صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنه لم يعد هناك حاجة لفرض حظر على توريد أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الروسية إس-300 إلى دولة إيران، حيث إن هذه الأنظمة ذات طابع دفاعي بحت ولا تشكل تهديدًا هجوميًا.
لافروف كان قد صرح في محادثات لوزان السداسية عن حصيلة الجولة الأخرى من المحادثات مع إيران، التي وصفها بأنها سجلت تقدمًا كبيرًا في حل أزمة البرنامج النووي الإيراني، وقد تم الاتفاق على الأطر السياسية العامة للاتفاق النهائي الذي من المتوقع أن يُوقع في يونيو القادم، وأضاف لافرفروف “نحن مقتنعون في هذه المرحلة بأنه لم يعد هناك ضرورة لهذا النوع من الحظر على الأسلحة الممارس على إيران بعد النجاح الأولي لهذه المفاوضات.
أشار وزير الخارجية الروسي بأن”إس – 300″ نظام صواريخ مضادة للطائرات، ذو طابع دفاعي بحت ولا يستطيع الهجوم وليس خطرًا على أي دولة في المنطقة بما في ذلك إسرائيل، من جهة فإن روسيا أقدمت على هذه الخطوة بهدف معلن، وهو دفع المباحثات بين طهران والدول الكبرى، أو تشكيل ما يسمى بالحافز لدى طهران للمضي قدمًا في الجولات الأخرى من المفاوضات.
الجدير بالذكر أن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” قام بتوقيع مرسوم يقضي برفع الحظر على توريد المنظومة الصاروخية “إس – 300” إلى إيران، وقد ذكر المكتب الصحفي للكرملين، أن المرسوم ينص على إلغاء حظر التوريد، سواء عبر الأراضي الروسية، أو وسائل النقل الجوية.
منظومة “إس – 300 في 4” هي منظومة مخصصة للدفاع المضاد للطائرات والدفاع المضاد للصواريخ، على حد سواء، كما أن بوسعها اعتراض كافة أنواع الصواريخ متوسطة المدى الموجودة في جيوش العالم اليوم، المنظومة من إنتاج شركة “ألماس- أنتاي” الروسية التي تورد هذا النوع من المنظومات إلى الجيش الروسي، وهي نسخة مطورة لمنظومة “إس – 300 بي أم”، وقد تمكنت الشركة الروسية تطوير المنظومة من حيث زيادة مدى إطلاق صواريخ المنظومة الجديدة.
من جهة أخرى أعربت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل عن قلقهما إزاء هذا القرار الرسمي، إذ صرح المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إيرنست، أن مثل هذا القرار يمكن أن يثير القلق، لكن هذا التصريح المعبر عن القلق تبعه تصريحًا آخر مطمئنًا إلى إيران وروسيا على حد سواء، فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف، أكدت أن المسؤولين الأمريكيين لا يعتقدون أن قرار روسيا تسليم منظومة الصواريخ هذه لإيران سيؤثر على وحدة القوى الكبرى في المحادثات النووية الجارية، كما أشارت إلى أن هذا الأمر لا يعد خرقًا للعقوبات على إيران التي فرضها مجلس الأمن سابقًا.
ليس هذا القرار الروسي الأول الذي بدأ في تغيير نمط التعاون الروسي الإيراني إلى تعامل رسمي يراه العالم أجمع دون الحديث عن العقوبات المفروضة على إيران، فروسيا اتخذت قرارًا بمقايضة النفط مع إيران مقابل سلع تورد إلى الداخل الإيراني، وقد كان سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي قد أعلن من قبل أن موسكو تطالب برفع الحظر على تزويد إيران بالسلاح مع توقيع الاتفاق النهائي حول برنامج طهران النووي.
وفي السياق نفسه ندد وزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينتز، بقرار روسيا، وأكد أن هذا نتيجة مباشرة للشرعية الدولية التي تم منحها لإيران من خلال الاتفاق النووي الشامل الذي يجري إعداده لرفع العقوبات الاقتصادية عنها، كما أشار في تصريحاته إلى أن هذه الصفقة ليست سوى دليل على أن النمو الاقتصادي الإيراني الذي سيحدث من خلال رفع العقوبات الاقتصادية ستستغله طهران للتسلح وليس من أجل الشعب الإيراني كما يروج الساسة الإيرانيون.
الجدير بالذكر أن روسيا قد أوقفت تزويد الجيش الإيراني بهذه الأنظمة الصاروخية الأرض جو، في عام 2010 التزامًا بقرار الأمم المتحدة بفرض حظرعلى تصدير السلاح إلى إيران، كجزء من العقوبات الموقعة عليها بسبب برنامجها النووي، الذي يعتقد الغرب أنه غير سلمي، وكان رد الفعل الإيراني على إيقاف الصفقة هو رفع دعوى ضد روسيا أمام محكمة في جنيف.
وفي أول رد فعل إيراني تعليقًا على إتمام الصفقة المعلقة منذ خمس سنوات، أعلن وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان، أن هذا القرار يُعد تعبيرًا عن إرادة موسكو السياسية ودليلًا على نية الدولتين تطوير وتوسيع التعاون الثنائي على جميع المستويات، وفي هذا السياق، أكد دهقان أن تفشي أنشطة المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط يستدعي تحقيق مثل هذا التعاون، كما يُذكر أن الدولتين “روسيا وإيران” قد وقعتا مؤخرًا على اتفاقية تعاون عسكري بين وزارتي دفاعهما، أثناء زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلى طهران في يناير الماضي، ما اعتبر بأنه خطوة هامة في سبيل حل مسألة توريدات أنظمة “إس – 300”.
يرى بعض المراقبين أن هذه الخطوة، التي أقدمت عليها روسيا، سيراها العرب لاسيما الخليج بنوع من التوجس، حيث أكدوا أن تزويد إيران بهذه الأنظمة الدفاعية المتقدمة من شأنه معادلة موازين القوى في المنطقة التي يتدفق عليها السلاح الأمريكي بغزارة، في ظل توترات ومواجهات إقليمية محتملة، بما يعزز لدى دول الخليج بقيادة السعودية أن هذه الصفقة ليست سوى دعم لإيران في توسعها الإقليمي.