بخاري يكتب لنيويورك تايمز عن رؤيته لهزيمة بوكو حرام

1eb4ce5693bb4717a959bee4a77f748a-ca15b28df1ce4e479b0e550d593e1cca-10

في مقال له نُشِر الأسبوع الماضي بصحيفة نيويورك تايمز، كتب الرئيس النيجيري الجديد محمدو بخاري مقالًا بعنوان “سنهزم بوكو حرام” وضع فيه الخطوط العريضة لسياساته للنجاح في القضاء على الحركة، وهي اتجاهات تشي باختلاف كبير بينه وبين سلفه جودلاك جوناثان، والذي انصبت جهوده بالكُلية على الفعل العسكري واتهام العناصر الخارجية، واعتبار بوكو حرام واجهة للإرهاب الدولي.

على العكس من جوناثان، يرى بخاري أن بوكو حرام نيجيرية الجذور، وأن مواجهتها تتطلب معالجة كافة أسباب نشوءها، خاصة مسألة التعليم في الشمال، بالتوازي مع التنسيق الإقليمي مع التشاد والنيجر لاحتواء الحركة، واستمرار التدريبات الأمريكية للقوات النيجيرية، دون الاقتصار عليها، ودون الدعوة إلى تدخل من الخارج، على العكس من بعض الأصوات في الإدارة السابقة التي حاولت جذب قوات خارجية للقضاء على الحركة.

“بعد أن تتولي حكومتي إدارة البلاد في 29 مايو، سيختلف المنهج تمامًا عن منهج الإدارة السابقة الغارقة في الفساد، وسنتعامل مع مسألة الطالبات المُختطفات، واحدة من أبرز أسباب انتخابنا بدلًا من حكومة جوناثان التي تباطأت في التحرّك لإنقاذهن، بكل أمانة، وسنسأل ما إذا كان يمكن بالفعل تحريرهن أم لا، حيث لا يزال موقعهن مجهولًا إلى الآن، كما أننا لا نعرف أي شيء عن حالتهن الصحية، أو ما إذا كن لا يزلن مع بعضهن أم تم تفريقهن إلى مجموعات.”

بهذه الكلمات الصريحة وضع بخاري حدًا لوعود الدولة النيجيرية القاطعة بتحرير الطالبات المختطفات، ورسم إطارًا واقعيًا للتوقعات بإطلاق سراحهن، وهو بداية جيدة للتعامل مع الواقع كما هو بدلًا من إطلاق الوعود في الهواء كما كان يفعل سلفه، والذي توعّد مرارًا بدحر بوكو حرام وتحرير كافة الطالبات دون أي معلومات أو خطوات ملموسة على الأرض.

“كنت أتمنى، ولكنني لا أستطيع، أن أعد بإيجادهن، ولكنني إذا فعلت سأضع آمالًا لا أساس لها، وهو ما سيضاعف من الآلام لاحقًا إذا ما أدركنا أننا لن نتمكن من تنفيذ وعودنا، بيد أنني أقول لكل أب وأم، وكل فرد من أسرهن، وكل أصدقائهن، أن حكومتي ستبذل قصارى جهدها في سبيل إعادتهن إلى بيوتهن،” هكذا كتب بخاري.

فيما يخص بوكو حرام وسُبُل مواجهتها، اتهم بخاري الحكومة السابقة بفقدان الإرادة الحقيقية لمواجهة الحركة، وترك الدول المجاورة للتعامل معها عسكريًا لمنع تمددها دون تزويد الجيش النيجيري بما يحتاجه ليتمكن من ردعها وإعادة الأمن والسلم إلى المناطق التي سيطرت عليها، وهو يعد بتعزيز التعاون بين القوات الأمريكية والنيجيرية لاكتساب الخبرات المطلوبة في هذا الصدد.

رُغم ذلك، يكتب بخاري بوضوح أن السُبُل العسكرية لن تكون هي الأولولية في التعامل مع أزمة بوكو حرام، لأن “معالجة هذا التهديد يجب أن تنبع من نيجيريا” على حد قوله، إذ يرى أن تضييق الخناق على بوكو حرام دون التركيز على ما يعانيه الشباب في الشمال، وما يدفعهم للانضمام للحركة، لن يؤدي في النهاية إلى احتواء مستدام لها، وهو ما يعني مواجهة “الفقر والجهل” بشكل أساسي، لا مواجهة الإرهاب كهدف بحد ذاته.

“إذا ما كنت شابًا يافعًا وفقيرًا في نفس الوقت، وتحاول البحث عن أجوبة للصعوبات التي تعانيها، فإن التطرف سيكون جذابًا جدًا، ونحن نعرف ذلك لأن الكثيرين من أعضاء بوكو حرام السابقين قد اعترفوا بما يقدمونه من أموال وطعام للشباب لينضووا تحت لواء الحركة ويتبنوا أفكارها، وهو ما يعني أنه يتوجب علينا طرح بديل لتلك المناطق، خاصة فيما يخص الاهتمام بالتعليم لمواجهة دعايا بوكو حرام.”

يضيف بخاري أن حكومته ستهتم بشكل خاص بتعليم الفتيات، في إشارة لأهمية تلك المسألة في الشمال، وضرورة إرساء ذلك المبدأ لمنع المخاوف المنتشرة من تعليمهن بعد اختطاف الطالبات العام الماضي، كما يقول أن حكومته ستعمل على ترسيخ ثقافة المساواة بينهن وبين الشباب وتعزيز دورهن في الحياة العامة وقدرتهن على المشاركة في الحياة الاقتصادية بولاياتهن بما يقلل الفقر المدقع الذي يعاني منه الشمال.

“بوكو حرام تقتات على اليأس، وتعتمد على فقدان الأمل في تحسّن الأوضاع بنيجيريا، وقد قامت بهجومها على مدرسة للبنات تأوي أكثر من مائتي طالبة لأن هذا الموقع كان واحدًا من الأماكن النادرة التي بثت الأمل في مستقبل أفضل لنيجيريا، وإنه لمن واجبنا ألا نجعل من أفعالهم تلك استراتيجية ناجحة.”

في ختام مقاله، يكتب بخاري أن حكومته ستعمل أولًا على إلحاق الهزيمة العسكرية على المدى القريب، ثم ضمان تقديم الخدمات التعليمية الواسعة في الشمال على المدى البعيد لأكبر شريحة ممكنة بعيدًا عن تأثيرات الجماعة، والتي يقول أنها ستُدرِك في نهاية المطاف أهمية التعليم وسيصبح احتواءها ممكنًا، بدلًا من الحديث عن القضاء عليها تمامًا الذي كان رائجًا بين مسؤولي الحكومة السابقة.

“عاجلًا أم آجلًا، ستعلم بوكو حرام أن التعليم هو في الواقع السلاح الأقوى لتحقيق أي تغيير حقيقي.”