذبح إسحاق على جبل جرزيم، مر بها المسيح حيث سقته المرأة السامرية من بئر يعقوب، ويوجد فيها أيضًا قبر يوسف وبظاهرها قبور أنبياء آخرين، هناك 17 معلمًا إسلاميًّا في المدينة، و11 مسجدًا في المدينة القديمة، تمّ إنشاء 9 مساجد من هذه المذكورة قبل القرن الخامس عشر، تحوي نابلس، بالإضافة لدور العبادة الإسلامية، كنيسة للروم الأرثوذكس مكرسة للقديس جوستين الشهيد، المبنية عام 1898، وكنيس للسامريين، لايزال يُستعمل من قِبل تابعي هذه الديانة.