في احتفالات كبيرة ترمي إلى المصالحة، تجمع آلاف الاتراك والاستراليين والنيوزيلنديين بمدينة جنق قلعة لاحياء الذكرى المئوية لمعركة غاليبولي احدى اعنف معارك الحرب العالمية الاولى.
وقد صرح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، في تلك الاحتفالات قائلا: “أتمنى أن تكون معارك جنق قلعة مثالاً لكافة المجتمعات، في تحوّل الآلام المشتركة إلى وسيلة للصداقة والمحبة والسلام، وليس لخلق عداوات جديدة، وينبغي على كافة البلدان والمؤسسات الدولية والمجتمعات أن تدعم أجواء التسامح والصداقة هنا؛ من أجل الاستقرار والازدهار العالمي، فالمشهد المتمثل هنا يعد عبرة للتيارات الإرهابية والعنصرية والإسلاموفوبيا وكافة أشكال الكراهية”.
جاء ذلك خلال كلمته في شبه جزيرة غاليبولي، بمناسبة الذكرى المئوية لانتصار العثمانيين على الحلفاء في معركة جنق قلعة.
وأضاف أردوغان قائلاً : “أجدّدُ باسمنا جميعًا اعتزامنا على العمل؛ من أجل تحقيق السلام والاستقرار والرفاه للعالم أجمع، أمام ذكرى مئات الآلاف من الشباب الأعزاء، الذين يرقدون في شبه الجزيرة الصغيرة هذه”.
وأردف الرئيس التركي قائلاً: “كل شاب سكب دماءه فوق هذا التراب، ليس ضيفنا فحسب، بل هو أحد أبناءنا، واليوم نحيي ذكرى جميع الجنود الذي فقدوا أرواحهم فوق هذا التراب، وأضرحتنا كافة ترمز لنصف مليون جندي فقدوا حياتهم هنا”.
حيث أشار أردوغان إلى أن شبه جزيرة غاليبولي؛ تعد أهم جبهات القتال في الحرب العالمية الأولى، مؤكداً بالقول: “قبل مئة عام وفي هذه الجبهة، سار مئات الآلاف من جنودنا نحو الموت دون أي تردد، للدفاع عن مقدساتهم، ووطنهم، وشرفهم، وفي الجهة المقابلة قاتل مئات الآلاف من الجنود من شعوب مختلفة جاؤوا من شتى أنحاء العالم، بشجاعة وعزيمة؛ من أجل حُلمهم وأهدافهم، وأستذكرهم كلهم بالرحمة والاحترام”.
كما أشار أردوغان إلى أن جنق قلعة؛ هي المكان الصائب لإعطاء رسالة سلام إلى العالم، معرباً عن شكره للزعماء وممثلي الدول – حضروا مراسم إحياء الذكرى المئوية لمعركة جنق قلعة – وذلك لمساهمتهم في إعطاء رسالة سلام قوية إلى العالم.
ووصل إلى ولاية جنق قلعة التركية، زعماء، ورؤساء، وممثلين من 100 دولة، ونحو 10 آلاف شخص من نيوزيلندا وأستراليا والدول الأخرى، للمشاركة في احتفالات اليوم الثاني، للذكرى المئوية لمعارك جنق قلعة إبان الحرب العالمية الأولى، التي تجري اليوم في منطقة غاليبولي.
وكان من بين المشاركين في الاحتفالية أمير قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، والرئيس العراقي “فؤاد معصوم”، والرئيس الأذري “إلهام علييف”، والرئيس الباكستاني “ممنون حسين”، إضافة إلى أمير ويلز “تشارلز” من المملكة المتحدة، وعدد كبير من رؤساء الوزراء، والوزراء ومسؤولين رفيعي المستوى من دول مختلفة.
وبدأت السلطات الأمنية التركية منذ أمس الخميس، في اتخاذ التدابير الأمنية المشددة في جنق قلعة، وشبه جزيرة غاليبولي التي ستجري فيها الفعاليات، من أجل تأمين وحماية الضيوف المشاركين وآلاف النيوزيلنديين والأستراليين (الدولتين المشاركتين في التحالف)، الذين وصلوا جنق قلعة أمس.
وبخصوص أحداث العام 1915 قال الرئيس التركي: “الاتحاد الأوروبي ينصحنا بفتح أرشيفاتنا لتقصي حقيقة أحداث العام 1915، وأنا طيلة عملي رئيسا للوزراء على مدار 12 عاما تقريبا، وعملي رئيسا للبلاد منذ ما يقرب من عام، لم أترك محفلا دوليا في الخارج أو اجتماعا شاركت فيه داخل تركيا، إلا وقلت وما زلت أقول إننا مستعدون تماما لفتح أرشيفاتنا، وكثيرا ما كررت أن لدينا ما يقرب من مليون وثيقة ومعلومة حول هذا الأمر. بل لو كان لدى أرمينيا أو غيرها من الدول وثائق أخرى حول الموضوع فليظهروها لنا لتقصيها، كما أننا أيضا مستعدون لفتح أرشيفاتنا العسكرية”.
وتابع “أردوغان” قائلا: “ نشعر بالحزن على ضحايا الأرمن في الحرب العالمية الأولى، بنفس قدر حزننا الشديد على نحو 4 مليون مسلم لقوا حتفهم أثناء هجرتهم من البلقان والقوقاز والمنطقة المجاورة، إلى منطقة الأناضول.”
جدير بالذكر أن منطقة غاليبولي شهدت معارك جنق قلعة عام 1915 بين الدولة العثمانية والحلفاء، حيث حاولت قوات بريطانية، وفرنسية، ونيوزلندية، وأسترالية بمحاولة احتلال إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، وباءت المحاولة بالفشل، وكلفت تلك المعارك الدولة العثمانية أكثر من 250 ألف شهيد، فيما تكبدت القوات الغازية بنفس ذلك العدد تقريبًا، وخاصة قوات الأنزاك، وهي قوة عسكرية أسترالية، تشكَّلت في مصر إبان الحرب العالمية الأولى، وشاركت مع قوات الحلفاء الأخرى في اجتياح شبه جزيرة غاليبولي في 25 نيسان/ أبريل عام 1915م.