ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
تميزت الحصة العاشرة للحوار بالهدوء على الرغم من احتداد موقف الطرفين بخصوص اليمن، غير أنها لم تكد تنقضي حتى أطلق وزير الداخلية نهاد مشنوق خطابًا ناريًا ضد إيران ردًا على هجمات طهران ضد المملكة العربية السعودية وتماهيًا مع الثناء الشعبي الذي وصله من بيروت، وتزامن ذلك مع إصدار كتلة المستقبل النيابية لبيان وظف فيه معجمًا بدا غير مألوف للخطاب الحريري، ردًا على حملة حزب الله ضد الرياض؛ مما دفع المكتب الإعلامي للتنظيم إلى شن هجمة مضادة ضد تيار المستقبل، هذا ويتوقع العديد من المراقبين أن يشتد خطاب الأمين العام لحزب الله الليلة في حديثه عن المملكة العربية السعودية وحلفائها في لبنان.
وعلى الرغم من هذا السجال اللفظي العنيف، أكدت مصادر مقربة من الطرفين على استمرار المفاوضات، في حين شدد الوزير علي حسن خليل ممثل رئيس مجلس النواب، على ضرورة إصدار بيان صحفي في ختام الجولة العاشرة للتأكيد على المضي في دراسة المسائل المطروحة من قِبل مجلس الأمن، هذا وتفيد مصادر مطلعة بأن “المحادثات بين حزب الله وتيار المستقبل تحمل بعدًا وقائيًا، إذ إنها ضرورية لضمان الاستقرار، مما يجعل من مصلحة الطرفين المحافظة عليها حتى وإن تعطلت”، كما تنوه نفس المصادر إلى حرص نبيه بري على تهدئة الخطاب السياسي واللجوء إلى مزيد من المرونة فيما يخص المواقف إزاء الملف اليمني، أملاً في أن يعتمد المسؤولون السعوديون والإيرانيون أسلوبًا مدروسًا بصرف النظر عن عمق الأزمة.
من جهة أخرى تساءلت بعض الدوائر الدبلوماسية عن أسباب هذا التصعيد المفاجئ وعن مصلحة لبنان من توريط نفسها في الحرب باليمن، معتبرة أنه كان حريًا بالقادة اللبنانيين الانصراف عن مثل هذه الملفات الخارجية والانصراف إلى الشأن الداخلي، خاصة منه الإسراع في إقامة الانتخابات الرئاسية دون انتظار تعليمات خارجية.
هذا وقد ساهم تورط حزب الله في الحروب المجاورة وانخراطه في مشروع إقليمي على حساب المصلحة الوطنية، في إقحام لبنان في هذه المواجهات، في حين كان من الأولى أن ينأى البلد بنفسه عن الأزمة ويلتزم بالموافقة على السياسة الحكومية لرئيس الوزراء تمام سلام بالاتفاق مع جميع مكونات مجلس الوزراء وحزب الله نفسه، الذي نفى أحد المنتمين لـ 14 آذار أن يكون التحالف قد أيد انضمامه للحرب في سوريا، مؤكدًا على امتناعهم عن تأمين الغطاء لمقاتلي حزب الله هناك، على الرغم من المبررات العديدة التي قدمها حسن نصر الله من حماية الأماكن الشيعية المقدسة وشن حرب وقائية ضد تنظيم الدولة لوقف تقدم عناصره نحو لبنان وغيرها مما لم ينجح في إقناع أي طرف.
وإن كان تحالف 14 آذار لم يتوقف عن انتقاد تدخل حزب الله في الشأن السوري، فكيف تغاضى عن مشاركة هذا الطرف في الحرب بالعراق واليمن؟ حيث تثبت مواقف هذه الجماعة انصياعها لأوامر الولي الفقيه وانتمائها لكتيبة الحرس، الأمر الذي أكده حسن نصر الله بقوله “أنا أفخر بأن أكون جنديًا لولاية الفقيه.”
مواقف متناقضة
صرح أحد الزعماء اللبنانيين بأن حزب الله يخدم أجندات فارسية لا عربية، تستند على علاقته بالإدارة الإيرانية مما يتطلب منه اتباع التعليمات التي تقضي حاليًا بشن حملة شعواء على المملكة العربية السعودية، خاصة إبان انطلاق “عاصفة الحزم” من ناحية وغداة تبني مجلس الأمن للقرار 2216 من ناحية أخرى، غير أن حزب الله لم يضع في اعتباره التداعيات الممكنة لموقفه على المواطنين اللبنانيين الذين يشتغلون في دول الخليج، علاوة على انعدام مصلحة لبنان في مهاجمة بلد بادر بمنحه 4 مليارات دولار لتسليح قواته المسلحة وأعلن عن استمرار دعمه لكافة القوى والجماعات اللبنانية.
من جهته عارض حزب الله تصريحات بعبدا التي أطلقها ميشال سليمان، إثر موافقته على وثيقة الحوار، في حين اتسمت مبادرة رئيس الدولة السابق ببعد النظر، حيث سعى إلى الحيلولة دون انغماس لبنان في الحرب السورية وتحملها لعواقب هذا الصراع، غير أن مشاركته في المواجهات باليمن والعراق تحيل على واقع تنفيذه للمشروع الإقليمي الإيراني، الأمر الذي أكده أحد أعضاء قوى الـ 14 آذار الذي أبدى تعجبه من تخلي الحزب عن ثلاثية “الجيش ـ الشعب ـ المقاومة” من أجل طهران، مؤكدًا على إمكانية استناد إيران إلى التصعيد الحاصل في المنطقة للتحسين في ظروف تفاوضها بشأن ملفها النووي حتى يقبل الغرب تصدرها للمشهد الشرق الأوسطي، لكن الدوائر الدبلوماسية ترى في الجلوس على طاولة المفاوضات من جهة والدفع بالمواجهات من جهة أخرى تناقضًا يدل على ارتباك طهران التي ما انفك المجتمع الدولي يدعوها للتعديل من مواقفها.
ومع ذلك يبقى التوتر قائمًا، في انتظار أن تفزر الجهود المشتركة لطرفي النزاع عن اتفاق سعودي إيراني يفضي إلى تسوية سياسية تحد من الخطر الحوثي.
وفي الشأن اللبناني، يتساءل أحد الديبلوماسيين عن سبب عدم لجوء حزب الله وتيار المستقبل إلى فرض خطة أمنية في بيروت والجنوب لتحصين الساحة المحلية وجمع الأسلحة المنتشرة بتعلة المقاومة، إذ من شأن هذه المبادرة أن تحدد درجة التزام كل جهة بالحوار.
المصدر: صحيفة لوريون لوجور