بعدما دافعت عنه، فهمي يقاضي الجزيرة ويطالبها بـ100 مليون دولار

فع

عقد الصحفي محمد فهمي مؤتمرًا صحفيًا للإعلان عن رفعه دعوى قضائية ضد شبكة قنوات الجزيرة أمام القضاء الكندي، من خلال الممثل القانوني له هناك “جوانا جالاسون” التي حضرت ذلك المؤتمر الذي عقد في وسط القاهرة.

فهمي المتهم في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “خلية الماريوت” التي قضى على إثرها 411 يومًا في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية هو وزميليه العاملين في قناة الجزيرة الإنجليزية “بيتر جريست” و “محمد باهر”، كانت النيابة المصرية قد وجهت إلى المتهمين في هذه القضية اتهامات بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون لتعطيل أحكام العمل بالدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، واستهداف المنشآت العامة، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر عن طريق المواد المصورة من مصر. 

فهمي المصري سابقًا، الكندي حاليًا بعد تنازله عن الجنسية المصرية إثر وعود بالإفراج عنه من جهات سيادية إذا تنازل عن جنسيته المصرية، طالب الصحفي في دعواه القضائية بتعويض مالي من شبكة قنوات الجزيرة 100 مليون دولار نظير ما تعرض له من أضرار نفسية وجسدية  بسبب سجنه على خلفية انتمائه للشبكة التي عملت بخلاف القانون في مصر.

فهمي ومحاميته زعما أن ممارسات الشبكة غير المسؤولة في تبني الدفاع عن الرئيس السابق محمد مرسي والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين رغم أن القانون المصري صنفها كجماعة إرهابية، هي السبب الرئيسي في اعتقال فهمي وباقي زملائه من طاقم الجزيرة الإنجليزية، وحمل فهمي شبكة قنوات الجزيرة تبعات اعتقاله والأضرار التي لحقت به.

بحسب المؤتمر الصحفي الذي أقامه محمد فهمي تحت عنوان “الصحافة ليست نشاطًا سياسيًا”، يعد بذلك قد فتح النار على القناة التي كان يتعاون معها في مصر والتي دشنت حملة خصيصًا تحت عنوان “الصحافة ليست جريمة” للدفاع عنه وزملائه في هذه القضية، لكنه بعد اعتقاله بدأ في مسلسل التنكر للشبكة معتبرًا إياها سبب اعتقاله، رغم تأكيدات الجزيرة مرارًا أن اعتقال طاقم عملها جاء على أسباب سياسية.

فهمي بعد خروجه من السجن وفي مؤتمره هذا شن هجومًا على الصحفيين الشباب المعتقلين معه في القضية وفي قضايا أخرى رافضًا الاعتراف بهم كصحفيين قائلا ” ليس من المنطقي اعتبار كل من يمسك جهازًا لوحيًا، ويصور تظاهرة معارضة صحفيًا في حال القبض عليه”، حيث اتهم قنوات الجزيرة بأنها خرقت العقد الذي أبرمته معه، ولم تقم بتعويضه عن الرسوم القانونية التي دفعتها للمحامين، بالرغم من رفضه توكيل المحامين الذين أرستلهم الجزيرة للدفاع عنه وزملائه في القضية، كما واصل فهمي شن الهجوم على الجزيرة متهمًا إياها بالبعد عن معايير الاتزان والمهنية في تغطية الأخبار المتعلقة بمصر كونها انعكاس للسياسة القطرية المتبعة مع مصر.

وعلى الجانب الآخر ذكرت مصادر من داخل شبكة قنوات الجزيرة أنه في اليوم الذي ألقي القبض عليه كان متعاونًا مع الجزيرة الإنجليزية ورغم ذلك أقامت الشبكة له حملة إعلامية مساندة له في القضية تضامن معها العالم كله، وكانت أحد أسباب الضغط للإفراج عن الصحفيين المعتقلين في القضية.

كما ذكرت مصادر آخرى أن رغم تهجم محمد فهمي على الشبكة طيلة فترة حبسه فإن مرتبه كان ساريًا بل وتضاعف أثناء فترة الاعتقال، فضلا عن تعويضه عن نفقات علاجه أثناء الاعتقال، كما أن الشبكة وكلات محامين للدفاع عنه وهو ما رفضه شخصيًا، كل هذا يتنكر له فهمي الآن مطالبًا بتعويضات مالية ضخمة من الشبكة.

في حين أكدت معلومات أن عمل محمد فهمي والفريق المرافق له المكون من زميليه الاسترالي الجنسية “بيتر كريست” و ” محمد باهر” بعد انسحاب كافة طواقم الشبكة من مصر عقب الانقلاب العسكري كان بعلم الحكومة المصرية ولم يكن مخالفًا للقوانين كما يروج فهمي بعد خروجه من السجن.

الأمر الذي استهجن أيضًا هو مهاجمة الصحفي محمد فهمي زملائه النشطاء الصحفيين المتعاونين مع القنوات الفضائية، وكأن الرجل قد قصر مهنة الصحافة عليه فقط، بعد نزعه صفة الصحافة عن كل صحفي غير مقيد في شبكة كبرى أو متعاون معها مثله، وكأن ليس هناك من سجن من الصحفيين في مصر سوى محمد فهمي.

فسر البعض الأمر بأنه غير مرتبط بالمهنية المزعومة التي يتحدث عنها فهمي، فهو نفسه وقع في كل ما يدينه، فهو آخذ في تأييد نظام يقمع الصحفيين من أول يوم للانقلاب العسكري في مصر، وبعد أن قبض عليه أخذ الصحفي في إرسال خطابات التأييد للسلطة الحاكمة، بل وتبرع للصندوق الذي أنشأه السيسي لجمع تبرعات للدولة، ولم يكتفي بذلك بل قام بالتنازل عن جنسيته أملا في الإفراج عنه، وهو ما تجاهلته الحكومة تمامًا وأفرجت عنه مع باقي زملائه دون أن يؤثر ذلك في سير قضيته.

بعد هذا الانحياز الواضح من الصحفي محمد فهمي يتحدث بعدها عن المهنية والحيادية، ويطالب من الجميع مجراة كل ما يقوله، وكافة أفعاله منذ اعتقاله تنافي هذا الحديث المعسول، فهمي الذي تحدث إلى الكاتب الصحفي روبرت فيسك بعد خروجه من السجن، واتضح من حديثه أنه خرج بانطباعات سياسية يريد سحبها على قضيته الإعلامية، فقد خرج الرجل ليتحدث عن الإسلام السياسي وخطره فجأة، ثم يتحدث أنه في صف الدولة المصرية التي حبسته الآن.

مثل هذه الأحاديث الصادرة عن فهمي لا يمكن اعتبارها إلا في إطار محاولات عبثية للخروج من أزمته التي واجهها في السجن، ولكن فهمي وصدمته في السجن جعلته يتصرف بشئ من عدم العقلانية والاندفاعية، فرغبته الشديدة في الإفراج عنه، جعلته يجري هائمًا في اتجاه تأييد السلطة التي حبسته وصادرة حريته، ظنًا منه أن هذا الأمر سيخفف وطأة ما هو فيه.

على عكس ما فعله بيتر كريست المتهم في نفس القضية الذي أفرج عنه وتم ترحيله إلى بلاده، ليمارس عمله بشكل طبيعي تماما، دونما أن يؤثر عليه الأمر كما أثر على فهمي، وهو السر خلف هذه التصرفات التي تتنكر لكل من دافع عنه في محنته ليقف في صف من سجنوه.