شن سلاح الجو الإسرائيلي غارات على منصات صاروخية تابعة للنظام السوري وحزب الله اللبناني في جبال القلمون شمالي العاصمة السورية دمشق، أسفر هذا القصف الإسرائيلي عن وقوع قتلى وجرحى، قالت عنهم وسائل الإعلام الإسرائيلية إنهم مسلحون حاولوا استهداف الحدود مع الجولان، كذلك أكدت أن منصات الصواريخ هذه تستهدف استخدامها ضد إسرائيل على الحدود السورية اللبنانية.
هذه ليست الغارة الإسرائيلية الأولى في الأيام الماضية، فقد شنت طائرات إسرائيلية غارات منذ يومين على مواقع تابعة أيضًا لحزب الله اللبناني دون وقوع أي خسائر من جانب حزب الله، وفي السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مصدر عسكري إسرائيلي أن أربعة ممن وصفهم بـ” الإرهابيين المسلحين” زرعوا عبوة ناسفة على سياج قرب قرية مجدل شمس، قبل أن تستهدفهم طائرة إسرائيلية وتقتلهم.
فيما تحدثت القناة العاشرة الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي رفع درجة التأهب على الحدود مع سوريا على خلفية هذا الحادث، وتأتي هذه العملية بعد ورود من أنباء إعلامية تحدثت عن تنفيذ إسرائيل غارة جوية في منطقة القلمون لإحباط مخطط كان يسعى لمهاجمة أهداف إسرائيلية في الجولان، وهي غارة لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها حتى الآن.
الأمر نفسه شهدته الحدود مع لبنان، حيث شهدت مزارع شبعا المحتلة وقرية الغجر الواقعة على الحدود اللبنانية حركة نشطة لقوات من الجيش الإسرائيلي، وذلك عقب غارة إسرائيلية استهدفت الليلة الماضية مسلحين على خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل، وصرحت بذلك إذاعة الجيش الإسرائيلي، وأكدت أن الجيش في حالة تأهب كامل على الحدود الشمالية خاصة منطقة الجولان المحتل، على خلفية “إفشال تنفيذ عملية” على الحدود السورية بمنطقة الجولان المحتل.
إسرائيل نفذت عمليات أخرى العام الماضي بنفس الصورة ورفضت نفي أو تأكيد هذا الأمر، إذ اتهم النظام السوري إسرائيل بشن غارتين على منطقتين قرب العاصمة دمشق في أواخر العام 2014، كما ندد النظام السوري بما اعتبره “دعمًا مباشرًا إسرائيليًا للمعارضة التي تحارب النظام”.
فيما أكد وزير الاستخبارات الإسرائيلي حينها يوفال شتاينيتز، أن إسرائيل لديها سياسة دفاع صارمة تهدف قدر الإمكان إلى منع نقل أسلحة متطورة إلى منظمات وصفها بالإرهابية في لبنان، في إشارة منه إلى حزب الله اللبناني الذي يُقاتل إلى جانب قوات النظام السوري.
إسرائيل تواصل استغلال الفرصة جيدًا لتأمين حدودها مع سوريا ولبنان منذ اندلاع الثورة السورية، فنظام الأسد عاجز عن الرد تمامًا وكلما تحين الفرصة لدى إسرائيل لتدمير أسلحة أو بنى تحتية تعتقد أنها قد تشكل خطرًا على إسرائيل في المستقبل من أي طرف، فإنها لا تردد في تدميرها، خشية أن تقع بعد ذلك في إيدي معارضة إسلامية سورية.
كما أن الفرصة مواتية للغاية أيضًا لتدمير البنى التحتية لحزب الله اللبناني عن طريق استهداف قواته ومنصات صواريخ تابعة له أو البنى التحتية للحزب، خاصة مع إنشغاله بجانب النظام السوري في القتال ضد المعارضة السورية، وهو ما أنهك قدرات الحزب وأفقده شعبية كبيرة، استفادت من ذلك إسرائيل تمام الاستفادة.
وعن إمكانية الرد على تلك الهجمات الإسرائيلية المتكررة فإن الأمر احتمالياته ضعيفة للغاية، فالنظام السوري لا يقوى الآن على مجابهة المعارضة، فضلاً عن فتح جبهة على الحدود مع إسرائيل التي تمتلك سلاح جو قد يفقد نظام الأسد توازنه العسكري تمامًا لصالح المعارضة، لهذا يتجنب النظام السوري الدخول في أي معارك جانبية مع إسرائيل، حيث يرى الأسد أن معركته الآن ليست سوى أمام الثورة السورية المسلحة.
لكن من جهة حزب الله لا تستبعد إسرائيل قيام حزب الله بالرد على تصفية الحسابات التي تمارسها إسرائيل معه أثناء انشغاله بالقتال أمام المعارضة السورية بجانب نظام الأسد، فإسرائيل تعلم جيدًا قدرة حزب الله على تنفيذ عمليات ضد جنود إسرائيلين سواء على الحدود مع لبنان أو سوريا لذلك فالاستنفار هو سمة القوات الإسرائيلية على الحدود دائمًا.
فيما حذرت إسرائيل سابقًا من السماح بشن هجمات على إسرائيل من سوريا أو لبنان، كرد انتقامي على الغارة الجوية التي نفذها الطيران الإسرائيلي في السابق على مدينة القنيطرة السورية، وأسفرت عن مقتل جنرال إيراني وستة من عناصر حزب الله اللبناني، في ظل تخوفات إسرائيلية من عجز النظام السوري على الرد أو حزب الله، فسيضطرهم ذلك إلى فتح الحدود أمام معارضين إسلاميين لمهاجمة إسرائيل عبر حدود سوريا ولبنان.
إسرائيل بهذا تعمل على منع تزويد حزب الله أثناء هذه الفوضى بأسلحة متطورة قد يستخدمها في اعتداء لاحق على إسرائيل، فالنظر إلى الأهداف الإسرائيلية المستهدفة على مدار الأعوام الماضية، نجدها استهداف لعناصر إيرانية متواجدة على الأراضي السورية، كذلك منصات صواريخ مقدمة من إيران كانت في طريقها لحزب الله اللبناني عبر سوريا، كذلك تمت مهاجمته مخازن صواريخ الفاتح – 110 التي تُنقل من إيران إلى حزب الله.
فنظرة إسرائيل إلى الفوضى في سوريا أن كل من إيران وحزب الله يستغلان انشغال المجتمع الدولي بقتال الأسد والمعارضة السورية الذي يخطف الأنظار عن بناء ترسانة أسلحة متقدمة مضادة للطائرات، وهو ما لا تتردد إسرائيل في التدخل لمنعه دون أي رادع، باختراق الأجواء السورية أو اللبنانية وتوجيه ضربات مباشرة لما تراه خطرًا عليها، في ظل صمت من النظام السوري الذي يدين على استحياء ويحتفظ لنفسه بحق الرد دونما أن يقدر عليه، ليستمر مسلسل استغلال إسرائيل للثورة السورية للتنكيل بنظام الأسد وحليفه حزب الله.