في لقاء تلفزيوني، اتهم الرئيس محمود عباس حركة حماس بأنها تسعى لفصل قطاع غزة عن جسد الدولة الفلسطينية، وإقامة دولة غزة وفقًا لمخطط جيورا أيلاند.
فما هو مخطط جيورا أيلاند؟ وهل ما تسرب من معلومات حول اتفاق التهدئة يأتي في سياق ذلك المخطط؟ وما هي مخاطر إنشاء كيان بغزة على المشروع الوطني؟ ومن هو الطرف الحقيقي الذي يفصل قطاع غزة عن الوطن؟
نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت يوم 6 مايو 2004 خطة جيورا أيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تتضمن الخطة تسوية إقليمية وتوسيع قطاع غزة نحو سيناء، والضفة الغربية نحو غور الأردن، مقابل ضم 11% من أراضي الضفة إلى دولة الاحتلال.
البيئة الزمانية للخطة جاءت في سياق الجدل الدائر حينها داخل إسرائيل حول نية رئيس الحكومة آنذاك، أرئيل شارون، الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وأهم معالم خطة جيورا أيلاند: انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وإخلاء مستوطناتها، على أن تخصص مصر للفلسطينيين منطقة تبلغ مساحتها 600 كيلومتر مربع، بطول 30 كيلومترًا على طول الحدود المصرية الإسرائيلية، وبعرض 20 كيلومترًا مربعًا داخل سيناء، مما يضاعف مساحة القطاع ثلاث مرات، وفي المقابل تحصل مصر على أراض بديلة بمساحة 200 كيلومتر مربع في منطقة وادي فيران في النقب، إضافة إلى نفق يربط مصر بالأردن ربطًا بريًا، وأن يكون هذا النفق تحت السيادة المصرية، أما الأردن فإن الخطة تعطيه إمكانية الوصول بحرية إلى البحر الأبيض المتوسط عبر نفس النفق إلى ميناء غزة بعد استكماله وتشغيله، كما تحصل السعودية والعراق على مخرج للبحر المتوسط بنفس الطريقة، من جهة أخري إقامة ميناء كبير وعميق للفلسطينيين في غزة باستثمار دولي، إضافة إلى إعادة تشغيل المطار المدمر في منطقة رفح، على أن تتولى مصر والأردن والولايات المتحدة صلاحيات الرعاية في المناطق الفلسطينية.
ما سبق هي خطة جيورا أيلاند التي يتهم الرئيس عباس حركة حماس بتطبيقها في غزة، فهل ما تقوم به حركة حماس يأتي في سياق ذلك المخطط في ضوء ما تسرب من معلومات حول اتفاق تهدئة يلوح بالأفق وجاءت التسريبات على النحو التالى:
أولًا: فتح كافة المعابر حول قطاع غزة.
ثانيًا: إدخال كافة البضائع اللازمة للقطاع، وعدم وضع حظر على أي منها.
ثالثًا: السماح بحرية الاستيراد والتصدير من وإلى قطاع غزة.
رابعًا: السماح بإنشاء الميناء والمطار في قطاع غزة، وذلك بناء على ما اُتفق عليه في الاتفاقيات الموقعة.
خامسًا: توضع مذكرة تفصيلة بالبند رقم 2.
وشمل البند الثاني من الورقة المقترحة:
أولًا: يتم تحديد مدة التهدئة بتوافق الطرفين.
ثانيًا: لا يتم تمديد أو تقصير مدة التهدئة إلا بتوافق الطرفين.
ثالثًا: يمكن أن تكون مدة التهدئة من ثلاث إلى خمس سنوات، تبدأ من توقيع الاتفاق.
ويبقى السؤال حول ماهية التقاطع بين خطة جيورا أيلاند واتفاق التهدئة المسرب؟
لا يوجد أي بند في اتفاق التهدئة المسرب يفيد بالحصول على أراضي من سيناء، أو حتى تحديد مكان الميناء بما يتناسب والخطة الإسرائيلية، فكل ما في الأمر هو تحقيق مطالب المقاومة الفلسطينية التي تبناها الوفد الفلسطيني الموحد خلال مفاوضات القاهرة، فلماذا كل هذا الغضب يا فخامة الرئيس؟ فلا يوجد فلسطيني واحد من غزة يقبل فصل غزة عن الوطن، ولا القبول بأي حل على حساب الشقيقة مصر، في المقابل يريد شعبنا بقطاع غزة أن يعيش، وأن يتوج انتصاراته في ميدان المعركة إلى ترجمات على الأرض، فغزة هي درة تاج المشروع الوطني كما هي القدس والضفة الغربية.
ولو افترضنا جدلًا صحة أقوال الرئيس عباس بأن حماس تؤسس لدولة غزة وانفصالها عن جسد الوطن، فماذا فعلت القيادة الفلسطينية ممثلة بفخامتكم لمنع ذلك؟
للأسف هناك تقصير واضح من فخامتكم وهناك قرارات وسلوك خاطئ يساهم في فصل غزة عن الوطن، كصدور نشرة الترقيات للعاملين بالأجهزة الأمنية والشرطية خلال الحرب الأخيرة في الضفة الغربية ومنع ضباط غزة من الرتب المستحقة أليس في ذلك فصل للضفة عن غزة من الناحية الإدارية وكذلك حرمان سكان غزة من بعض الوظائف والسماح بها لسكان الضفة؛ كقرار وزيرة التعليم منع الوظائف عنهم لهذا العام، وحرمان موظفي الخارجية بغزة من التعيين بالسلك الدبلوماسي إلا حالات نادرة وفردية، وأيضًا قطع الرواتب وممارسة الابتزاز في ملف الإعمار، ومن يجلب 70 مليون دولار حصيلة الضرائب المستحقة للسلطة على البضائع التي تدخل غزة ويمنع التعيينات عن غزة منذ 8 سنوات أليس ذلك فصل، وأخيرًا عندما تقمع المسيرات المدافعة عن غزة خلال الحرب ألا يساهم ذلك بالفصل.
وأقول لكل حريص على المشروع الوطني أن يبحث عن أوسلو ونتائجه وتداعياته على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فليست أوسلو هي المشروع السوي الذي ينبغي الالتفاف حوله.
خلاصة القول: في ظل تنكر حكومة التوافق والرئيس أبو مازن لحقوق غزة، فإنني مع دراسة أي مشروع من شأنه التخفيف عن سكان غزة وطرحه على طاولة البحث لفصائل المقاومة لتقرر ما تراه يصب في الصالح العام، فمن حق غزة أن تعيش.