المصري السابق محمد فهمي الذي قبل عرضًا من جهات سيادية مصرية بالتخلي عن جنسيته المصرية والاحتفاظ بالجنسية الكندية مقابل إطلاق سراحه على ذمة قضيته المعروفة إعلاميًا باسم “خلية الماريوت” المتهم فيها بجانب عدد من الصحفيين المنتمين لشبكة الجزيرة الإخبارية.
بالفعل أُفرج عن فهمي في فبراير الماضي، ولكن السلطات المصرية وضعته على قوائم الممنوعين من السفر؛ فلم يستطع فهمي مغادرة مصر والرحيل إلى كندا لهذا السبب ولسبب آخر أيضًا وهو فقدانه لجواز سفره الكندي الذي تم تحريزه من ضمن مضبوطات قضيته، ليصبح فهمي في مصر بدون أي أوراق ثبوتية.
تحرك فهمي لاستخراج جواز سفر كندي جديد تبعًا لجنسيته الكندية المتبقية بعدما تخلى عن المصرية، ولكنه فوجئ برفض كندا إصدار جواز سفر جديد له بزعم أنها لن تتمكن من ذلك إلا بعد إلغاء السلطات المصرية قرار منعه من السفر.
يقول محمد فهمي لوكالة الأسوشيتد برس: إن جواز سفره الكندي تمت مصادرته بعد إلقاء القبض عليه في العام 2013، مشيرًا إلى أنه يحتاج إلى إثبات للشخصية بسبب تعرضه للمشاكل في نقاط التفتيش الأمنية في القاهرة، وأضاف: شعرت بالصدمة بعد علمي للمرة الأولى أن كندا هي العقبة في إصدار جواز سفر جديد لي، وأنا مدرج بالفعل في قائمة الممنوعين من السفر، فلماذا لا يصدرون جواز سفر لي؟
استطرد فهمي قائلًا: أنا الآن مقيد لأن الأمر أصبح يشكل تهديدًا أمنيًا بالنسبة لي أن أتجول في القاهرة مع عدم وجود جواز السفر الكندي، فقبل نحو شهر، اُحتجِزت في نقطة تفتيش للشرطة لمدة نصف ساعة لأنه لم يكن لدي وثيقة رسمية لإثبات الشخصية، وذكر أن كل ما يملكه واستطاع تقديمه للشرطة كان خطاب من السفارة الكندية يثبت أنه مواطن كندي.
كما يحكي فهمي معاناته بأنه لا يستطيع إتمام الزواج من خطيبته، ولا يستطيع فتح حساب مصرفي ولا يمكنه استئجار شقة أو غرفة في فندق، لأن كل شيء في مصر يعتمد على إثبات الشخصية.
وقدم فهمي للوكالة الخطاب الذي تلقاه من السفارة الكندية، والذي يشير إلى احترام القيود المفروضة من قِبل المحكمة، وذكر الخطاب: أن فهمي سيحصل على جواز سفر جديد في حال رفع قيود المحكمة ضده، ما معناه أنه إذا أُدين فهمي في إعادة المحاكمة ربما لن تنفعه كندا بأي حال من الأحوال التي قررت فجأة الالتزام بالقوانين المصرية في سابقة من نوعها.
وعلق فهمي على هذا بأنه يحترم القوانين، وأنه يجب أن يكون هناك استثناء لأن هذه ليست مسألة بيروقراطية، وعبر عن إحباطه للغاية من هذا التعنت، حيث يقول فهمي إنه أثناء الجلسة الأخيرة في محاكمته، أعطى القاضي السفارة الكندية الضوء الأخضر لإصدار جواز سفر جديد لفهمي، بعد الحصول على تقرير من الشرطة يفيد بأنه كان يملك نسخة أصلية من جواز سفره الكندي وفقدت منه، ورغم ذلك أمضى فهمي 6 ساعات في مركز للشرطة هذا الأسبوع الحصول على هذا التقرير وتقديم جميع الوثائق اللازمة إلى السفارة التي رفضت إعطائه الجواز الجديد.
من جانبها، صرحت المتحدثة باسم الخارجية الكندية إريكا ميكيز: أن فهمي لن يحصل على جواز سفر جديد إلا في حال استيفاء شروط إطلاق سراحه بكفالة ورفعه اسمه من قوائم الممنوعين من السفر، وهو الأمر نفسه الذي قالته وزيرة كندا للشؤون القنصلية لين يليتش، التي أكدت أن فهمي سيحصل على جواز سفر جديد بمجرد استيفاء شروط الإفراج عنه وتمكنه من السفر.
كثيرًا ما ردد فهمي أن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، لم يبذل ما يكفي من الجهود لإطلاق سراحه، مؤكدًا أن هذا الوضع يزيد من مخاوفه حيال سبب بقائه في مصر – بعدما خضع لمساومات مثيرة للجدل بالتخلي عن جنسيته المصرية من أجل ترحيله إلى كندا – وهو الأمر الذي لم يتم حيث أرجعه فهمي إلى البيروقراطية والنهج المفرط في المحافظة الذي تتبناه حكومة السيد هاربر، كما أن وزير الخارجية الكندي رفض سابقًا التدخل في قضية فهمي برغم الضغوط البرلمانية التي واجهها لكنه أصر على عدم التدخل بشكل غريب.
محمد فهمي الذي تخلى عن جنسيته المصرية على أمل أن ترحله السلطات المصرية إلى كندا، ولكن السلطات المصرية والكندية اتفقا على أن يبقى فهمي داخل مصر إلى حين، وأيد فهمي من داخل محبسه نظام الجنرال السيسي الذي اعتقله، بل وتبرع إلى صندوق “تحيا مصر” الذي أنشأه السيسي لدعم الاقتصاد على أمل أن يفرج عنه، وهو الأمر الذي لم يشفع له وأُرغم أن يتنازل عن جنسيته حتى يخرج من السجن، كذلك هاجم الرجل شبكة قنوات الجزيرة التي لم تتخل عنه وصرح أنها ضللته بالرغم من تأكيد الجزيرة مرارًا على قانونية عمله في مصر، وأن القبض عليه تم بناء على قرار سياسي وليس قانوني، ولكن فهمي أصر على التزلف إلى السلطات المصرية الذي ظن وأنها ربما تفرج عنه جراء تنصله من عمله.
لم يكتف فهمي بذلك بل خرج للحديث في وسائل الإعلام عن المعتقلين السياسيين من الإخوان المسلمين الذين التقى بهم بالداخل، مطلقًا تحليلات سياسية وتصريحات عمن بالداخل، ليصبح فهمي الآن مصريًا متنازلًا عن مصريته، وكنديًا لم تشفع له جنسيته.