لم يكن التعاطي العربي مع اليمن يوماً من الأيام يتسم بالتفكير الإستراتيجي المستقبلي , بل كان تعاطياً تغلّب فيه المصلحة الخاصة الضيقة القريبة بل و أكثر من ذلك كان اليمن في كثير من الأوقات مسرحاً لتصفية حسابات عربية عربية كما حدث في ما عرف بثورة 26 أيلول حيث قامت خلالها حرب أهلية بين المواليين للمملكة المتوكليّة اليمنية بزعامة الإمام محمد البدر حميد الدين في اليمن الشمالي و المواليين للجمهورية العربية اليمنية في الجنوب بزعامة المشير عبد الله السلّال .
دعمت السعودية الإمام البدر و أنصاره (وهم من الطائفة الزيّدية ) و دعمت مصر المشير السلّال و أنصاره ( و هم من الطائفة السنية ). وانتهت المعركة بانتصار الجمهوريين و حليفتهم مصر و هزيمة الملكيين و حليفتهم السعودية , تلك المعركة التي دقت أول مسمار في نعش الوحدة الوطنية اليمنية و الوحدة العربية عامةً .
تتالت الأحداث و بقي التعاطي العربي مع اليمن جامداً مقتصراً على دعم أسر و عائلات أو أحزاب أو شخصيات و ترك الشعب اليمني لوحده في بلد منهار اقتصادياً و اجتماعياً و ثقافياً وصار السواد الأعظم من الشعب اليمني أسيراً للقات و القاعدة .
و بالعودة إلى عنوان مقالنا حزم خليجي سعودي أم جزم امريكي آخذين بعين الاعتبار الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني لوجدنا أنّ عاصفة الحزم مصيرها الفشل مهما طالت المدّة ومهما كانت النتائج و سأدعم رأيي هذا مستعيناً ببعض ما طالعتنا به كبريات الصحف الغربية و التي كما نعرف جميعاً أنها لا تنطق عن الهوى .
صحيفة الواشنطن بوست قالت إن “الغارات الجوية التي يشنها التحالف على اليمن لم تحقق حتى الآن أهدافها الرئيسية و يدل على ذلك قدرة الحوثيين على تحقيق تقدم في الجبهات و المرونة في التحركات و حماية مخازن الأسلحة، لقد خلقت عملية عاصفة الحزم أزمات تجاوزت الصراع بين معارضة و موالاة لتشكل فراغاً أمنياً استغلته القاعدة لزيادة نفوذها” وهنا نرى التركيز على دور القاعدة (العدو الرئيسي لأمريكا و الغرب) و استغلالها للفراغ الأمني الذي أحدثته غارات التحالف .
وما صرّح به وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي لهو دليل إضافي على الفشل المتوقع لعاصفة الحزم في تحقيق أهدافها(بعض العرب أدركوا الآن أننا كنا على حق عندما لم نشترك بعاصفة الحزم ) .
إضافةً للبرود الأمريكي و الغربي في التعاطي مع عاصفة الحزم و يتجلّى ذلك في قول أوباما (المخاطر الكبرى التي يواجهونها العرب قد لا تأتي من إيران بل سوف تأتي من عدم الرضا داخل بلدانهم ذاتها حيث الشعوب المستبعدة و الشباب يعاني من البطالة و حيث توجد أيدولوجيات مدمّرة و هدّامة ,و لماذا لا يمكننا الحصول على عرب يحاربون الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في سوريا ) و من يقرأ ما بين سطور أوباما يدرك أن ما قاله و تحديداً في الشأن السوري ليس ضوءاّ أخضراً لعاصفة حزم في سوريا بل هو سؤال استنكاري لما يحدث و سيحدث في اليمن و إشارة للعرب بالكف عن استجداء التدخل الدولي العسكري في سوريا .
و قد يتساءل سائل كيف لتحالف عربي مسلح بقرار دولي و تحت الفصل السابع أن يكون مصيره الفشل ؟!
و للإجابة على هذا السؤال سنتحدث عن أحد أعضاء هذا التحالف و هو الرئيس السوداني عمر حسن البشير .
إن التحالف العربي و بعد صدور القرار رقم 2216 عن مجلس الأمن الدولي الخاص باليمن صارت مهمته بمثابة السلطة التنفيذية <الشرطة>التي تسعى لتنفيذ قرار القضاء <مجلس الأمن> و هنا تكمن المفارقة العجيبة المضحكة المبكية فالرئيس السوداني هو نفسه مطلوب للمحاكم الدولية بتهمة ارتكاب مجازر و جرائم حرب أي أن أحد
أفراد الشرطة المطلوب منهم تنفيذ قرار القاضي هو نفسه و من وجهة نظر نفس القاضي مجرم مطلوب للقضاء !!
كثيرة هي الأسئلة حول مصير عاصفة الحزم و ارتداداتها و منها :
_ هل هناك ربيع خليجي قادم ؟ وهل ستكون هناك فوضى خلّاقة في الخليج ؟ ان كانت القاعدة و تنظيم الدولة تحارب في سورية و العراق كأدوات لخلق هذه الفوضى فمن الذي سيحارب في الخليج لخلق هذه الفوضى ؟
_ إن كانت إيران اشترت الحوثيين بالمال و حولتهم لأداة لتنفيذ مشروعها التوسعي فما الذي منع دول الخليج وهم القابعون على بحور من النفط من دعم اليمن اقتصاديا و دعم الحوثيين و كل الشعب اليمني بالمال و تحويلهم إلى جيش خليجي قوي يستعينون به عند الحاجة بدلاً من التوجه إلى دول بعيدة كباكستان و التي و عبر البرلمان الباكستاني وجهت صفعة لدول الخليج عندما قالوا أن الجيش الباكستاني ليس للإيجار ؟!
_ هل ستكون إيران شرطي الخليج الذي يتلقى و ينفذ أوامر أمريكا و الغرب ؟ أم أنها ستكون ضابط الإيقاع ,أي أن تتحول لدولة إقليمية عسكرية اقتصادية عظمى تساعد على ضبط الوضع الإقليمي ؟
_ إلى ماذا تلمح صحيفة الإندبندنت (السعودية حليف غير طبيعي لأمريكا )
_ هل ما يحدث في اليمن هو حزم خليجي سعودي أم جزم أمريكي بإنهاء تحالفه مع دول الخليج ؟