بدأت يوم الثلاثاء مراسم الهدنة الإنسانية التي حددتها قيادة التحالف العربي والتي تمتد لخمسة أيام ابتداءً من الثلاثاء 12 مايو 2015 وحتى السبت 16 مايو.
الهدنات الإنسانية على مر تاريخ الحروب لم تكن سوى إعادة لترتيب صفوف الطرفين كسبب أول، ومواجهة الغضب المسلط عن وضع الإنسان في منطقة الصراع كسبب يروج أنه الوحيد.
مشاهد عدة جرت في أحداث متسارعة كما هي العادة، كاد يبدو أبرزها أن الحوثيين قصفوا منطقة نجران مرة أخرى تزامنًا مع وصول المعدات العسكرية السعودية إلى الحدود في خطوة هي الأولى من نوعها خلال الحرب التي دخلت شهرها الثاني، غير أن مشهد آخر كان هو الأجدر بالصدارة، كان هو الأعنف والأكثر حيوية وصدى، وهو انفجار جبل نُـقُــمْ وهو أحد أضخم جبال العاصمة القابع في جنوبها المحتوي على مخازن سلاح ضخمة والمحاط بعدد كبير جدًا من المناطق الآهلة بل والمكتظة بالسكان.
الانفجار كان بسبب قصف طائرات قوات التحالف لأحد أكبر مخازن السلاح الموجود في العاصمة صنعاء، النار المتولدة من الانفجار مع الدخان المصاحب لها كانت هي صاحبة القمة الأعلى في العاصمة حينها، الأمر الذي سمح للجميع، – وأنا أعني كلمة الجميع – بمشاهدتها في منظر مروعٍ لم تشهده العاصمة من قبل.
هكذا أنهى سكان صنعاء نهارهم، نار ودخان وشظايا وصواريخ واهتزازات شديدة بدت كتلك التي ترافق الزلازل العنيفة والتي لا يعرف عنها أهل اليمن شيئًا سوى اسمها.
أهالي الأحياء المجاورة للجبل سوادهم الأعظم هم من الطبقة المتوسطة وما دونها، كثير منهم من أولئك الذين يعتبرون شراء جهاز جديد للبيت من الأمور التي تسبب عجزًا لميزانية السنة وليس فقط الشهر! هم أيضًا من كان لهم النصيب الأكبر من شظايا السلاح الذي انفجر والذي خلّف كوارث مادية وبشرية لم تحصَ بعد لانشغال من هناك بالهروب لللامكان والذي يعد في كل حالاته أفضل من البقاء بالقرب من جبل يقطنه هدف مستهدف.
كمية الصواريخ المكدسة داخل المخزن كانت كثيرة بما يكفي لتنطلق في أرجاء العاصمة ناشرة بعض من الرعب الذي لا ينقص المواطنين في كل حالاته وأوقاته، مخلفة بهذا ضحايا مادية وبشرية لقوم ليس لهم طائل بتحملها في معظمهم.
عاصفة الحزم التي جاءت لتُخلص اليمنيين من ضرر مغدق، ها هي تهبهم بعض من العذاب بلا مقابل، سانحة الفرصة للحوثيين بكسب مزيد من الأنصار، لوجستيًا على الأقل.
لا أقصد بهذا أن الطيران أو أن التحالف لا يأبه للأرواح البريئة التي لا علاقة لها بالحرب، لكن يصعب لمن لا يجد الكهرباء لبيته ولا غاز لطهو طعامه ولا بترول لسيارته أن يحتمل العاصفة أكثر إن طاله الأذى في أحد من أهله أو في بيته.
عادت قناة اليمن لشرعيتها وعادت وكالة سبأ الرسمية للأنباء ولكن الكهرباء لم تعد، فلا المواطن قادر على مشاهدة الحقيقة ولا على مشاهدة تحذير أو نصيحة من هنا أو هناك، كل ما هو قادر على فعله هو سماع قصف طيران التحالف، وضربات مضادات الطيران التابعة للقوى الانقلابية والتي لا تصل للطيران في كل حالاتها ومشاهدة النيران الناتجة عما سبق.
فرج الله غم هذه الأمة.