فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين السودانيين اليوم للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ظل دعوات مقاطعة للمعارضة السودانية، قالت المفوضية القومية للانتخابات العامة إنها أكملت الاستعدادات الفنية للاقتراع الذي يستمر ثلاثة أيام من أجل اختيار رئيس للجمهورية وممثلين في البرلمان الوطني وبرلمانات الولايات.
قوى المعارضة الرئيسية دعت لتأجيل الانتخابات لما بعد الحوار الوطني المفترض أنه قائم، كما أكدت المعارضة أن الانتخابات ليست هدفًا في حد ذاته وأنها ليست مجرد عملية تفرضها السلطات دون تشاور مجتمعي وسياسي.
الدستور السوداني الانتقالي الذي أُقر في العام 2005 هو الحجة التي يتخذها الحزب الحاكم مبررًا لإقامة الانتخابات التي تروج الحكومة أنها ضرورة دستورية في البلاد، بينما ترى المعارضة أن هذا الأمر سيقضي على الشعرة بينها وبين النظام.
دعوات المعارضة للمقاطعة ازدادت واتخذت أشكالًا عدة منها الإلكتروني، حيث أطلقت المعارضة هاشتاج لمقاطعة الانتخابات تحت اسم #انتخابات_الدم في ظل وضع سياسي وصفته بالمتردي، فلم تجد قوى المعارضة السودانية، في ظل إصرار النظام السوداني على المضي قِدمًا في مسار الانتخابات، سبيلًا غير المقاطعة، لتعيد إلى الأذهان سيناريو مقاطعة انتخابات 2010.
بدأت المقاطعة هذه المرة منذ بداية الإعلان عن خوض الانتخابات بينما في الانتخابات السابقة شاركت المعارضة حتى مراحل متقدمة ولم تنسحب إلا في مرحلة الاقتراع، مما أعطى تلك الانتخابات قدرًا من الحيوية والتنافس، وهو ما تفتقده الانتخابات الحالية بشدة.
قرار المعارضة السودانية بالمقاطعة اتخذ وسائل للهجوم على النظام لصرف الرأي العام السوداني عن الاهتمام بالانتخابات، جاء ذلك واضحًا في تعليقات الصحف المعارضة التي شنت عليها الحكومة حملة أمنية مناهضة أسفرت عن مصادرة عدة صحف، الأمر لم يختلف في وسائل التواصل الاجتماعي التي رأت نفس الأمر بين قطاع الشباب، الأمر الذي جعل مهمة الحزب الحاكم الساعي إلى حشد أكبر قدر من المشاركة صعبًا للغاية.
المعارضة السياسية عملت طوال الفترة التي سبقت الانتخابات على زيادة الإحساس لدى المواطنين بعدم جدوى هذه الانتخابات واعتبارها من باب “تحصيل الحاصل”، مع الترويج للضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المواطن، الذي يرى إصرار الحكومة على إنفاق مبالغ طائلة على الانتخابات، حيث قدر المبلغ المصروف على الانتخابات ما يعادل مائة وخمسين مليون دولار، في حين أن المواطن السوداني يعاني من مشكلات اقتصادية جمة.
تقتصر المشاركة في هذه الانتخابات على أحزاب تعد متحالفة أصلاً مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وبعض الأحزاب المعارضة غير المؤثرة في المشهد السياسي والذي يضمن النظام أنها لا تمثل منافسة جدية له، في حين تسعى المعارضة إلى حشد الجماهير للخروج في تظاهرات، بالتزامن مع إقامة الانتخابات.
يتنافس في هذه الانتخابات 16 مرشحًا لرئاسة الجمهورية، أمام الرئيس الحالي عمر البشير مرشح حزب المؤتمر الوطني – الحزب الحاكم – وممثلاً عما يسمى بالحركة الإسلامية في السودان، بينما يشكل منافسوه بعض مرشحي الأحزاب الأخرى بالإضافة إلى بعض المستقلين.
المعارضون على مواقع التواصل الاجتماعي تناولوا أمر الانتخابات الجارية بإبراز الجانب السلبي بها والدعوة لمقاطعتها.
قاطعو #انتخابات_الدم.
من مراكز الاقتراع
كوستي
الأبيض
بور سودان
الجزيرة (٤) pic.twitter.com/QaZ1UA4SB2— Sudan Change Now (@Sudanchangenow) April 13, 2015
كما ادعى البعض وجود محاولات من النظام لإجبار المواطنين في السودان على النزول لمراكز الاقتراع.
قووول قطعتوا الكهربا برضو ما ماشين نصوت#انتخابات_الدم
— khalid Tokar (@zolhinak) April 13, 2015
فيما أعلن البعض أن أمر شرعية الانتخابات على المحك بسبب الرفض الدولي للانتخابات التي تخلو من المنافسة الحقيقة، ما جعل المعارضة تشكك في مصداقيتها من الأساس.
الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي يرفضان الاعتراف بنتائج إنتخابات #السودان لاستمرار القمع و عدم وجود منافسة حقيقية#إنتخابات_الدم
— Mohamed Abuelgasim (@MohmdAbuelgasim) April 13, 2015
كذلك أكد متابعون أن هذه الانتخابات سبقتها حملات قمعية من النظام ضد معارضين للسلطة في وسط صمت من مراقبي الاتحاد الأفريقي وأعضاء البرلمان السوداني.
فقد سبقت الانتخابات هذه العديد من الاعتقالات لرموز المعارضة آخرهم كانت الناشطة ساندرا فاروق كدودة عضوة الحزب الشيوعي السوداني، فيما قامت جرائد معارضة سودانية بنشر صور تظاهرات معارضة لما أطلقوا عليها انتخابات الدم.
وعلى هذا المنوال أكد المعارضون على مواقع التواصل الاجتماعي استخدام حقهم الدستوري في أمر مقاطعة الانتخابات.
فيما سخر المتابعون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر من فراغ مراكز الاقتراع مع ترويج الإعلام الموالي للحزب الحاكم بأن هناك إقبال على التصويت في اليوم الأول.
ياخوانا مراكز التصويت دي مافاضية لكن الملائكة و الشهداء ما بتشافو #انتخابات_الدم #إنتخابات_السودان
— هومر (@WagiOmer) April 13, 2015
في ظل تأخر ملف المصالحة بين الحكومة والمعارضة، من المتوقع أن تُصعِد المعارضة من مواقفها الداعية لمقاطعة العملية السياسية وعدم المشاركة فيها، بينما يرى نظام المؤتمر الوطني أن هذه المقاطعة دليل على أن المعارضة تخشى صناديق الاقتراع وتهرب من مواجهة حقيقة شعبيتها.