ترجمة وتحرير نون بوست
في السنوات القليلة الماضية، أصبح تغيير طريقة التعليم النظامي أخيرًا موضوعًا رئيسيًا للمناقشة، ونحن حين نتناقش ونتحدث عن الحاجة والسبل الممكنة لتحويل تركيز التعليم إلى رعاية الاستقلالية، والإبداع، والتعاون، والمهارات الحياتية الأخرى لدى أطفالنا من خلال التغييرات في المناهج الدراسية، يتعين علينا أيضًا أن ننظر ونناقش المساحات المادية التي يدرس فيها أطفالنا، وكيف يمكن لهذه المساحات أن تساعد أو تعيق هذا التغييرات المنشودة.
روضة فوجي والتي تقع في طوكيو باليابان، هي مثال رائع على الدمج ما بين المبادئ التربوية الجديدة مع التصاميم المبتكرة للهندسة المعمارية، حيث تم تصميم الروضة من قِبل الزوجين يوي وتاكاهارو تيزوكا من شركة تيزوكا المعمارية، وهي مؤلفة من فسحة كبيرة وبناء المفتوح يمتد على مساحة 1304 متر مربع، وقد تم تصميم المبنى لصالح روضة أطفال مونتيسوري وهي قادرة على استعياب أكثر من 500 طفل، وبذلك تعتبر روضة الأطفال الأكبر في اليابان.
جانب من داخل الروضة
تم تصميم الروضة بشكل بيضاوي بمحيط يبلغ 183 مترًا، وعلى امتداد هذا المحيط تتوضع الفصول الدراسية التي لا تحتوي على أبواب أو جدران ثابتة، كما تم تصميم البناء ضمن فسحة تحتوي أشجارًا، لذا فإن الأشجار تنمو داخل فناء البناء، ويستطيع الأطفال الركض طوال اليوم في سقفية البناء المسطحة الواسعة المغطاة بشكل كامل بالأرضيات المطاطية، يتميز البناء بعدم وجود مقدمة أو مؤخرة له، كما لا توجد له بداية أو نهاية، حيث يندمج داخل البناء مع الخارج بشكل سلس ورائع، وهذا التصميم يزيد من مساحة اللعب الآمنة وغير المقيدة بذات الوقت، حيث تعمل الجدارن وفواصل البناء القابلة للتركيب والإزالة على فتح مساحة الروضة لمدة ثمانية أشهر في السنة.
التصميم الجميل للروضة الذي يسمح للأشجار بالنمو داخلها
المساحة الكبيرة التي تتمتع بها هذه الروضة تزود الأطفال بحرية التنقل، وتعمق من إحساسهم وشعورهم الاجتماعي، وفصول الروضة الدراسية غير مرتبة وفق تسلسل هرمي تقليدي، فالشكل الدائري يسمح لجميع الأطفال بالجلوس ضمن مستوى واحد، فلا يوجد طلاب يجلسون في مقدمة الفصل وآخرون في مؤخرته.
الجدران المتحركة المتوضعة بشكل دائري للمبنى
كما يتميز النظام التعليمي في الروضة بأنه مفتوح وغير مقيد، فإذا لم يحب الطفل فصل معين، يمكنه الانتقال ببساطة إلى فصل آخر متى يشاء، فضلًا عن أن التصميم المفتوح يتيح تسرب كمية ملائمة ومحسوبة من الضوضاء إلى خلفية الصفوف الدراسية، فكما يقول المهندسون المعماريون، وعلى عكس ما يظنه معظم الأشخاص، الأطفال يفقدون تركيزهم عندما يكون الجو هادئًا جدًا، لذا تم تصميم الفصول الدراسية لإتاحة تسرب بعض الضوضاء من الخارج إليها.
المساحة العلوية في المبنى التي تعد أحد أهم مميزاته
يقول المهندس المصمم تاكاهارو تيزوكا: “وجدنا أن الأطفال يحبون اللعب ضمن دوائر، فإذا لاحظنا الطريقة التي يلعب بها طفلان دون سن السادسة، سنلاحظ أنهما سيصنعان دوائرًا دون توقف، يبدو أن هذه غريزة طبيعة طفولية من نوع ما، تمامًا كغريزة الجرو الصغير الذي يحاول اللحاق بذيله، لذلك، صممنا الروضة بشكل دائري حتى يحافظ الأطفال على ميولهم للركض بهذه الطريقة”.
في الواقع، عمل المهندسون المعماريون فعلًا على رصد تحركات الأطفال لمدة معينة من الزمن قبل تصميم البناء، وتبين لهم أنه بدون تنظيم نشاط الأطفال، فإنهم يميلون إلى الركض لمسافة وسطية تبلغ ستة كيلومترات كل صباح، وهذا ما حفز لديهم فكرة بناء هذه المساحات الكبيرة.
أخيرًا، تم تصميم سقف البناء الواسع بشكل مائل باتجاه الداخل، وبارتفاع يبلغ 2.5 متر ويطل على الساحة الداخلية للبناء، وبهذا الشكل يصبح هذا السقف -بالإضافة إلى كونه ملعبًا للأطفال -، منصة لجلوس أكثر من 600 طفل في الصف الأمامي لمشاهدة العروض أو غيرها من الأحداث التي تجري ضمن الساحة المركزية المغلقة للروضة.
التصميم الاستثنائي والمبدع لسقف المبنى بحيث يصبح استاد دائري لمتابعة العروض
المصدر: بيغ ثينك