ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
أعلنت المملكة العربية السعودية انتهاء عمليتها العسكرية باليمن بعد شهر من انطلاقها، وانطلاق مرحلة جديدة أطلقت عليها “إعادة الأمل”، حيث ارتأت الرياض وجوب التركيز على “مقاومة الإرهاب والبحث عن حل سياسي” يلي موجة القصف التي استهدفت الحوثيين ووحدات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
من جهته أشار الجنرال أحمد الساري الناطق الرسمي باسم قوات التحالف التي تقودها المملكة، عن مواصلة الحيلولة دون تحرك الميليشيات أو استعادتها لعملياتها داخل اليمن مما يحيل على إمكانية استمرار القصف الجوي، في حين أعلن أحد الدبلوماسيين الغربيين في الرياض عن نهاية المرحلة العسكرية، مؤذنًا بقرب انطلاق المفاوضات السياسية.
هذا وقد سارع الشق المناوئ للحوثيين عن اعتبار ذلك انتصارًا، الأمر الذي أشار إليه وزير الدفاع السعودي مؤكدًا على نجاح الضربات الجوية في القضاء على كل ما من شأنه أن يهدد أمن المملكة والدول المجاورة لها، أما علي عبد الله صالح، اللاجئ في الرياض، فتعهد بالانتصار والعودة قريبًا إلى “أرض الوطن، إلى عدن وصنعاء”.
وعلى الصعيد الإعلامي، نشرت صحيفة الشرق الأوسط التي تمتلكها عائلة الملك سلمان ما اعتبرته إنجازات عاصفة الحزم من تدمير لمنصات إطلاق الصواريخ البالستية والأسلحة الثقيلة المضبوطة في مستودعات الجيش، مشيرة إلى تصدر كل من الرئيس هادي والجنرال عبد الرحمن الحليلي، زعيم المنطقة الشرقية، المشهد الحالي.
رضا المملكة العربية السعودية
ينوه رئيس تحرير الشرق الأوسط سلمان الدوسري إلى علامات أخرى تثبت نجاح المملكة العربية السعودية في إضعاف المعارضة، وهي مساندة المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه علي عبد الله صالح لقرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة بحمل الحوثيين على الانسحاب من الأراضي التي نجحوا في بسط نفوذهم عليها، معتبرًا أن التحالف قد نجح في تحقيق أهدافه بأقل ما يمكن من الخسائر على الصعيد العسكري من ناحية وعلى مستوى السكان اليمنيين من ناحية أخرى.
ومن جهة أخرى خلفت بوادر الرضا السعودي حيرة لدى الدبلوماسيين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، حيث كان ممثل المملكة هناك قد قابل نداء بان كي مون بوقف النار بالقبول الجزئي، مشيرًا إلى رغبته في إنهاء عاجل للعمليات ومعلنًا عن وجوب الالتزام بالشروط المدرجة في القرار.
لكنه، وعكس ما نص عليه القرار الأممي، لم يبد المقاتلون اليزيديون أي نية في الجلاء عن صنعاء وتعز ولا حتى عدن التي شهدت أعتى مواجهاتهم مع القوات الموالية للرئيس هادي، حيث نفى عبد الحق الحوثي زعيم المتمردين اعتزامهم التراجع، مشددًا على بقاء الحوثيين أينما كانوا، مما ينبئ بتواصل لا نهائي للمواجهات.
خسائر بشرية ثقيلة
ساهم التدخل العسكري السعودي في تأجيج الأزمة الإنسانية باليمن ودفعها إلى ذروتها، إذ أشارت الأمم المتحدة مؤخرًا إلى الخسائر البشرية الفادحة التي تشير إلى قرابة الألف قتيل وأكثر من 3 آلاف جريح، علاوة على الأوضاع الكارثية التي يعيشها المواطنون من نقص في المياه والغذاء والأدوية والكهرباء، هذا وقد شهد الثلاثاء الماضي استهداف غارتين لقاعدة أمنية وسط البلد أودت بقرابة 40 شخصًا معظمهم مدنيون.
هذا وتبدو المملكة العربية السعودية حريصة على اللجوء إلى حل دبلوماسي وعيًا منها بصعوبة نجاح الاجتياح البري واستنادًا إلى ثلاثة مستجدات كبرى تتمثل في امتناع روسيا عن التصويت على القرار 2216، التعيين الوشيك للموريتاني إسماعيل الشيخ أحمد مبعوثًا أمميًا باليمن مما يمكن أن يؤدي إلى تعويضه للأمم المتحدة في المفاوضات على إثر سلفه المغربي جمال بن عمر الذي فقد ثقة الرياض، وترقية رئيس الوزراء الحالي خالد بحاح إلى منصب نائب الرئيس.
يُذكر أن محمد بحاح هو أصيل محافظة حضرموت شرقي البلد ويحظى بالعديد من العلاقات علاوة على تقلده السابق لمنصب سفير الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعل منه سياسيًا ماهرًا وشخصية توافقية، كما تم تعيينه على رأس الحكومة سنة 2014 على خلفية الاتفاق الذي جمع بين الرئيس هادي والحوثيين في يناير، بدعم وتأكيد من المؤتمر الشعبي العام، قبل أن يضعه الحوثيون قيد الإقامة الجبرية بعد أن تمكن هادي من الفرار لينجح بعدها في التفاوض ونيل حريته.
وفي تعليق له على تعيين خالد بحاح، صرح أحد الدبلوماسيين الغربيين “نحن نعتبره ورقة رابحة خاصة مع الإرهاق الذي لحق الرئيس هادي وتعرض عائلته للمضايقة من قِبل الحوثيين، سيشهد دور البحاح تطورًا مستمرًا فهو يتمتع ببعد النظر وقوة الشخصية والعزيمة، غير أن ذلك ليس بكاف نظرًا لتردي الأوضاع”.
وكان قد تم الإعلان عن وقف المواجهات صباح الأربعاء في عدة مدن مثل عدن وتعز حيث سيطر الحوثيون على إحدى الألوية التابعة للنظام في حين تعهدت القوات التابعة لهادي ليلة الثلاثاء بمواصلة قتال الميليشيات الزيدية، هذا وأبدى أحد الدبلوماسيين في الأمم المتحدة تشاؤمه إزاء الأوضاع المتقلبة، مصرحًا “يمكن للسعوديين وقف الغارات من جهة والاستمرار في تسليح الحوثيين من جهة أخرى كما فعلوا في الماضي”.
المصدر: لوموند