الأم تلمس يد صغيرها وهي تأخذه إلى الحضانة، أنت تشد على يد صديقك عندما تذهب إلى عزاء شخص عزيز عليه، الأحباء يصهرون أيديهم ببعض، اللمس ينقل رسائل لا مرئية كثيرة من الحب إلى الخوف، إنه واحد من أقوى وسائل الاتصال، الرسالة التي توصل للآخر تختلف بطريقة اللمس، لمسة خفيفة بين حافتي اليدين ربما تعني مشاعرًا سلبية، أما عندما يمسك طفل صغير بسبابة والده مثلًا فهذا ينقل مشاعرًا إيجابية، ما اكتشفه الباحثون أن هناك خريطة للمس، كل مجموعة توصل رسالة معينة، إصبع السبابة والجزء المتوسط من راحة الكف ينقل شعورًا بالحماسة، أما الشعور الحزين فينتقل عبر التحفيز البطيء والمعتدل لراحة اليد الخارجية ومنطقة الإصبع الصغير، ما الذي فكر فيه الفريق هنا هو، هل نستطيع إيصال هذه الرسائل دون لمس؟
هذه النتائج التي تم عرضها في مؤتمر CHI 2015 الذي عُقد يوم 21 أبريل في كوريا الجنوبية، توفر إمكانيات هائلة للابتكارات الجديدة في مجال التواصل الإنساني، كما تقول الدكتورة أوبريست من قسم المعلوماتية في جامعة ساسكس.
تقول الدكتورة أوبريست: تخيل زوجين تشاجرا للتو قبل أن يذهبا للعمل، بينما هي قلقة قبل الاجتماع يصل لها عبر سوار في يدها اليمنى إحساس لطيف منه يستهدف منتصف كفها، المكان المقصود بالضبط لهذا الإحساس، هذا الإحساس سوف يريحها ويعلمها أن شريكها لم يعد غاضبًا منها بعد الآن.
لقد سمعنا بالفعل عن التقنيات الجديدة التي تمكنك من الإحساس بشيء معين، مثل الروائح أو ملمس معين، لكن هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن تقنية تمكنك من الإحساس بالمشاعر، النظام الذي طوره علماء بريطانيون سوف ينقل مشاعرًا معينة إليك دون أن تلمس الصندوق حتى، فقط بالاقتراب منه، الجهاز الذي سمي SenseX يجعلك تشعر دون لمس عبر بواعث لموجات فوق صوتية، تضغط على نقط معينة في راحة يدك بالأشعة غير المرئية، كأن يدك تلمس شيئًا خفيًا يطفو في الهواء، لتشعر بشيء معين.
لكي يطبق الفريق هذا عمليًا قاموا بجلب خمس صور مختلفة، كل منها تسبب مشاعرًا مختلفة، ترواحت الصور من مشهد هادئ للأشجار، مياه صافية، مقبرة، سيارة مشتعلة، وساعة على الحائط، ثم قاموا بتكوين موجات فوق صوتية تصدر من الجهاز لتحاكي المشاعر التي أثارتها الصور، وضبطوا مكانها واتجاهها وترددها وشدتها والمدة التي استمرت بها.
بعد ذلك جلب الفريق مجموعة ثانية، عرضوا عليهم نفس المجموعة من الصور، ثم عرضوهم للأشعة فوق الصوتية على أيديهم، وطلبوا منهم أن يحددوا متى يعتريهم الشعور الذي أحسوا به عندما كانوا يشاهدون الصور، مثلًا، حدد متى تشعر بنفس الضيق الذي اعتراك عندما رأيت المقبرة.
أخيرًا، جاءت مجموعة ثالثة لترى كل صورة، عرض كل شخص منها لعشر أحاسيس متتابعة دفعة واحدة، وطلب منهم تقييم هذه المحاكاة للمشاعر، عندما قيموا المشاعر المرتبطة بكل صورة اختاروا نفس المحاكاة التي اختارتها المجموعة الثانية عندما شاهدوا الصور.
تعتقد قائدة الفريق أن هذا الجهاز عندما يتطور سوف تكون له تطبيقات عملية كثيرة، وهي ترجو أن تشمل هذه القدرة إرسال رسالة عاطفية بدون كلمات لشخص آخر، أو تضيف بعدًا إضافيًا للألعاب أو الأفلام، أو حتى ترسل الشعور بالحماسة إلى أيادي الراقصين في الحفلات أو النوادي الليلية.
ليس هذا فحسب، بل إنها ترجو أن تضيف لها يومًا حواس أخرى يمكن توصيلها بهذه التكنولوجيا مثل التذوق أو الشم، مجلس الأبحاث الأوروبي قام بتسليم الفريق مليون جنيه إسترليني كمنحة بحثية لهم لتوسيع أبحاثهم.