لهذا سأعقد في هذا المقال بعض المقارنات البسيطة جداً التي تسلط الضوء على هذه المشكلة الضخمة وأطرح بعدها بعض التساؤلات حول هذه المقارنات الرقمية في محاولة لفهم أسباب المشكلة ومحاولة وضع حل لها، وإليكم المقارنات:
وجه المقارنة
عدد سكان أمريكا : 315 مليون بينما عدد سكان مصر 90 مليون
عدد الموظفين الحكوميين في أمريكا: 4.4 مليون بينما عددهم في مصر 7 ملايين(*)
في أمريكا هناك موظف لكل 71.6 مواطن أما في مصر موظف لكل 12.8 مواطن
متوسط راتب الموضف الحكومي الأمريكي أسبوعياً: 1604 دولار (**) أما متوسط الدخل الأسبوعي للموظف الحكومي المصري 455 جنيهاً
(*) تعداد الموظفين حسب آخر أرقام رسمية في مصر كان في عام 2011
(**) وفقاً لسعر العملة يكون راتب الموظف الأمريكي 11250 جنيهاً مصرياً (إسبوعياً)
وبمجرد مشاهدة هذه الأرقام يتضح فوراً أن هناك خللاً إدارياً فادحاً في منظومتنا الحكومية فيما يخص أعداد الموظفين الحكوميين ونسبتهم إلى المواطنين الذين يقوم هؤلاء الموظفين بخدمتهم ، فلو إعتبرنا أن أرقام الأمريكان هي الأرقام الأفضل فإننا وبحسبة بسيطة ستجد أنه يمكننا التخلي عن ما يقرب ال 5.7 مليون موظف حكومي ليكون هناك موظف واحد فقط لكل 71 مواطن لتكون النسبة بين الموظف الحكومي والمواطن مشابهة لنفس النسبة في أمريكا!
ولو إعتبرنا أن النظام في أمريكا شديد المثالية لأمكننا النظر لنفس النسبة في بلدين شديدي القرب “الأردن ولبنان” على سبيل المثال والتي تقترب من موظف حكومي واحد لكل 50 مواطن، أي أننا يجب علينا التخلي عن 5.2 مليون موظف حكومي إن أردنا الوصول لنفس النسبة الموجودة بالأردن أو لبنان!
هناك نظريات عديدة في الإدارة تفيد بأن هناك عدد معين من الموظفين يجب توفرهم لتأدية وظيفة ما، فإذا زاد عدد الموظفين عن هذا العدد يصبح لدى المنشأة طاقة وموارد مهدرة ناهيك عن تردي مستوى الخدمة المقدمة في النهاية لتواكل كل موظف على الآخر ناهيك أيضاً عن زيادة المدة التي يمكن فيها الإنتهاء من العمل لقضاء وقت أطول في التنسيق بين الموظفين، وهذا بالتحديد ما يحدث في مصر، لا يمكن لمصري أن يدخل مبنى مصلحة حكومية لتخليص بعض الأوراق دون أن يلعن اللحظة التي ولجت فيها قدماه عتبة هذه المصلحة لسوء الخدمة والمعاملة والزحام الشديد والروتين شديد التعقيد الذي لا يمكن لشارلوك هولمز نفسه فك طلاسمه.
نعود مرة أخرى للأزمة الحالية في أمريكا والتي سيتعين على الحكومة فيها التخلي عن 800 ألف موظف حكومي يؤدون وظائف غير أساسية ، بمعنى أن الوظائف التي تتعلق بالأمن القومي من أمن وصحة ونقل وقضاء لن تتوقف وإنما سيتم فقط إغلاق بعض المتاحف والمتنزهات العامة والمسارح وبعض المصالح الحكومية الأخرى، وهنا يجب أن نعود للوضع في مصر وطرح عدة تساؤلات , ما الداعي لوجود كل هذا الكم من الموظفين ؟! وماذا لو تخلينا عن 800 ألف وظيفة من الوظائف الحكومية كما تخلت عنها أمريكا لفترة؟! ، بالطبع ليس لدينا من الأساس متنزهات ومسارح ضخمة كمثيلاتها في أمريكا وسيتعين وقتها سحب موظفين حكوميين من الوزارات الأساسية فهل وقتها سيتوقف العمل؟! وهل لو حدث وتخلينا عن هذه الوظائف سيتم توفير سيولة ضخمة للخزانة العاملة للدولة ؟! أم أنه سيتم التضحية بصغار الموظفين الذين يقبضون مرتبات هزيلة جداً ويتم الإبقاء على الموظفين الكبار مما لن يشكل فائضاً في الخزانة؟! وهل كانت هناك حاجة من الأساس لتوظيف هؤلاء الموظفين الذين سيتم التخلي عنهم؟! وإن لم تكن هناك حاجة لتوظيفهم فلماذا تم توظيفهم من البداية؟! بعيداً عن كل المشاكل السياسية التي تحدث في مصر لكن الذي صار مؤكداً هو أن على أي حكومة قادمة أن تفكر جيداً في كيفية خلق دوائر خدمية جديدة يتم بها سحب ملايين الموظفين النائمين في مكاتبهم والإستفادة بهم .. لابد من حلول إبتكارية لا أعلم كيف سيأتون بها لكنهم ملزمين بذلك طالما أن إدارة البلاد سياسيا في أيديهم.