ضرب زلزال بقوة 7.9 درجة السبت الماضي دولة نيبال، ما تسبب في خسائر فادحة في الأرواح والمباني، يعد هذا الزلزال الأقوى الذي تشهده نيبال منذ زلزال عام 1934 إذ بلغت قوته 8.1 درجات وتسبب في مقتل نحو عشرة آلاف آنذاك، كما يذكر أن دولة نيبال تقع في نطاق حزام الزلازل، حيث شهدت العاصمة النيبالية” كتماندو” خمسة زلازل عنيفة خلال القرنين الماضيين أودت بحياة الآلاف، بينما قالت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، إن قوة الزلزال الذى ضرب نيبال تعادل قوة 20 قنبلة ذرية.
الزلزال خلف نحو أكثر من 4000 قتيل مع توقعات بتضاعف الأعداد، كما قُتل 18 شخصًا جراء أكثر من مائة هزة ارتدادية حدثت يوم الأحد اليوم التالي للزلزال، ما أدى إلى العديد من الانهيارات الثلجية في قمة إيفرست.
وما زاد من الآثار المدمرة هو قرب مركز الزلزال من نيبال، كما أنه زلزال سطحي، حيث كان على بعد ما بين 10 إلى 15 كيلو متر تحت سطح الأرض، بما يعنى أن الشعور بالهزة كانت أقوى بكثير، ففي الزلازل العميقة تمتص الأرض قوة الاهتزاز.
وعادةً ما يتبعه عدد من الهزات الارتدادية، والتى تميل إلى انخفاض قوتها ومعدلها بمرور الوقت، ويمكن الشعور بها على بعد مئات الأميال، أحد هذه التوابع حدث بعد ساعة واحدة فقط من الزلزال الرئيسى وكانت قوته 6.6 درجة.
فيما أعلنت الأمم المتحدة أن ثمانية ملايين شخص تضرروا جراء هذا الزلزال، كما أن نحو ثمانية آلاف جريح أصيبوا في حوادث ناجمة عن الزلزال بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المشردين، في حين تتواصل عمليات الإغاثة الحكومية والأهلية، أضافت الأمم المتحدة في تقرير صادر نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الزلزال الذي ضرب نيبال أثر على حياة ثمانية ملايين شخص من أصل 28 مليون نسمة، كذلك أشار التقرير إلى أن أكثر من 1.5 مليون إنسان يحتاجون إلى مأوى ومواد غذائية ومياه صالحة للشرب.
وعن الجانب الإغاثي الضعيف للغاية في دولة نيبال التي تعاني من الفقر وضعف الخدمات الحكومية، فقد وجهت الحكومة دعوات إلى الأمم المتحدة ودول العالم لإرسال هيئات إغاثية، وطواقم طبية لنجدة الشعب النيبالي المنكوب.
الحكومة النبالية تتخوف من عدم وجود إمكانيات كافية لديها لمنع انتشار الأوبئة بين النازحين، خاصةً مع عدم توافر أي أماكن لجوء، سوى المنتزهات والحدائق العامة، حيث صرح الناطق باسم الجيش للصحفيين بأنه من المهم الحيلولة دون وقوع كارثة جديدة عبر أخذ الاحتياطات لتجنب انتشار أوبئة بين الناجين، كما أضافت الحكومة أنها لا تستطيع أن تقوم بجهود إغاثية في عدة مناطق في نفس الوقت بسبب النقص الحاد بالعتاد وخبراء الإنقاذ.
هذا وقد علقت جريدة الجارديان البريطانية على حاجة نيبال إلى جهود إغاثية بقولها أن نيبال لا تحتاج إلى متطوعين فحسب، بل تحتاج إلى متطوعين مهرة، ويجب أن يقدم العالم معونات لها يمكن الاستفادة منها من حيث مجهودات الإغاثة، إذ أن هناك ضرورات لمن أراد تقديم المساعدة خاصةً وأن الوضع يزداد سوءً بالأسابيع التالية للكارثة حيث تمتلئ المستشفيات بالضحايا وتشح اللوازم الأساسية وتزداد الأمراض بين الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة، في غياب قدرة الحكومة النيبالية على مواجهة كل ذلك في آنٍ واحد.
فيما أرسلت عدة دول مجاورة كالهند والصين فرق إنقاذ متخصصة وتعهدت بالمساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال، هذا وعانت هذه الطواقم المدربة على الإغاثة الإنسانية على الأرض من صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة لتقييم الأضرار والاحتياجات التي تنذر بأنها ستكون ضخمة، حيث لم تتمكن فرق البحث والإنقاذ من الوصول للعديد من المناطق السكنية القريبة من مركز الزلزال بسبب التشققات والانهيارات التي تعرضت لها الطرق المؤدية إليها، ويتخوف المسؤولون من ارتفاع عدد القتلى لعدم التمكن من الوصول لتلك الأماكن لتقديم الإغاثة اللازمة.
وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس الوزراء نيبال أن الوصول إلى المناطق الريفية يشكل أكبر تحد أمام طواقم الانقاذ في عمليات الإغاثة، حيث أن هذه المناطق هي الأكثر تضررًا والأكثر فقرًا في الخدمات في آنٍ واحد، مشيرًا إلى أن المناشدات لطلب المساعدة تأتي من كل مكان، والشرطة النيبالية تقوم بأقصى طاقتها للقيام بإنقاذ أكبر عدد من الناجين في هذه المناطق.
هذا وقد أكد المتحدث باسم منظمة “اليوينيسيف” -كريستوفر تيدي- أن أكثر من مليون طفل معرضون لأمراض معدية ومياه ملوثة تهدد حياتهم حيث ينام الأطفال النيباليون دون ملاجئ في العراء، وقد أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة شروعه بعمليات إغاثة على نطاق واسع في نيبال، وقد وصلت أول طائرة إغاثية تابعة للأمم المتحدة صباح اليوم.
وفي مطار “كاتماندو” الذي يشهد شللًا تامًا، حيث يحاول المسافرون مغادرة البلاد خاصةً من السياح، في الوقت نفسه تنتظر فيه رحلات المساعدات وفرق الإنقاذ للهبوط بالمساعدات الإنسانية، وقد صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الهندية، في تغريدة على موقع تويتر، بقوله إن أربع طائرات تابعة لسلاح الجو الهندي اضطرت للعودة إلى مطار دلهي الدولي بعدما وجدت ازدحامًا شديدًا في مطار العاصمة النيبالية.
هذا الزلزال تسبب في أضرار جسيمة خاصةً على السياحة النيبالية التي تعتبر أحد أبرز مصادر الدخل القومي لهذه البلاد الفقيرة، إذ نقلت وكالة رويترز أن برج “داراهارا” التاريخى الذى يعود إلى القرن التاسع عشر الواقع انهار فى “كتماندو” عاصمة نيبال بعد الهزة الأولى العنيفة من الزلزال، ويرجع بناء هذا البرج إلى عام 1832 ، وهو يعد أحد المعالم التاريخية في البلاد، المفتوح للسياح خلال السنوات العشر الماضية، هذا وتجدد السلطات النيبالية ندائها الدولي بسرعة الاستجابة لهذه الكارثة التي حلت بالبلاد.