ترجمة وتحرير نون بوست
ردود فعل الأشخاص حول تشخيصي بسرطان الثدي في عام 2003، وبعدها تشخيصي بسرطان القولون في عام 2004، مازالت عالقة في ذاكرتي أكثر مما كنت أتوقع، آخذين بعين الاعتبار صدمتي المفجعة في ذاك الوقت، بعض الأشخاص ظهروا محرجين وغير مرتاحين، لذا جروا بعيدًا عني بأسرع طريقة تسمح بها أصول اللباقة، والبعض الآخر فتحوا لي أحضانهم في محاولة منهم لمحاكاة حزني، أما الباقين – وهم أساسًا عائلتي وأصدقائي المقربين – فقد كان وجودهم الهاديء بجانبي صخرة خلاصي طوال الأشهر التي تلت تشخيصي بالمرض.
مرض السرطان كان شيئًا لا يتم التحدث عنه مطلقًا بالعلن، ففي جيل والديّ، كانت التفوه بكلمة “السرطان” يتم بصمت أو بهمس خافت، كما لو أن المجاهرة بهذا اللفظ قد يجذب انتباه المرض إلى الشخص الذي ينطق به، ولكن في وقتنا الحاضر، أصبحت كلمة “مرض السرطان” تخرج إلى العلن بشكل صارخ، كالحملة الإعلانية الحديثة التي يقوم بها معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، والتي يعلن فيها حربًا مفتوحة على شكل صرخة معركة تحت عنوان “مرض السرطان، نحن في طريقنا للقضاء عليك”.
لست متأكدة فيما إذا كان الانتشار الهائل للمعلومات حول مرض السرطان هو الذي يؤدي إلى زيادة الوعي الحالي حول هذا المرض، وتغيير المواقف الاجتماعية تجاه مناقشته، أو ما إذا كان زيادة عدد الحالات المصابة به إلى درجة كبيرة هو الذي ساهم في تأسيس هذا الواقع الجديد، لكن وفي كلتا الحالتين، جميعنا نعرف، بطريقة أو بأخرى، شخصًا قد أصيب بهذا المرض.
من الصعب معرفة ماذا يمكن أن نقول للشخص الذي يمر بالحدث المؤلم والصادم والمحوّل لمجرى الحياة، مثل التشخيص بمرض السرطان، فالناس غالبًا ما تقلق وتتخوف من التعامل بشكل خاطئ مع هؤلاء المرضى، ورغم أن لا شيء يمكن أن يقوله أي إنسان قد يجعل من الوضع أقل سوءًا بالنسبة لمن يعاني من السرطان، بيد أن التصرف بشكل طبيعي يمكن أن يحدث فرقًا إيجابيًا، فإحدى صديقاتي المقربات على سبيل المثال، قالت لي ببساطة إنها لا تعرف ماذا ستقول، والأمر كان جيدًا على هذا النحو، وظلت إلى جانبي طوال مدة محنتي، وهذا هو ما يهم حقًا على أرض الواقع، فليس هنالك من شك في أن التواصل البشري الحقيقي يمكن أن يكون في غاية الأهمية في أوقات الأزمات.
لذلك، إليكم قائمتي بما يجب عليكم فعله وما يجب عليكم تجنبه عندما تتعاملون مع شخص مصاب بالسرطان:
1- اذهب لتزور مريض السرطان شخصيًا – إلا إذا كنت تعيش على الجانب الآخر من العالم – بدلًا من إرسال رسالة أو التحدث على الهاتف، فالإمساك بيد المريض وحملها بين يديك يمكن أن يكون تصرفًا مريحًا جدًا، إذا تم تنفيذه بشكل عفوي ودون تكلف وارتباك، وهذا التصرف هو أحد التصرفات العديدة الجيدة التي لا يمكن القيام بها في حال عدم لقائك شخصيًا مع المريض.
2- اعرض على المريض المساعدة العملية، مثل رعاية الأطفال، أو القيام بطبخ وجبات الطعام، أو إيصاله إلى مواعيد العلاج، أو جلب قائمة التسوق الخاصة به، أو العناية بحديقة منزله، أو حتى اعرض عليه مجرد وضع سلة القمامة خارج المنزل، فهناك الكثير من الأشياء الصغيرة التي قد لا تخطر على ذهنك والقادرة على أن تحدث فارقًا إيجابيًا كبيرًا في حياة المريض، بالنسبة لي، كان قيام أحد الجيران بأخذ الكلب في نزهة صغيرة كل يوم، عونًا كبيرًا وحقيقيًا.
3- تصرف على طبيعتك، عانق الشخص أو قبّله إذا كنت من الأشخاص المتعودين على العناق، ولكن لا تقم بذلك إذا لم تكن متعودًا لمجرد أنك تشعر أن هذا التصرف قد يكون متوقعًا، لأن مقاومتك الفطرية ستقف في طريقك.
4- قم بالخروج بنزهة سير مع المريض، وعلى الرغم من غرابة هذا الاقتراح، إلا أن قيام شقيقتي بالمشي إلى جانبي لأميال كل يوم في الأسابيع والأشهر الأولى، كان بلا شك يجعلني أشعر أني بحال أفضل.
5- استمع للمريض دون أن تقدم له أي مشورة، إلا إذا طُلب منك ذلك، فزوجي وشقيقتي كانا يستمعان لحديثي إلى اللانهاية، ويصغيان إليّ بشغف وأنا أتحدث عن ذات الموضوع وأكرر نفسي مرارًا وتكرارًا، وأنقض على كل كلمة سقطت من شفاه الطبيب لأحللها وأقلّبها مئات المرات، ويستحملان نحيبي بقولي “ماذا لو” أو “فقط لو”، وينصتان لشكوتي من ظلم الحياة والقدر.
6- لا تقل لمريض السرطان “كن شجاعًا”، أو أنك لم تستطع مثله أن تتأقلم مع المرض، في حال كنت قد أصبت به سابقًا، فالشجاعة تتعلق بالاختيار، والشجعان هم الذين ينتقون خيارًا شجاعًا، ولكن مرضى السرطان لم يكن لديهم هذا الخيار، وعندما تكون مصابًا بهذا المرض، بعض الأشخاص سيرغبون بتصنيفك ضمن فئة مختلفة عنهم، فئة محفوظة لأولئك الأشخاص الأقوياء والشجعان الذين استطاعوا التأقلم مع السرطان، كما لو أن المرض يختار فقط الأشخاص الذين يمكنهم التأقلم معه، وأساسًا، هؤلاء الأشخاص يشعرون أنهم بحاجة إلى إبعاد فكرة أن هذا المرض قد يصيبهم بسهولة.
7- لا تقل لمريض السرطان بأنك تشعر بما يشعر به لأن والدك أو صديقك أو أحد معارفك أصيب بالسرطان، إلا إذا كنت قد أصبت به بنفسك، وحتى حينها، تجنب أن تقول للمريض هذه العبارة، لأن كل مريض يمر بتجربة مختلفة.
8- لا تقل لمريض السرطان أن ينظر إلى الأمور بإيجابية أو أن يبقى إيجابيًا، هذه قاعدة مهمة جدًا، فالشخص المصاب بالسرطان لا يحتاج حقًا لكي يشعر بأن عدم قدرته على التفكير بإيجابية هو خطأه الخاص، ففي أغلب الأحيان سيشعر المريض عكس هذا الشعور تمامًا، وكثيرًا ما سيستيقظ في الساعة الثالثة صباحًا في الوقت الذي يكون به الجميع نيامًا، وسيشعر أن الظلال المليئة بالكوابيس تخيم عليه وحده، وسيغمره شعور بالرعب القاتل الذي لم يختبره على مدى كامل حياته، لذا لا تضع هذا النوع من الضغط على المريض.
هذه بالطبع مبادئ عامة، عممتها بالاستناد كليًا على تجربتي الشخصية، ومشاعر عدد قليل من المرضى الذين تحدثت معهم، وقد تكون هذه التوجيهات غير ملائمة إلى حد بعيد لبعض المرضى الآخرين، لذا اعتمد دائمًا واسترشد بغرائزك ومعرفتك الشخصية بالمريض، وإذا استطعت أن تتوقف للحظة، في محاولة لوضع مشاعرك الخاصة جانبًا، والتواصل مع المريض، فعلى الغالب لن تجري الأمور بالاتجاه الخاطئ.
المصدر: هافينغتون بوست