لم تكن الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة على الإرهاب، في أعقاب أحداث سبتمبر 2001، هي مجرد حرب حقيقة، بل كانت أكبر كذبة في التاريخ الأمريكي، ولم تكن إلا دعاية جديدة وحجة أكثر جاذبية للعالم للقضاء على الإسلام واحتلال أراضيه، فكيف تزعم أمريكا وهي راعية الإرهاب الأولى في العالم أنها تقوم بحرب على الإرهاب، ألم يسأل العالم نفسه عن الحروب والمجازر الوحشية التي شنتها إسرائيل برعاية أمريكية كاملة، وغيرها في كوريا وفيتنام واليابان، والكثير من العمليات القذرة التي قامت بها أمريكا سواء من خلالها جيشها أو مخابراتها.
كانت الحرب على الإرهاب الذي تمثّل في القاعدة وفروعها في العالم، ودعونا نتساءل من حوّل الإسلام السلفي المنطلق منذ نهاية الستينات في دول الخليج العربي، وبدأت أثاره في النفوذ إلى قلب العالم العربي (مصر) ومنها بدأ يتسلل إلى كثير من دول المشرق والمغرب؟ أليست أمريكا هي من حولته إلى الإسلام المسلح لإدارة الحرب مع الاتحاد السوفيتي السابق، كانت الحركة الجهادية رائعة ضد الروس القادمين نحو أرض الأفغان، ولكن الدعم الأمريكي حوّلها من حرب جهادية لتحرير بلد مسلم، إلى حرب بالوكالة عن أمريكا، ورغم ما خاضه المجاهدون من معارك، إلا أن أمريكا رفضت أن يُحسب هذا الانتصار للمجاهدين، وبدأت في إشعال الحرب بينهم، وبدأت حركة تنظيم قاعدة الجهاد في الانطلاق، وتحول بن لادن ورفاقه؛ من شباب مسلم ذهب للتصدي للهجمة الشيوعية على أفغانستان، إلى شباب يريد تطبيق نفس الفكرة على الأرض التي خرج منها، وعاد الشباب المسلم إلى بلاده حاملاً بذور فكرة العمل المسلح لإقامة دولة الإسلام، وأعلن بن لادن عن إنشاء تنظيم القاعدة، ليكون نواة لكل من يحمل الأفكار الجهادية في العالم، وبعدها نادى الظواهري بإنشاء الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والصليبين، وأعلنت عدد من التنظميات داخل الدول العربية والإسلامية بيعتها للتنظيم، وبدأت عمليات على مستوى العالم، كانت أكثرها شراسة عمليات 11 سبتمبر 2001 ونادت أمريكا بعدها بالحرب على الإرهاب، ومن تاريخه اتخذتها أمريكا كذريعة للحرب ضد أفغانستان والعراق وضد كل من يحمل الإسلام، وأصبح كل مسلم متهم في العالم بأنه مشروع إرهابي، وضغطت أمريكا على كل دول العالم لتسليم من لديها من مطلوبين، وفتحت مراكز الاعتقال والتعذيب في دول كثيرة، وانتهكت حقوق الإنسان في سبيل الحرب على الإرهاب، وكانت التصرفات الأمريكية أوجدت عقيدة لدى الشباب المسلم بأنهم سبب بلاء الأمة، ودخل الشباب المسلم في دول كثيرة إلى تنظميات مناهضة للأنظمة العربية والإسلامية، وبالطبع مناهضة للتوجه الأمريكي في المنطقة، وسؤالي هل أتت الحرب الكاذبة على الإرهاب ثمارها؟
بالطبع إجابة السؤال لا!! ومشاهدة المسرح العالمي تقول بإن هذه الحرب فاشلة، بل قد أعطت لممارسي العمل المسلح فرصة وذريعة قوية لاستمرار مشروعهم الفكري.
دعونا نتكلم بصدق، كان الربيع العربي الفرصة الكبرى للقضاء على الإرهاب وترك الشارع العربي يمارس حريته ويختار حكامه، وكانت خيارات العمل المسلح ستسقط تباعًا، لأن الحرية هي المفتاح الحقيقي للحرب على فكر مخالف للثوابت السماوية والبشرية، لو تُرك للجماهير اختيار من يحكمها لكانت هي من تصدي للإرهاب، ولكن الثورات المضادة لم ترحم الشعوب، ولم تعطها فرصة لكي تمارس حريتها، حتى لو كان الاختيار جماعات تنتمي إلى التيار الإسلامي، هذه التيارات لها مشروعها الفكري ومن حقها أن تصل إلى الحكم، وكانت بوصولها السلمي هذا سترفع الغطاء الشرعي والفكري عن الجماعات التي تحمل السلاح وهذا حدث بالفعل، ولو سقطت في تجربتها لأعطت الشعوب مبررًا لعدم اختيارها مرة أخري، إن العمل المسلح شهد انتعاشة غير عادية بعد سقوط إخوان مصر – أيا كانت الظروف – وذلك للتأكيد على أن مشروع الإسلام المعتدل الذي سعت إليه أمريكا فشل، وأن الكلمة للسلاح، وما تنضح به وسائل التواصل الاجتماعي من حشد غير مسبوق للفكرة المسلحة ما هو إلا نتيجة للسياسات التي مارستها الثورات المضادة داخل بلاد الربيع العربي، والذي انعكس بدوره على كل الفكر الإسلامي المنتشر فوق المعمورة.
لا أُحمّل الإخوان الظهور القوي لتنظميات العمل المسلح بقدر ما أحملهم فشل مشروعهم الفكري، الذي لم يستطع الصمود في وجه معارضيه، ولا ينطق فلان ويقول الريح كانت أكبر منهم، وأقول إن كنت تعرف أن عدوك أقوى منك، فلماذا تدخل معه في حرب من البداية.
ها نحمل اليوم هم جديد في تاريخ الأمة من أننا نحمل دين يحمل بين طياته مشروع الإرهاب، وليس الدين المتهم بالطبع ولكن من حمل أمانة الدين ومن تصدى للتحدث باسم الدين، فلم يفهم سيرة النبي العدنان وسيرة الصحابة وتطبيق النتاج الحضاري لهذه الأمة الإسلامية العريقة.
إن الحديث عن كذبة الحرب على الإرهاب لا يختلف عليه اثنان، فقد فشلت الحرب في سيناء، وفي عدة ليال، حصد الموت عشرات القتلى والمصابين، رغم أن البرنامج الانتخابي قائم على فكرة هذه الحرب، واستدعينا الفشل الأمريكي في هذه الحرب وقدمنا الحلول الأمنية على الفكرية والنهضوية وكان أولى بالقائمين على الأمر أن يذرعوا بذور النهضة والصناعة بدلاً من إلقاء الصواريخ على أسر آمنة، لكي تكون منبع آخر من منابع العنف المسلح.
إن أمريكا دخلت العراق زاعمة أنه للقضاء على الإرهاب فتولد العنف عشرات وأصبحت التنظيمات عشرات، ودخلت إيران وراء الأمريكيين بغرض القضاء على السنة ولتشعل عنف مسلح لا ينقضي قبل أن تقضي هذه الأمة – نسأل الله السلامة -.
هكذا كانت الحرب الزائفة التي تزعمتها راعية الإرهاب في العالم، ومن ورائها أصبحت كل الدول التي هي مصدر إرهاب ترفع شعار الحرب على الارهاب، ولست مازحًا إن قلت إني أنتظر انتصار الإرهاب.