استغرب لمن يوجه النداء إلى عبد الملك الحوثي لتسجيل موقف مشرف وتجنيب البلاد والعباد التشرذم والمعاناة، يا هؤلاء الأمر أشد من ذلك والسيد معذور لأن اتفاق التعاون المشترك الهادف إلى إسقاط اليمن كان قد أُبرم بين علي صالح والسفير الإيراني ولم يكن الحوثي الصغير إلا حارس على باب الغرفة، لكنه ارتقى ليصبح تارةً أداة بيد علي صالح للانتقام من ثوار 2011 وتارةً أداة بيد إيران لفرض النفوذ وحرث الأرض كما تزعم وتمدد الإمبراطورية الفارسية والضغط على السعودية للتعامل معها كقوة مهيمنة على المنطقة.
الحوثي الصغير يعذر لأن القرارات المصيرية تصدر من قم وليس من مران، ومن لديه شك في ذلك فليجب على هذا التساؤل البسيط: ماذا استفاد اليمنيون أو حتى الحوثي نفسه من المناورات العسكرية التي قام بها على الحدود السعودية رغم تعامي السعودية على ممارساته من دماج إلى صنعاء؟ وأنا هنا أجزم أن الحوثي لا يعرف الهدف من تلك المناورات حتى الآن، رغم أنه كانت أمامه فرص للتقارب مع المملكة السعودية وهذا ما ترفضه إيران جملة وتفصيلا لأن ذلك سيكون على حساب نفوذها الإقليمي.
وقد يتوقع البعض أن إيران تريد الحوثي أن يحكم اليمن بشكل قانوني وبصورة شرعية وهذه نظرة باعتقادي قاصرة لأن إيران تتجه نحو تخدير شعوبنا العربية بالطائفية للانغماس في حروبٍ أهلية لا تبقي ولا تذر، وقتل الضعيف بالقوي وإضعاف القوي بالضعيف ولا يهمها سني كان أو شيعي، وتتمتع طهران بالنفس الطويل في إدارة الحروب التي تبعد عن حدودها الجغرافية مثل سوريا واليمن وحتى منطقة شمال العراق “السبية”.
لم تسع طهران لحكم لبنان رغم وجود الولد المطيع “حزب الله” وذلك لإدراكها بتبعات تصدرها للحكم سواء الاقتصادية منها أو السياسية فضلاً عن رفض اتباعها من قِبل شعوب المنطقة، كما تنهج إيران سياسة تجويع الأتباع بغية شعورهم بالاحتياج للمركز” طهران الفقيه” ليتسنى لها التسلل للمنطقة عبر تلك الجماعات.
والعراق خير مثال عندما وجدت إيران نفسها أمام حكومة عراقية لها علاقاتها الخاصة بدول الإقليم كدول الخليج وتركيا وحتى القوى العالمية مثل الولايات المتحدة حسب قانون المصالح المتبادلة، حينها اضطرت طهران إلى تأسيس ميليشيات مسلحة أو ما يسمى “بالحشد الشعبي” أكثر تبعيةً وولاءً لها والضغط على حكومة المركز بقبولها كمؤسسة حكومية حيث تعتبر الآن هي يد إيران حتى على الحكومة العراقية نفسها رغم ولائها ورغم سيطرة التيارات الشيعية عليها.
فالأمر أكبر من الحوثي وما هو إلا حلقة في سلسة مشروع أطلقت عليه إيران اسم “شخم زدن زمين” وتعني بالعربية “حرث الأرض” والمقصود إزالة كل ما على الأرض تمهيدًا لزراعتها من جديد وتحويلها لولاية إثني عشرية شيعية، وهي تدرك جيدًا أن الحوثي مجرد حصان تمتطيه للوصول إلى هدفها الفارسي البحت.
فهل يعقل أن عاقل يحلم بحكم شعب يكفر جزءًا منه ويقتل الجزء الثاني ويخون الثالث ويهجر الرابع ويسجن الخامس، هذا بالإضافة إلى شق صفه وتمزيق روابطه والقضاء على اقتصاده وأمنه وبعد كل ذلك يطلب منه الطاعة، ناهيك عن أنه مجرد عبد مأمور لا يملك من أمره شيئًا، لا أعتقد أنك “الحوثي” في المكان الصحيح لتجد شعب بهذه المواصفات وهذا التبلد فهل تدرك أنك في اليمن الذي نعرفه وليس الذي تعترف به إيران.
قاتل هتلر لأجل الألمان وقاتل أتاتورك لأجل الأتراك فمن يقاتل بشار ولأجل من؟! ومن يقاتل الحوثي ولأجل من؟!
لا أعتقد أن الحوثي يمتلك القرار للانحناء للعاصفة أو حتى أن يشتكي من حرارتها، كما فعل حزب المؤتمر أمام عاصفة الربيع العربي أو كما فعل الإصلاح عند سقوط صنعاء لكنك فعلاً ثور الخرقة الحمراء تراهن إيران بعدوانيتك وقتلك لليمنيين.
نعذرك إن لم تعقل وأعذرنا إذا عقلناك، حفاظًا على مستقبل أجيالنا لأننا نريد أن نبني لنعيش وأنت تريد أن تهدم لتموت أنت، وداعًا لك ولطائفتك التي قدمتها على الوطن فالأشخاص زائلون والوطن باق ما بقي الليل والنهار.