هل تود أن تُصبح كاتبًا، تمتلك من الإصدارات الكثير، وتمتلك مئات الطبعات لكتابك الأول؟ كل ما تحتاج إليه عزيزي القارئ حساب خاص على تطبيق “الإنستجرام”، مبلغ مالي بسيط، مجموعة تغريدات قصيرة وطويلة، والتوجه لدور النشر الشبابية صاحبة الحسابات “الإنستجرامية” المميزة!
أسرد هذا السرد آسفةً لكل الكُتاب الذين ناضلوا لنشر بعض كتاباتهم، بعد صراع في الكتابة والمراجعة والتنقيح لغةً وفكرًا، بعد كُـل المسؤولية التي تكبدوها في نشر ما يُضاف لأسماء أوطانهم قبل أسمائهم، آسفة لكل القراء المجاهدين في الحصول على نسخة واحدة من أفضل الكتب، التي غالبًا ما تعبر البلدان، لتودع في مكتبات المجالس الكبيرة، متاحةً للجميع قبل توفرها بكثرة في زمننا هذا.
رغم أن زيادة عدد الراغبين في الكتابة والنشر سبب كافٍ للشعور بالسعادة والفخر، وتطور ورُقي الفكر الشبابي، إلا أنه أصبح القشة التي كسرت ظهر البعير بفتح المجال لكل من لا يجيد اللغة – ويفتخر بذلك – للكتابة والنشر وإحياء حفلات التوقيع أيضًا!
يقول أحدهم في مقدمة كتابه: “حان الوقت لأن نقول كفاية للروايات التي كُتبت من قِبل أشخاص يجيدون اللغة ولا يجيدون الواقع”، ويستمر واصفًا روايته “تحمل من العبر ومن الدروس والجراة”، لا لم يكن الخطأ الإملائي في اقتباسي وإنما كُتبت هكذا “الجراة” عانيًا الجرأة، وقرأتها أنا في سطور روايته “بذاءة الأخلاق”.
نسعى، والكثير من المتطوعين في مختلف الدول لنشر ثقافة القراءة والكتابة، ونواجه ما نواجه من التخلف الثقافي في الإصدارات العربية، ليظهر لنا هؤلاء “كتاب الإنستجرام”، مستهدفين المراهقين والمراهقات لنيل الشهرة، في المقابل تتكاتف معهم بعض الجهات المختصة بالثقافة والمعنية بتصاريح النشر، عن طريق منع الروايات والكتب الهادفة، والحاملة للفكر والتاريخ واللغة، وعدم منع الإصدارات الأخرى المتشبهة بالكتب، الجُـرم الأكبر في وجهة نظري المتواضعة من دور النشر الساعية لزيادة نسبة المبيعات دون أدنى تدقيق أو مسؤولية فيما يتم نشره.
لا نتطلع للمنع، ولكن التوجيه، وقليلًا من المسؤولية من قِبل الكُتاب ودور النشر، المشاريع الداعمة لتطوير الكتابة كثيرة، كمشروع “تكوين” في دولة الكويت، مشروع “المحترف .. كيف تكتب رواية” تحت إشراف الكاتبة نجوى بركات، ومشروع “الإصدار الأول” في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في البحرين، فاغتنموا الفرص، واتقوا الله في القرّاء الجدد.