لماذا قُتل المعارض السوري “عبدالهادي عرواني”؟

المعارض السوري الراحل “عبدالهادي عرواني” الذي فر من سوريا في سن مبكرة بعد نجاته من نظام حافظ الأسد في أحداث حماة عام 1982، عرواني شغل وظيفة إمام مسجد النور في “أكتون” غرب لندن في الفترة من 2005 إلى 2011، حتى لقي مصرعة منذ عدة أيام في حادث غامض.
في البداية رفضت أسرة عرواني تكهنات أشارت إلى أنه قُتل بسبب معارضته للرئيس السوري الحالي بشار الأسد، حيث قالت ابنته إلهام لصحيفة “إيفنينغ ستاندرد” إن أي سوري حر ويعرف الحقيقة سيعارض نظام الأسد بالطبع، واستبعدت أن يكون الحادث الذي أصاب والداها وأدى إلى مصرعه بسبب معارضته للأسد، وقالت إنه لا بد من أن يكون هناك سبب آخر لكن لا يمكننا التفكير في شيء.
فيما قال نجله مرهف إن والده كان يحب مساعدة الناس ولم يأبه لخلفية أي شخص أو عرقه أو مركزه الاجتماعي، وناشد مرهف أي فرد لديه معلومات حول مقتل والده التقدم بها.
شرطة مكافحة الإرهاب (إس- أو 15) البريطانية فتحت تحقيقًا في مقتل المعارض السوري عبد الهادي عرواني، البالغ من العمر 48 عامًا، والذي عثر عليه مقتولاً داخل سيارته جراء إصابته بطلقات نارية في صدره شمال غرب مدينة لندن الثلاثاء.
جاء تحرك الشرطة البريطانية بعد أسبوع من مقتل عرواني، وسط تكهنات حول علاقة النظام السوري بالجريمة، خاصة وأن عرواني كان من الناجين من مذبحة حماه عام 1982، وكان ناقدًا شديدًا لنظام بشار الأسد، وشارك في تظاهرات السوريين أمام السفارة السورية في لندن، وسافر إلى سوريا أكثر من مرة للقاء المقاتلين والحديث معهم حول مخاطر التشدد.
شرطة “إسكوتلند يارد” البريطانية وجهت الاتهام إلى شخص يدعى “ليسلي كوبر”، 36 عامًا، بقتل الإسلامي السوري المعارض عبد الهادي عرواني في لندن، ومثل المتهم كوبر وسط إجراءات أمنية مشددة في محكمة كامبرويل، حيث وجهت إليه الاتهام رسميًا بقتل المعارض السوري، ومددت احتجازه إلى حين مثوله أمام محكمة “الأولد بيلي” الجنائية في غضون 48 ساعة.
تقول صحيفة “ديلي ميل” البريطانية إن الشرطة كانت قد امتنعت في وقت سابق عن تحديد هوية الضحية حتى تسكتمل الإجراءات النهائية، وتجمع الأدلة من مكان الحادث، وأنها لن تسلم الجثة إلى ذويه إلا بعد تشريحها من الطب الشرعي، وتنقل الصحيفة عن محقق شرطة قوله إن عملية القتل “تحمل بصمات اغتيال مدعوم من دولة”.
وعليه فإن المحققين الآن يحاولون التأكد من دافع القتل، وما إذا كانت مواقفه المتشددة ضد نظام بشار الأسد وراء اغتياله، خاصة أنه شارك في التظاهرات المعارضة لنظام الأسد أمام السفارة البريطانية قبل ثلاثة أعوام، واضطرت الشرطة البريطانية لاستخدام الدروع الواقية من الشغب من أجل وقف تقدم المتظاهرين الذين استطاعوا الدخول إلى السفارة، واعتقلوا ستة أشخاص، وقال حينها عرواني في ذلك الوقت للشرطة: “هذه البناية أي (السفارة) هي ملك للشعب السوري، وليس لنظام يقتل أبناء شعبه كل يوم، خلال الأشهر العشرة الماضية”.
الشيخ عبد الهادي ترك الخطابة في المسجد المذكور بعد خلافات مع إدارته، ولا يُعلم ما إذا كان مقتله له علاقة بعمله هناك، رغم أنه تركه منذ سنوات، إلا أن رواد مسجد النور وتلامذته يرسمون صورة أخرى عن رجل كان متواضعًا ويحارب التطرف ويهتم بالشباب وتعليمهم.
وفي معلومات أولية من ملف التحقيق، فإن أحد الأبناء الستة للعرواني، واسمه مرهف، شاهد القاتل حين ذهب مع أبيه قبل يوم من الجريمة إلى مكان طلب الجامايكي الجنسية “كوبر” أن يلتقيه فيه ليتفق معه على إصلاحات زعم أنه يريد أن يجريها له العرواني في بيته، في حين أنه كان راغبًا بقتله، ولأنه رآه برفقة ابنه، لذلك طلب تأجيل العملية، وطلب من العرواني بعد أن تذرع بأنه نسي مفتاح البيت، أن يلتقيه في اليوم التالي للغرض نفسه.
وحضر بعد ذلك العرواني وحيدًا إلى منطقة ويمبلي في لندن، حيث اتفقا على اللقاء، وحين أوقف سيارته “الفولكس فاغن باسات” اقترب منه الجامايكي من جهة نافذة السيارة وأطلق عليه 5 رصاصات من مسدس كاتم للصوت، نفذت في رأسه وصدره فأرداه قتيلاً في الحال، وهذه معلومات أكدها المدعي العام روب ديفيس، في بيان منه لا يستطيع أن يؤكد إذا ما كان القتل لسبب سياسي، بل هناك إشارة أن دافع القتل للتخلص من العرواني لخلاف حول ملكية “مسجد النور” الذي ترك الشيخ عبد الهادي إمامة الصلاة فيه وامتهن إصلاح الشقق والبيوت.
وحتى هذه اللحظة فإن العلاقة بين “مسجد النور” والجامايكي، قاتل العرواني، غير معروفة لأحد تمامًا، وغير المعروف أيضًا سبب أو دوافعه لقتله، وهو الذي اتضح من التحقيقات الأولية على الأقل بأنه ليس على معرفة شخصية به، ولا أحد من أبناء العرواني يعرفه أيضًا، لكن الواضح مما ذكرته الصحف البريطانية أن للقتل علاقة بدعوى قضائية دخلت مرحلتها الأخيرة للحكم لصالح الشيخ العرواني بسبب الخلاف على ملكية المسجد، ولكن هذا يفتح الباب ولا يغلقه في أن القتل تم على خلفية ما وقد يكون هذا الرجل مأجورًا ليس إلا للتخلص من العرواني.